على مشارف الذكرى الرابعة والخمسين لانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، إنطلاقة حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" لا نرى حديثًا أنسب وأجمل من حديث الوحدة الوطنية، الوحدة التي طالما قالت "فتح" إنها وحدة النضال في ساحات النضال، محصنة بأطرها الشرعية، وقرارها الوطني المستقل، فلا وصاية ولا تبعية ولا إحتواء، وهذه هي عناوين الإرادة الوطنية التي جسدتها فتح بانطلاقتها المجيدة.

والوحدة الوطنية اليوم وأمام التحديات المصيرية التي نواجه، لم تعد هي وحدة فصائل العمل الوطني فحسب، وإنما وحدة كل القوى الاجتماعية في إطار تعزيز الخيار الديمقراطي، باعتباره الطريق الوحيدة للنظام السياسي والحكم الرشيد، وإعتبار صندوق الإقتراع صندوق الوحدة الأمثل المعبر عن إرادة الشَّعب، الذي من شأنه وقف مغامرات التجريب الحزبية، المحمولة على شعارات بلاغية فحسب، والأخطر المحمولة على تمويلات خارجية، ولغايات غير وطنية، وحتَّى لا يكون هناك أي مجال للشرذمة والفرقة والانقسام.

صندوق الإقتراع، صندوق وحدة لتعظيم مسيرة النضال الوطني في دروب الحرية، والمضي قدمًا بالمشروع الوطني التحرري، لتحقيق أهدافه العادلة، بدحر الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة دولة فلسطين المستقلة، بعاصمتها القدس الشرقية، وباقرار الحل العادل لقضية اللاجئين.

وصندوق الإقتراع، هو صندوق الشرعية، ولا يخشى هذا الصندوق سوى أصحاب البرامج الحزبية الضيقة، والأجندات الخارجية، وبوسعنا أن نؤكد اليوم والشرعية الوطنية، الدستورية والنضالية، تحرس هذا الصندوق، وتدعو إليه إمتثالا لقرار القضاء الدستوري الذي أفتى بحل المجلس التشريعي المعطل، للخروج من عتمة الإنقسام البغيض وإجهاض مخاطره المدمرة، بوسعنا أن نؤكد أن الشرعية بقيادتها الحكيمة، وديمقراطية زعيمها الرئيس أبو مازن، إنما تمنح الوحدة الوطنية منظورًا جديدًا بعيدًا عن الشعارات الحزبية وغاياتها الإستهلاكية، منظورًا يكرس الخيار الديمقراطي للتعبير عن إرادة الشعب الذي هو مصدر كل السلطات.

على مشارف الذكرى لا نسمع غير نداء الوحدة، وهو اليوم ينطلق من القدس درة التاج الفلسطيني، وأيقونة الثبات النضالي على المبادئ الوطنية، ونسمعه من قطاع غزة المكلوم وهو يحرض على ضرورة إنهاء الإنقسام البغيض الذي ما زال يخلف مرارات وعذابات لأهلنا هناك طالت ولا بد أن تنتهي، ونسمع نداء الوحدة هنا في ساحات المقاومة الشعبية السلمية، في مختلف نقاط التماس مع الاحتلال الإسرائيلي وضد حواجزه العسكرية المقيتة على حافات مدننا وقرانا وبلداتنا في المحافظات الشمالية، ونسمع نداء الوحدة نداء للشهداء البررة، وللأسرى الأبطال، وللجرحى البواسل، ونسمعه بواقعية شديدة نواحًا للمرأة الثكلى وهي تطلب الوحدة عزاء بمن فقدت من زوج وأخ وأب وابن قضوا شهداء في مسيرة النضال الوطني، لا ينبغي لصوت أن يكون الآن غير صوت الوحدة، ولا شيء غير الوحدة، وهذا ما تقوله لنا مشارف الذكرى الرابعة والخمسين لإنطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، إنطلاقة "فتح".