حلت يوم الخميس الماضي الذكرى الـ51 لتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وهي ذكرى وطنية غالية على قلوب وعقول كل ابناء الشعب وقطاعاته وطبقاته وفئاته وشرائحه كلها باستثناء اعداء الهوية والشخصية الوطنية، الذين عملوا، وما زالوا يعملون على تقويض دورها ومكانتها السياسية لأكثر من اعتبار وسبب، منها: اولا لاجهاض المشروع الوطني؛ ثانيا لخدمة الحسابات الفئوية الضيقة، والأجندات الاقليمية والدولية؛ ثالثا لخلق بدائل ظلامية وتفتيت وحدة الشعب؛ رابعا لدفن وتبديد آخر ما تبقى من الانجازات الوطنية.. وغيرها.
في ذكرى المنظمة الـ51، تملي المصلحة الوطنية العليا، العمل على الآتي: حماية المنظمة من عوامل التآكل الداخلي والخارجي، والحفاظ على دورها ومكانتها كممثل شرعي ووحيد، وقطع الطريق على كل المحاولات البائسة، التي تستهدفها كوطن معنوي للكل الفلسطيني حيثما كان، وتعزيز دورها القيادي عبر تفعيل مؤسساتها ودوائرها، واحداث إصلاح جدي وشامل في بنيتها الادارية واللوجستية وآليات عملها وانتظام اجتماعاتها الدورية وعلى المستويات المختلفة، بحيث تكون العنوان الأول والأساسي للقرار السياسي، وبذل جهود مكثفة لاستيعاب القوى السياسية الفاعلة في الساحة (حركتا حماس والجهاد الاسلامي) بغض النظر عن التقديرات لدور وخلفيات تلك القوى، وكيفية قراءتها لوجودها في المنظمة، وما ترمي اليه خاصة حركة الانقلاب الحمساوية، التي سعت منذ تأسيسها على استهداف (م.ت.ف)
وفي ذكرى تأسيس المنظمة، تفرض المسؤولية على الكل الفلسطيني، تسجيل التقدير للرئيس الأول لها، المناضل الكبير احمد الشقيري، الذي لعب دورا مهما في تطوير مهمة ومكانة منظمة التحرير، وبذل جهودا متميزة لاخراجها من دائرة الدور، الذي رُسم لها في اوساط أهل النظام العربي الرسمي. كما تلقي المسؤولية على قيادة المنظمة عموما خاصة الرئيس محمود عباس، إعادة الاعتبار لدور الرجل ولكل أقرانه في اللجنة التنفيذية الاولى، الذين حملوا راية الوطنية، وأصلوا للنهوض بالشخصية الفلسطينية، ووضعوا المداميك الاولى لبناء صرح الممثل الشرعي والوحيد للشعب، رغم كل الألغام والتعقيدات والصعوبات، التي واجهتهم.
لعل ذكرى بناء وتأسيس منظمة التحرير، تكون الفرصة المناسبة في خضم التعقيدات، التي يواجهها المشروع الوطني، وحالة التشرذم والانقسام الداخلي لاجراء مراجعة شاملة للسياسات وآليات العمل القائمة بهدف إحداث نقلة نوعية في مسيرة الكفاح التحرري الوطني وعلى كافة المستويات والصعد، لأن المراوحة في ذات المكان، وبنفس الأساليب يضعف ويهبط بمستوى المواجهة للتحديات الذاتية والموضوعية، لأن تأقلم وتعود القوى المختلفة المتربصة بالمنظمة والشعب والمصالح العليا على النهج وأدوات وآليات العمل الاستاتيكية، يسهل عليها وضع الخطط والسيناريوهات الكفيلة بالالتفاف عليها، والحد من آثارها وتداعياتها السياسية وغير السياسية.
الضرورة الوطنية تفرض استشراف المستقبل بارادة ووعي جمعي نوعي لقلب الطاولة على كل الرؤوس، التي تستهدف وحدة الأرض والشعب والنظام السياسي الديمقراطي التعددي والمشروع الوطني المتمثل باقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين على أساس القرار الدولي 194، وحماية حقوق ومصالح ابناء الشعب الفلسطيني حيثما كانوا خاصة داخل الخط الأخضر من خلال دعم توجهات وسياسات القوى السياسية الفلسطينية في الجليل والمثلث والنقب، وهذا شأن فلسطيني وليس شأنا إسرائيليا خاصا.