بسم الله الرحمن الرحيم

{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ }  صدق الله العظيم

 

" بيان صادر عن قيادة حركة فتح – إقليم لبنان" بمناسبة الذكرى الثامنة للنكبة التي أَصابت مخيم نهر البارد.

 ونحن نتحدث عن نكبة نهر البارد لا ننسى مسلسل النكبات الذي عاشته مخيماتنا في سوريا.

قبل ثماني سنوات وتحديداً صباح 20/5/2007 يوم الاحد استفاق اهالي مخيم نهر البارد على قصف تدميري شامل لمختلف احياء المخيم، وجاء هذا التطور العسكري والامني مفاجئاً للأهالي، وللجيش اللبناني المتواجد حول المخيم، وللجوار اللبناني. والمعروف ان مخيم نهر البارد تحديداً لم يشهد مثل هذه الاعمال العسكرية ومثل هذا الخراب سابقاً، وهذا التدمير بعكس باقي المخيمات في لبنان التي عاشت اياماً سوداء ودفعت الاثمان غالياً، وهذا ما رأيناه في مخيمات الجنوب، ومخيمات بيروت، وايضاً مخيم البداوي.

من أجل ذلك كان وقْعُ المأساة كبيراً، ومرعباً، ومُدهشاً، خاصة انه خلال ساعات قليلة بعد توقف القصف كانت قوافل الاهالي الاطفال والنساء والشيوخ يغادرون المخيم مذهولين هرباً من الموت الذي كان يلاحقهم من بيت الى بيت، تركوا البيوت، وتركوا كل ما يملكون من اموال وممتلكات، ووثائق، تركوا بيوتهم العامرة، مغادرين هذا المكان الذي عاشوا فيه مطمئنين منذ العام 1949 ، وقد بات طموحهم ان يجدوا مكاناً يأوون اليه مع اطفالهم ونسائهم، مع جرحاهم، ومرضاهم، يبحثون عن مكان يستطيعون فيه ان يدفنوا موتاهم، تركوا الدور العامرة ليعيشوا في خيام ، او في غُرف في المدارس، او في المخازن، او في قاعات المساجد.

صباح ذلك اليوم 20/5/2007 قامت مجموعة من تنظيم "فتح الاسلام" الذي ينتمي الى القاعدة بارتكاب مجزرة بحق موقع الجيش اللبناني الموجود على مدخل المخيم، حيث تم اقتحام مهجع الجنود وهم نيام، وتم قتلهم بطرق بشعة .

سبعة وثلاثون الفاً من اهالي مخيم نهر البارد شُرِّدوا، وكأنهم يشهدون نكبة شبيهة الى حد بعيد بنكبة الشعب الفلسطيني العام 1948 في الخامس عشر من ايار.

الحمل كان ثقيلاً على الاهالي والهموم كانت كبيرة، فإضافة الى مشكلة السكن الضاغطة، هناك مشكلة العلاج المتفاقمة، ومشاكل الترميم والاغاثة، ومشاكل التعليم الجامعي والثانوي والتكميلي والابتدائي، ومشاكل الماء والكهرباء، والبنية التحتية. ثم بعد انتهاء المعارك واعلان الجيش سيطرته على الوضع العسكري، بدأت مشاكل من نوع آخر مع بدء السماح للاهالي بالعودة الى بيوتهم المهدَّمة لإلقاء نظرة الوداع عليها قبل جرفها في المخيم القديم لتصبح اثراً بعد عين. ثم بدأت معركة شرسة وهي معركة اعادة اعمار المخيم. بعد الجرف مباشرة، نزل أصحاب الارض التي استأجرتها الانروا في العام 1949 لمدة تسعة وتسعين عاماً ليعلنوا انهم يريدون ارضهم بعد ان لم يعد هناك مخيم على ارض الواقع، وانتصر اهالي المخيم ومعهم الفصائل وايضاً الانروا والاصدقاء الذين دعموا موقفنا عندما ضغطوا على الحكومة لتوافق على استملاك الارض المخصصة للمخيم.  وحلُّ هذه الازمة كانت المؤشر الاول لإمكانية اعادة الاعمار، ثم جاء انعقاد مؤتمر في جنيف للدول المانحة التي تعهدت بدفع الاموال لإعادة الاعمار.

للأسف فإنه بعد مرور ثماني سنوات من العذاب، ومن الاجراءات الامنية المكثَّفة على مداخل المخيمات ، ومن المساعي الحثيثة السياسية المركزية، والاعتصامات الجماهيرية، والمذكرات، واللقاءات بين ممثلي المقاومة في منطقة الشمال مع قيادة المنظمة والسفارة، ومع الانروا، ومع القيادات السياسية اللبنانية، والتواصل مع السفارات لإنهاء تداعيات نكبة نهر البارد إلاَّ أنَّ هذه المأساة مازالت تتفاعل، والقضايا المطلبية تتراكم رغم الجهود التي تبذلها سفارة دولة فلسطين في لبنان والفصائل الفلسطينية للضغط على الانروا، وعلى الحكومة اللبنانية، ولعلَّ ابرز القضايا المطلوب حسمها وايجاد حلول لها هي:

أولاً: على كافة الاطراف الحريصة على الشعب الفلسطيني، وعلى قضية فلسطين ان تضغط على الدول المانحة، وعلى كافة الاطراف التي تعهدت بتأمين الاموال ان توفي بوعدها حتى يتم استكمال اعمار المخيم القديم، وحتى يعود اهله المشردين إليه، خاصة اذا ادركنا بأن الاعمار لم تتجاوز نسبته الخمسين بالمئة.

