في لقائه مع وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي، موغريني مطلع الاسبوع، اعلن بنيامين نتنياهو، انه "لم يتراجع عن موقفه بشأن، التسوية، وخيار الدولتين، ولكن شرط الاقرار بيهودية الدولة الاسرائيلية". واضاف "انه على استعداد للتفاوض مع القيادة الفلسطينية على حدود المستوطنات، التي ستبقى جزءا من إسرائيل". هذا الموقف "اراح" موغريني، وعقبت بالقول: "ان الكلام لا يكفي، ونريد ان نرى خطوات على الارض". وكأن لسان حالها، يقول: ان ما ذكره نتنياهو، "يشكل خطوة ايجابية" على طريق السلام؟!
ممثلة الامن والسياسة الخارجية الاوروبية، لم تنتبه للغم، الذي وضعه رئيس وزراء إسرائيل في موقفه المعلن. المتمثل في تقديم حدود المستوطنات الاستعمارية على الاقرار المسبق بخيار السلام وحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967. وهذا التقديم لم يكن اعتباطيا، بل يأتي لحصول دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية على "الضوء الاخضر" الفلسطيني، بالسماح لها بالبناء في المستعمرات كلها، لا سيما وانه في حال حصوله على "الموافقة المبدئية" من القيادة الفلسطينية بالبناء في وعلى ارضهم، دون ان يحصلوا على الاقرار الصريح والواضح: اولا بالاستعداد لدفع استحقاق عملية السلام؛ ثانيا الالتزام الكامل بالانسحاب من اراضي الدولة الفلسطينية المحتلة عام 1967 وفي مقدمتها القدس الشرقية، عاصمتها الابدية؛ ثالثا الالتزام بالسقف الزمني، الذي وضعته القيادة الفلسطينية الموافق عليه دوليا، الانسحاب النهائي من اراضي الدولة الفلسطينية في العام 2017؛ رابعا الافراج عن اسرى الحرية، الذين اعتقلوا قبل اوسلو، خاصة الدفعة الرابعة ومن اعيد اعتقاله لاحقا من صفقة "شاليط". فكأنهم "منحوه صك "الغفران" عن جرائمه، وعن رفضه لخيار السلام، وعن مواصلة البناء الاستعماري، وتجسيد خيار الترانسفير للفلسطينيين.؟! وهو ما لا يقبل به اي فلسطيني.
القراءة المتعجلة للسيدة موغريني لموقف نتنياهو، اوحت لها، انه "جاد" في توجهه السلمي. وهي تعلم، انه بالامس وفي الذكرى الـ 48 لاحتلال القدس الشرقية، عاصمة الدولة الفلسطينية، وفي احتفال رسمي وبحضور الرئيس الاسرائيلي رؤبين ريفلين، اعلن على الملأ "ان القدس ستبقى موحدة، وانه لن ينسحب منها". وذات الموقف أكده ريفلين وغيره من قادة الدولة الاسرائيلية. أضف الى ان تصريحه، الذي اعلنه على الملأ عشية الانتخابات في اذار الماضي، الذي اكد فيه، إذا اعيد انتخابه لرئاسة الحكومة الاسرائيلية، فلن يسمح باقامة الدولة الفلسطينية؟! في ضوء ذلك، نتطلع الى ان تعيد السيدة موغريني قراءتها لتصريحات نتنياهو المخادعة.
نتنياهو الذي يريد من خلال ابداء الاستعداد للتفاوض على حدود المستعمرات الاسرائيلية المقامة على الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 67، خلط الاوراق، والحصول على ضوء أخضر فلسطيني لمواصلة البناء في المستوطنات، وايهام العالم بانه "مستعد للتفاوض" مع الفلسطينيين، وايضا لقطع الطريق على التوجهات الدولية، خاصة الاوروبية بتوسيع ورفع سقف المقاطعة لاسرائيل، وايضا للحؤول دون تقدم فرنسا ومن معها من الاوروبيين باي مشروع قرار دولي في مجلس الامن يفرض انسحابا إسرائيليا من الدولة الفلسطينية المحتلة عام 67، اضف الى انه بما طرح، يريد ان يتهرب من الاستحقاقات الاساسية الاخرى كحق العودة للاجئين الفلسطينيين، القدس، الحدود بشكل عام، والثروات الطبيعية والاسرى، وبالتالي إدخال القيادة الفلسطينية في دوامة التفاصيل ومن ثم تحميلها مسؤولية اي فشل عن العملية السياسية.
القيادة ممثلة بالرئاسة اعلنت بشكل واضح، انها ضد ما ينادي به رئيس حكومة اليمين المتطرف الاسرائيلية. لانها تدرك جيدا ابعاد مخطط نتنياهو واقرانه في الائتلاف الاكثر تطرفا في تاريخ اسرائيل. لكن الاعلان لوحده لا يكفي، والمطلوب فلسطينيا التواصل مع القيادات الاوروبية المختلفة لقطع الطريق على مخطط زعيم الليكود، وحث الدول والاقطاب الدولية على مواصلة جهودها بالضغط على اسرائيل من خلال عزلتها وفرض المزيد من العقوبات عليها لالزامها باستحقاقات عملية السلام.