هذا شكر خاص للأخوة الأعزاء للفصائل الفلسطينية، وكل القوى الوطنية، والهيئات المستقلة في قطاع غزة، التي كانت الأسبوع الماضي، يومي السبت والأحد، شاهدا قويا وحاضرا ومؤثرا في المشهد المؤلم الذي اختلط في لحظة واحدة، حين وصل وفد حكومة التوافق الوطني في غزة، "حوالي اربعين وزيرا مع كوادرهم" واكتشفوا من اللحظة الأولى أنهم وقعوا فريسة لوضع شاذ، وضع الإقامة الجبرية في الفندق الذي نزلوا فيه، ممنوع عليهم الوصول الى وزاراتهم، ممنوع عليهم اللقاء مع معارفهم، واصدقائهم، ممنوع عليهم قبول الدعوة لحضور ندوة، أو قبول دعوة غداء او عشاء، الى ان فك الله كربتهم، وعادوا الى رام الله مجروحين وآسفين ولسان حالهم يقول: كله يهون في سبيل الشعب والقضية والمصالحة والخلاص من فحش الانقسام وسواد ايامه ولياليه، ولكن الفصائل الوطنية والاسلامية، والقوى والهيئات المستقلة، كانت تقوم بدور خيط الحرير الذي" يلضم" الحبات المتنافرة، والبلسم الذي يشفي الجراح، والترياق الذي يبطل السم القاتل، ذلك ان الفصائل في غزة حاولت بلا كلل على امتداد اكثر من اربع وعشرين ساعة الى ان عاد وفد حكومة التوافق الوطني بسلام.
وكان الجزء الثاني من المشهد، لا يقل إيلاما ولا صدمة، وهو مشهد اعلان حماس بصوت مسموع انها تريد ان تنفرد خارج الدستور الفلسطيني، وخارج القانون الفلسطيني، وخارج حكومة التوافق الفلسطينية، وفي ظل مجلس تشريعي معطل وفاقد الشرعية منذ الانقسام، لاصدار قانون ضرائب جديد وغريب اسمه قانون ضريبة التكافل الاجتماعي، وهو قانون يصيب الشعب الفلسطيني بمزيد من الاذى، أولا: لانه يكلف اهل غزة فوق ما يطيقون، وثانيا: لانه يسعى الى تكريس الانقسام مع ان الجهد المعلن ينصب على انهاء الانقسام ودفنه نهائيا حتى لا يعود ثانية ولو كره الكارهون.
الفصائل جميعها باستثناء حماس، بذلت جهدا على صعيد الوفد المحاصر بألا تتعمق الجراح، وبذلت جهدا على صعيد قانون الضريبة الجديد بألا يمر، وألا يصدر، فانتقدته بشجاعة وصراحة، مظهرة كل عيوبه ونقائصه وانعكاساته السلبية، وخلقت رأيا عاما واسعا ضد هذا القانون الانفصالي الانقسامي غير الدستوري وغير القانوني، الذي يصب على النار زيتا، ويضع في الجرح ملحا.
فشكرا لهم على وقفتهم وشجاعتهم وصراحتهم، ودورهم الذي نتمنى له ان يتصاعد ويعلو بعيدا عن حفر الإنقسام التي لا يسكن فيها الا المغرضون.