ثانياً : من الضروري الاسراع في اعمار الابنية المهدَّمة في المخيم الجديد وهي الاراضي المستملكة من بعض اهالي نهر البارد الذي اضطروا لشراء الاراضي بعد ان ضاقت ارض المخيم.

ثالثاً: ان الوضع الاقتصادي المأساوي الذي يعيشه الاهالي بعد ان فقدوا ممتلكاتهم، ومحالهم التجارية، واموالهم يستوجب من الانروا ان تسعى جاهدة وهذا هو دورها لتأمين العلاج الكامل للاهالي ريثما يعودوا الى بيوتهم، وليس تخفيض نسبة العلاج الى 50% كما فعلت مؤخراً خاصةً ان الجميع يدرك التكلفة الباهظة للعلاج . فبرنامج الطوارئ يجب ان يستمر.

رابعاً: من الضروري صرف التعويضات لأهالي المخيم الجديد الذين تضرروا بشكل كبير سواء في تدمير بيوتهم، أو محالهم التجارية، او احتراق الممتلكات والاسواق التجارية، وهذا ما شكل خسارة كبيرة للأهالي واصحاب رؤوس الاموال.

خامساً : ندعو الجهات المعنية ان تعطي الاولوية لأهالي مخيم نهر البادر في فرص العمل لأنَّ نسبة البطالة مرتفعة، وهذا له تأثير واسع على المستوى المعيشي.

سادساً: نأمل من الدولة اللبنانية اعادة الاراضي التي هي ملك لمنظمة التحرير الى اهالي المخيم كي يتم الاستفادة منها لصالح ابناء المخيم لحل الازمة الخانقة.

 

يا جماهير شعبنا في الشتات

ونحن نتحدث عن نكبة نهر البارد لا ننسى مسلسل النكبات الذي عاشته مخيماتنا في سوريا في خضم الاحداث الدامية التي تعيشها سوريا، وان ما شهده معظم المخيمات من تدمير وخاصة مخيم اليرموك وهو اضخم مخيمات الشتات حيث فرض عليه ان يكون ساحة معركة في معركة لاعلاقة له بها كمخيم فلسطيني اهله يتطلعون دائماً الى فلسطين وليس الى الانخراط في اي صراع عسكري في اي دولة عربية.

فكما عاش اهلنا في مخيم نهر البارد وضعاً كارثياً مأساوياً منذ ثماني سنوات، فاليرموك واهله والمخيمات الاخرى يعيشون مآسي الموت، والدماء النازفة، والجوع والعطش، والضياع، وبالتالي اضطرارهم الى الهجرة القسرية الى اوروبا ، وهذا ما لم يفكروا به سابقاً لأنهم كانوا يعيشون حياة استقرار واطمئنان.

ان المسؤولية الكبيرة تقع على عاتقنا اليوم من اجل رعاية اهلنا الفلسطينيين القادمين من سوريا، فالمصيبة واحدة، والهمُّ واحد. كما ان المطلوب من القوى الفلسطينية وخاصة منظمة التحرير الفلسطينية ومن خلال التنسيق مع مختلف الجهات اللبنانية تأمين الحماية لمخيماتنا في لبنان، خاصة مخيم عين الحلوة، والحؤول دون جرِّه الى الصراعات الدائرة سواء منها الاقليمي او الداخلي في الساحة اللبنانية، ونحن كنا ومازلنا نرفض ان نكون طرفاً في اية صراعات لأنَّ فلسطين هي همُّنا الاول، وهي القبلة النضالية للشعب الفلسطيني.

ولتعزيز هذا الجانب فإننا في حركة فتح ندعو كافة القوى الفلسطينية للإخلاص في تنفيذ اتفاق المصالحة، من اجل وحدة وطنية فلسطينية جامعة، هدفها حماية الشعب الفلسطيني اينما كان، ومواجهة الاحتلال الصهيوني لدحره ، واقامة الدولة المستقلة ذات السيادة الكاملة وعاصمتها القدس الشرقية، وتنفيذ حق العودة الى فلسطين التاريخية استناداً الى القرار 194.

المجد والخلود لشهدائنا الابرار.

والتحية كل التحية الى ابطالنا الاسرى الصابرين على العزل والتعذيب.

والتحية الى كل ابناء شعبنا في المخيمات، وشعبنا في كل اصقاع المعمورة.

وانها لثورة حتى النصر.

  حركة فتح- اقليم لبنان  21/5/2015