في نيسان من كل عام يطاردنا الحضور الدائم للشهداء... في نيسان من كل عام يحضر فينا الشهداء الاحياء من الأسرى في يومهم المستمر والطويل.
في نيسان يحضر... أبو جهاد ومن قبله الكمالان وناصر والآن يوم الأسير... في نيسان تحضر فلسطين وحركتها الفلسطينية الوطنية الفتحاوية  وحتماً هناك أخرون.
في هذا النيسان... رحل عنا القائد عثمان أبو غربية... (التنظيم) أهم ما كتب أبو غربية ولكننا الآن بحاجة الى أن نطبق ما فيه اكثر مما سبق... رحل عنا عثمان أبو غربية في نيسان ليجعل من هذا الشهر قصة فقد وخسارة، ورحلت عنا لاحقا الأخت ربيحة ذياب مناضلة فتحاوية صلبة قدمت نموذجاً مشرفاً للمرأة الفلسطينية، وجميعهم رحلوا في نيسان (أبو جهاد).
هل من الممكن أن نكتب في شهر نيسان بدون أن نتطرق لهم ولخسارتنا؟؟ هل لنا أن نكتب بدون أن نكتب عنهم... وبدون أن نحيي ذكراهم الخالدة  فينـــا لتبقى هذه الذكرى، وليستمر هذا الحضور، ولينتقل من جيل الى آخر.
هذا واجبنا، ويجب أن نقوم بواجبنا...
في عالم الذكريات كان يوماً عجيباً عصيباً، يوم 16/4/1988 حيث كنت في طريقي الى المدرسة عندما أبلغني صديقي (نائل) بأن أبو جهاد أستشهد في تونس في عملية اغتيال.
يومها قلت له كيف ذلك وهو نائب القائد العام للثورة الفلسطينية!!! صمت (نائل) وصمت أنا كذلك.
في المقابل ما جعلني أستوعب الحدث هو فلسطين...
فلسطين جعلتنا نستوعب الحدث، فلسطين بانتفاضتها الكبرى، جعلتنا نفهم ما حصل حيث جاء الرد من فلسطين...
 في ذلك اليوم  استشهد  في فلسطيناً 16 فلسطيني، انتفضت الأرض ومعها الشعب، انتفض الحجر والشجر حزنا وغضباً... في ذلك اليوم اشتعلت الأرض غضباً على هذا الإغتيال ومن قام به.
يومها شعرت بأن شعبنا يرد على رسالة أبو جهاد الاخيرة له... يرد عليها عرفاناً وحباً، يومها حول شعبنا هذا الحدث الأليم الى مكسب وطني، رد شعبنا على رسالة أبو جهاد الأخيرة  واستمر الهجوم كما أراد.
تابعنا يومها الحدث المؤلم.. بحزن وإحباط ومن ثم بفخر شديد بتفاعل هذا الشعب مع قيادته، كانت (حماس) نفس (حماس) الآن لا فرق، كانت تشكك بعلاقة منظمة التحرير الفلسطينية بالإنتفاضة وبدورها في الإنتفاضة، وكانت تحاول شق الصف الوطني من خلال رفضها للإنضمام للقيادة الوطنية الموحدة، كانت حماس وكما هي الآن تزايد على التحرك السياسي للقيادة الفلسطينية وتزايد على القائد الرمز أبو عمار بتوجيه إتهامات له ولكنها وعندما استشهد القائد المعلم أبو جهاد صمتت، صمتت لما شاهدته من تفاعل فلسطيني مع الحدث وصمتت لما علمته عن الشهيد وحبه للناس وحب الناس له، صمتت حماس عندما شاهدت كل حركات التحرر في العالم  تتفاعل مع الشهيد بالتعبير عن استنكارها وحزنها وألمها وخسارتها.
صمْتُ حماس وفرحة الإحتلال الإسرائيلي بما حصل كان تعبيراً عما يمثله الشهيد الرمز خليل الوزير (أبو جهاد) رحمه الله، هو صاحب مدرسة الاخلاق، الهادئ  المؤمن المستمع الجيد، هو المخلص وبل هو أبرز مؤسسي مدرسة الإخلاص والأخلاق في حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وهذا لا يقلل من دور الأخرين أبدا" ولكن الأخ أبو جهاد تميز في هذا المجـــــــــــال .
إستمعوا لصحبه، إستمعوا لهم ولاحظوا تلك اللمعة في عيونهم عندما يفتقدونه، إستمعوا لما يقول القائد محمود العالول (أبو جهاد)، أنصتوا لمحمد المدني، راجعوا ما قاله الدكتور محمد حمزة، اقرأوا  الكتب التي كُتبت عن الشهيد القائد أبو جهاد وأهمها (أول الرصاص أول الحجارة للدكتور محمد حمزة).
لقد ترك الشهيد القائد أبو جهاد في صحبه أثراً اكبر من أن يمحوه الزمن وترك فينا أثراً أكبر من أن يجعلنا قادرين على ان نكتب في إبريل فلا نكتب عنه وله لأنه فلسطين في نيسان ولأنه حركة فتح في نيسان، بلا مبالغة هو فلسطين كلها في نيسان وهو حركة "فتح" بكاملها في نيسان، نيسان أبو جهاد سيبقى خالداً فينا بالكمالين وناصر وبالشهداء الأحياء من الأسرى.
نيسان أبو جهاد يزداد فينا حزنا برحيل القائد عثمان أبو غربية وبرحيل ربيحة ذياب.
هو شهر الرحيل... شهر الشهداء والأسرى.. نيسان أبو جهاد.
أبو جهاد... أحبه الناس فبقي فيهم قيمة وذكرى لن تزول، رحم الله القائد أبو جهاد ...
28 عاماً من الحضور و28 نيساناً وما زالت الذكرى تكتسب زخمها حباً ووفاءً وثورة ورغبة بالحرية والسلام.