تقرير: جويد التميمي

في إطار سعي سلطات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين الحثيث والمتواصل تهويد الحرم الإبراهيمي الشريف وسط مدينة الخليل، نصب مستوطنون تحت حماية قوات الاحتلال، اليوم الاثنين، شمعدانا ضخما على سطح الحرم، احتفالا بما يسمى عيد الأنوار "الحانوكاة".

ويأتي نصب الشمعدان الذي يعتبر في عرف الاحتلال شعارا رسميًا إسرائيليًا، تزامناً مع ارتفاع وتيرة اعتداءات سلطات الاحتلال والمستوطنين واستباحة الحرم الإبراهيمي الشريف وساحاته الخارجية، وتكثيف اقتحامه وأداء شعائر وطقوس تلمودية فيه.

واعتبر مدير الحرم ورئيس سدنته الشيخ حفظي أبو سنينة نصب الشمعدان، إساءة لمعلم إسلامي، مؤكدا عدم أحقيتهم بوضع هذه الرموز على المقدسات الإسلامية، وأن الاحتلال أصر على الإبقاء عليه حتى انتهاء "عيد الأنوار".

وشدد أبو سنينة، على أن السيادة في الحرم الإبراهيمي شأن فلسطيني بحت، وأن سلطات الاحتلال ومستوطنيه، يمارسون حربا شرسة على المقدسات بلا هوادة، ما يتطلب من الأمتين العربية والإسلامية والمجتمع الدولي التدخل العاجل للجم هذه السياسة الإسرائيلية، ووقفها، وفضحها في كافة المحافل الدولية، والمنابر الإعلامية.

وناشد أبو سنينة المنظمات الدولية والعربية والإسلامية التدخل السريع لوقف هذه الممارسات التصعيدية والخطيرة من قبل الاحتلال الهادفة إلى الاستيلاء على المقدسات.

وكانت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "اليونسكو" أعلنت في باريس بتاريخ 7-7-2017 أن البلدة القديمة في الخليل أصبحت "منطقة محمية"، بصفتها موقعا "يتمتع بقيمة عالمية استثنائية"، وذلك في أعقاب تصويت سري على إدراج الخليل على لائحة التراث العالمي.

وأدرجت "اليونسكو" في حينها البلدة القديمة في الخليل على لائحتين هما لائحة التراث العالمي، ولائحة التراث المهدد.

وبتاريخ 10-10-2018 اعتمد المجلس التنفيذي للمنظمة الدولية قرار فلسطين المحتلة والمؤسسات التعليمية والثقافية التي تعبر عن ضرورة حماية وصيانة الآثار والثقافة والتعليم في أرض دولة فلسطين المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وإظهار الانتهاكات الإسرائيلية ضد المواقع التراثية والثقافية والطبيعية الفلسطينية، خاصة المدينة القديمة في القدس، والحرم الشريف، وكنيسة المهد، ومسجد بلال بن رباح في بيت لحم، والمدينة القديمة والحرم الإبراهيمي في الخليل، وقطاع غزة، والإشارة إلى ما ترتكبه إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، من جرائم في الخان الأحمر، من تدمير للمدارس، وحرمان الأطفال الفلسطينيين من المسيرة التعليمية وغيرها من الانتهاكات التي تقع ضمن اختصاص منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو".

وبتاريخ 26-6-2018 اعتمدت لجنة التراث العالمي التابعة لــ "اليونسكو"، خلال اجتماعها الـ42 المنعقد في العاصمة البحرينية المنامة، قرارين هامين حول مدينتي القدس المحتلة والخليل، بالإجماع، الأول يتعلق بحالة الحفاظ على بلدة القدس القديمة وأسوارها، والثاني يخص حالة الحفاظ على بلدة الخليل القديمة، وطالب القرار المتعلق بالقدس سلطات الاحتلال بالكف عن الانتهاكات التي من شأنها تغيير الطابع المميز للمدينة، وعليه يبقي القرار القديم للقدس وأسوارها مدرجة على لائحة التراث العالمي المهدد بالخطر، وكذلك الأمر بما يخص بلدة الخليل القديمة التي تضم الحرم الإبراهيمي حيث تبقى بسبب الانتهاكات الإسرائيلية على لائحة التراث العالمي المهدد بالخطر أيضًا.

يذكر أن لجنة إعمار الخليل، ومديرية الأوقاف الإسلامية، انتزعت العام الماضي، قرارا عبر محاكم الاحتلال الإسرائيلي يقضي بإزالة الشمعدان الضخم الذي نصبه المستوطنون على سطح الحرم الإبراهيمي الشريف في ذلك العام.

واعتبرت اللجنة آنذاك، نصب الشمعدان من قبل المستوطنين في 13/12/2017 على سطح الحرم الإبراهيمي الشريف، انتهاكا صارخا ومسّا بحرية العبادة بمكان مقدس للمسلمين، وسعيا لتهويد الحرم الإبراهيمي بالكامل وتحويله إلى كنيس يهودي للعبادة، ضاربين بعرض الحائط عروبته وإسلاميته وتاريخه العريق ومكانته الدينية السامية لدى المسلمين، وقد استغل المستوطنون المناسبات الدينية التلمودية للفت الأنظار نحو الحرم الإبراهيمي الشريف عبر نصب الشمعدان، الذي يرمز إلى عيد الأنوار لديهم لكسب التعاطف الديني اليهودي في دولة الاحتلال والعالم، ووجوب تحويل الحرم بالكامل إلى كنيس يهودي يحج إليه اليهود من مختلف الأماكن.

وتجدر الإشارة إلى أن سلطات الاحتلال اغتصبت القسم الأكبر من الحرم الإبراهيمي الشريف وسلمته للمستوطنين بناءً على توصيات لجنة "شمغار" التي تشكلت بعد مجزرة الحرم الإبراهيمي عام 1994. كما تتعمد سلطات الاحتلال إغلاقه طيلة فترة الأعياد اليهودية بموجب قرارات هذه اللجنة.

ومنذ المجزرة المذكورة، مارس المستوطنون وسلطات الاحتلال كل أشكال التعدي على الحرم الإبراهيمي وانتهاك قدسيته، حيث استبيحت قاعاته وساحاته لإقامة الاحتفالات الدينية والمناسبات الاجتماعية، وكذلك رفعت الأعلام الإسرائيلية على واجهاته، وأعلنت حكومة الاحتلال ضمه للائحة التراث اليهودي، كما تم تضييق الخناق على الزائرين والمصلين المسلمين عبر إقامة عدة بوابات الكترونية ودولابية حديدية تعرقل دخول المواطنين والزوار إليه.