عندما يقر الكنيست قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين ستنعقد المسؤولية الجنائية على السلطتين التنفيذية والتشريعية وبالتأكيد القضائية في إسرائيل التي ستقرر الحكم بإعدام فلسطيني أسير، وهذا يعني أننا نحن الفلسطينيين أفرادا ومؤسسات وقيادة سياسية شرعية تمثل الشعب الفلسطيني سنمتلك الحق القانون بمقتضى القانون الدولي لرفع قضايا ودعاوى قضائية لدى محكمة الجنايات الدولية، والى ذلك الوقت سنقاضي إسرائيل لدى محكمة العدل الدولية، لأن منظومتكم التشريعية تسن وتشرع قوانين مخالفة لروح ومضامين القانون الدولي، ولأنكم بهذه القوانين تحاربون مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

"رب ضارة نافعة"، مثل شعبي عربي يصل إلى مرتبة الحكمة إذا أسقطناه على القضية الفلسطينية، باعتبار النفع اللامباشر من قوانين دولة الاحتلال العنصرية وضررها الظاهر علينا إلا أننا نقولها بملء الفم.. شكرًا نتنياهو.. شكراً ليبرمان.

شكراً لكما لأنكما أتيتما في اللحظة التي كنا نحتاجها لتعرية سياسة حكومتكما ودولتكما، "شكرا!!" لكما لأنكما أتيتما أسرع مما كنا نتوقع، فنحن كنا على يقين أن إسرائيل ستصيبها كارثة عندما يتولى سدة الحكم فيها احمق مستبد مستكبر برؤية عنصرية، لكن مجيئكما واستحكامكما بقرار إسرائيل السياسي والأمني قبل تحقق حلم نتنياهو برؤية دولة إسرائيل وقد بلغت عمر المئة عام سيجعل آماله مجرد أضغاث أحلام .. وهذا لن يكون بفعل سقوط وانهيار داخلي وإنما بفعل وقوة ضغط نضال وكفاح الشعب الفلسطيني فانهيار مشروع الاحتلال الاستعماري العنصري الإسرائيلي وانتصار المشروع الوطني الفلسطيني حقيقة نؤمن بحتميتها أبدا.

"شكرا ليبرمان" فأنت صاحب مقترح مشروع قانون إعدام الأسرى.. و"شكرا نتنياهو" لأنك سمحت بتمرير المقترح ليكون موضع نقاش قبل دفعه للكنيست و"شكرا!!" لكما معا لأنكما ستتيحان الفرصة لنا بمقاضاة أعضاء الكنيست الذي سيقرون هذا المشروع، وأنتما على رأس القائمة بحكم مسؤوليتكما المباشرة، أما ضباط جيشكم وجنودكم الذين سينفذون أوامركم فسيكونون عرضة لملاحقة جنائية دولية ما داموا أحياء.

شكرا نتنياهو.. شكرا ليبرمان وشكرا لما يسمى برلمان إسرائيل (الكنيست) لأنكم بهذا القانون الثالث المكمل لقانوني (القومية) و(الولاء في الثقافة) ستكتمل أضلاع مثلث برمودا الإسرائيلي فخر ابتكارات سياستكم العنصرية، مثلث صنعتموه بأيديكم سيبتلع ما كنتم تروجون أنها واحة الديمقراطية الفريدة في صحراء الدكتاتورية في الشرق الأوسط .

سيكتشف العالم حقيقة مفاهيمكم ورؤيتكم ونظرياتكم ومنهجكم الناظم لسياستكم المدمرة لاستقرار وأمن المنطقة والسلام فيها، عندما يعلم انه في زمن اتجاه الديمقراطيات في العالم لإلغاء عقوبة الإعدام ستمضون انتم في الاتجاه المعاكس لحركة الفكر الإنساني وحقوق الإنسان لتكريس هذه العقوبة على مناضلين فلسطينيين شرع لهم القانون الدولي حق مكافحة احتلالكم واستعماركم واستيطانكم ... ف"شكرا!!" لكم على فضح عوراتكم بأيديكم.

ليبرمان ونتنياهو يظنان إنهما بقانون إعدام الأسرى سيبطلون مفاعيل اتفاقيات جنيف الأربع، وتحديدا الثالثة التي كفلت حقوقهم وحقوق عائلاتهم باعتبارهم مقاتلين من اجل الحرية، ويدافعون عن شعبهم وأرضهم، ويظنون أنهم بهذا القانون سيحولون الأسرى الفلسطينيين إلى مجرد سجناء جنائيين، ما يتيح لهم تشريع سرقة أموال الضرائب الفلسطينية التي سيقتطعونها بقانون، والتي ستعادل قيمة المخصصات الشهرية التي تدفعها السلطة الوطنية لعائلات الشهداء والأسرى وذويهم ..لكن ليبرمان ونتنياهو المأخوذان بعقلية الانتقام والإرهاب المادي والمعنوي لا يدركان أن حكومة دولة الاحتلال إسرائيل ومجتمعها المضلل سيدفعان ثمن هذه السياسة عاجلا أو آجلا، كما دفعها حكام جنوب أفريقيا من قبل، أما من ناحيتنا فنحن نمتلك القدرة على تجاوز الضرر الذي سيصيبنا من قوانينهم الجريمة لأننا ما زلنا في فلك القانون الدولي وهو بمثابة الجاذبية اللازمة لحفظ توازن حركتنا ، والبيئة الضرورية لإحياء قضيتنا في عالم الضمائر الإنسانية.

شكرا نتنياهو.. شكرا ليبرمان لأنكما البرهان والمثال على ابتداء زمن هبوط مشروعكم الاحتلالي الاستيطاني وترديه ، فقوانينكم هذه سترسم الخط الفاصل الزمني والمكاني بين ارتقاء مشروعنا الوطني الفلسطيني المدني التحرري الديمقراطي الإنساني الحقيقي، وتراجع وعيكم الاستعلائي ألاستكباري العنصري، فالإنسانية التي نحن جزء لا يتجزأ منها تتقدم بالعدالة، أما من يتبنى سفك الدماء والإرهاب والاحتلال واغتصاب حقوق الشعوب ويشرعنها بقوانين فان هبوطه حتمية تاريخية.