لفت نظري وأنا أقرأ بعض أشعاره وأرائه في الشعر حرصه على جمالية الأعمال الأدبية والنظر الى صناعتها الفنية كخزائن الأفكار من ناحية، وعدم الخلط بين ما هو شعر بحسب المفهوم التقليدي بكتابة القصيدة التي تحتوي على الوزن والقافية، وبين القصيدة الحديثة التي تندرج تحت لواء الشعر الحديث المسمى بقصيدة النثر أو النثر الشعري، فهو لا يخلط بين الأمرين، إذ يسمي الشعر النثري "بالنصوص"، وليس بالقصائد. مستشهداً برأي أبرز رواد هذا الشعر (محمد الماغوط) الذي قال: أنا أكتب نصوصاً فليسمها النقاد ما يشاؤون، ولن أغضب اذا قيل لي لست بشاعر، وإنما كاتب نصوص. ويقول التلاوي: لست أدري أي ضيرٍ يلحق بالكتابة الابداعية النثرية التي تقطر رقة وعذوبة وصدق وعاطفة وجمال تصوير إن سُمّيتْ مقالة أو خاطرة او نصا نثرياً.
فيصل سليم التلاوي من منطقة تل نابلس بفلسطين وهو شاعر وقاص وروائي، نشر العديد من القصائد والقصص القصيرة في الصحف والمجلات والمواقع الالكترونية صدر له على مفترق اليقظة (شعر)، يوميات عابر سبيل، لبلاد طلبت أهلها، النعاس يغشى المدينة (قصص قصيرة). وكر الزنابير، من يعلق الجرس (في الروايات). وكتب العقل في الكف، أراء ومواقف (مقالات).
عمل كمدرس في أقطار عربية مختلفة كالجزائر وليبيا والسعودية والاردن لمدة ثمانية وثلاثين عاماً، وهو من الشعراء الفلسطينيين المحافظين على نمط القصيدة التقليدي مع ادخال روح العصر واستخدام تقنيات تجسد أفكاره الحيوية في القصائد التي كتبها خصوصاً في الموضوع الوطني وتسخير هذا الارث في خدمة القصيدة الفلسطينية. يقول في احدى قصائده مدافعاً عن غزة ضد الحروب الهمجية التي تُشنّ عليها من قبل العدو الاسرائيلي نافخاً الروح المعنوية ممجداً صلابتها وتضحياتها.
قم حيّ غزة والثم جرحها الرطبا/ وعانق النّار والبارود واللهبا/ وقبّل الترب في الساحات من وله/ واستمطر الدم والنيران والشهبا/ وقلْ لها سلمت يمناك شامخة/ ما زادها الهول إلا عزة وإبا.
يتمتع الشاعر التلاوي بخصب الخيال والتجسيد الواقعي والاصالة معبراً عن هواجسه بنصوص شعرية وقصص وروايات ومقالات، هذا التنوع الادبي في تجربة التلاوي لا يقاس فقط بتعاطيه فنون الكتابة المختلفة، إنما يقاس بقيمة الصوت وحركة قلمه العميقة في التقاط القضايا الوطنية والتعبير عنها في مجالات مختلفة من فنون الادب. استطاع التلاوي أن يقدم نقلة نوعية في الالتزام بالمفاهيم الحقيقية للموضوعات والتعبير عنها باساليب معينة، سواء بنص  شعري، أو سردي يكون ثمرة تجربة اكتسبت قيمتها وأهميتها وجديتها من خلال الفعل الابداعي، ومعرفة جمالية مشتركة، بين خيال جامح، ولغة متخيلة، وذاكرة تحاكي اللغة والأمكنة والمعنى، لتكتمل عناصر الابداع وملامحه على خطوط النار من القضية الأم في طريق وعر يزداد صعوبة كلما أسرف الشعراء في الاضاءة على جوانب هذه القضية التي تتقاذفها السياسة. غير ان التلاوي تناغم مع الواقع الملموس بتجربة حياتية وثقافية متنورة روحياً ونفسياً بفيض من الحب والدفء، واخلاص يشعّ بالعطاء من أجل القضية التي هي رمز للتفوق والشعور بالحرية والمجد في كل كلمة أو عبارة مكرّسة لهذه القضية.