لا أحد يملك شجاعة عدم الإقرار  بدور حزب الله اللبناني ، في مقاومة الإحتلال الإسرائيلي ، والعداء لمشاريعه العدوانية التوسعية ، والعمل على إدارة المعركة الوطنية لهزيمته على أرض  لبنان ، ودفعه نحو التراجع أمام ضربات المقاومة والإنسحاب من الأراضي اللبنانية في أيار 2000 ، بعد إحتلالها لأكثر من عشرين عاماً بعد الإجتياح عام 1982 ، ولا شك أن سقوط الشهداء من علية الحزب وقياداته بدءاً من عباس الموسوي الأمين العام وزوجته وإبنه ، والشيخ راغب حرب ، وقائد قوات الحزب عماد مغنية ، الذين وصفهم حسن نصر الله على أنهم " عنوان ثباتنا وإنتصارنا " ، وكان له ولهم الدور الأساسي في تحفيز قواعد الحزب وجمهوره للعمل ضد المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي ونجاح إندحاره ، ولم يكن هؤلاء يتحدثون عن إسرائيل على أنها ستخرج من الجنوب وحسب ، بل كانوا يتحدثون عن رؤية ترى " أن إسرائيل ستنتهى من الوجود ، رغم أنها تحتل أرضنا وتسجن رجالنا ونساءنا ، وكنا في حالة ضعف وكانت هي الأقوى " كما قال أمين عام الحزب في ذكرى الشهداء يوم 16/2/2015 ، وهي دلالة إن لم تكن عملية ، ولكنها رمزية تشير إلى مدى رفض حزب الله لإسرائيل وعدائه لمشروعها الإستعماري التوسعي . 

ولكن حزب الله الذي يكن العداء لإسرائيل ، ولديه الممارسة الفعلية ضد مشروعها ، يؤمن بولاية الفقيه ويتمسك بها ، ويدفع ثمنها ، ويقبض من أهميتها ومكانتها ودورها ، وما إستشهاد الجنرال الإيراني ومعه جهاد عماد مغنية ، في عملية القنيطرة الإسرائيلية على أرض سوريا ، سوى تأكيد على العمل الثلاثي المشترك الذي يجمع إيران وسوريا مع حزب الله ، وتحالفهم إلى أقصى مدى مع بعضهم البعض  ، ويمكن ملاحظة ذلك بوضوح بالغ ، عبر  التوقف أمام عدة مضامين شملها  خطاب السيد حسن نصر الله يوم الشهداء 16/2/2015 :
أولاً : حول موقف الحزب من البحرين قال " نحن الأن في شباط ، حيث تمر الذكرى السنوية للإنتفاضة السلمية المدنية الحضارية لشعب البحرين الذين نوجه إليهم تحية إكبار وإعزاز على صبرهم وثباتهم ووعيهم وحكمتهم " . 

ثانياً : حول اليمن قال الشيخ حسن نصر الله " في اليمن هناك ثورة شعبية حقيقية لا يمكن تجاهلها ( يقصد ثورة الحوثيين ) ، وهذه الثورة هي التي تقف حقيقة في وجه القاعدة وفي وجه داعش التي تهدد الجميع ، والوثائق تتحدث عن أن مشروع القاعدة الأصلي كان السيطرة على اليمن والسيطرة على سوريا ، والإنطلاق من اليمن وسورية نحو مكة والمدنية " . 

ثالثاً : حول ما يجري في سورية والعراق ومصر وليبيا واليمن من قبل القاعدة وداعش يسأل نصر الله " ما هي الحرب والجبهات ؟ من يخدم هؤلاء ؟ لمصلحة من يقاتل هؤلاء ؟ وهنا ولأول مرة أجرؤ بقوة أن أقول : إبحثوا عن الموساد الإسرائيلي ، فتشوا عن سي . أي . إيه ، إبحثوا عن المخابرات البريطانية ، لم نرد أن نتكلم سابقاً عن نظرية المؤامرة ولكن الأن أقول إبحثوا  لأن كل شيء يخدم قوة إسرائيل ، وهيمنة إسرائيل على المنطقة ، وعلينا أن نلاحظ أن كل شيء يخدم قوة أميركا وهيمنتها على المنطقة تفعله داعش ، ويفعله التيار التكفيري " . 

وهذه المقتطفات من خطاب السيد حسن نصر الله ، إنما هي تعبير عن مواقف الحزب نحو القضايا الشائكة التي تجتاح العالم العربي ، وولاية الفقيه الإيرانية جزء من هذه العناوين ، وأحد أطرافها ، وأحد أبرز أدوات الصراع المحلية الأقليمية فيها ، وحزب الله الباسل في مواجهة العدو الإسرائيلي ، ومشروعه الإستعماري التوسعي ، لا يتردد في التعبير عن مواقفه نحو القضايا العربية من وجهة نظر ولاية الفقيه الإيرانية ، كأحد التنظيمات الإسلامية العابرة للحدود في العالم العربي . 

وما جرى في اليمن ، لهو تعبير أخر بقيادة حركة أنصار الله ، أو الحركة الحوثية ، وهي جزء لا يتجزأ من ولاية الفقيه الإيرانية ، وإمتداد لها ، فالشعارات التي يرفعها الحوثيون " الموت لأميركا ، الموت لإسرائيل " يقابلها الموت لكل من يُخالف توجهاتهم ولا يقر بدورهم ، ولا ينحني أمام برامجهم وتطلعاتهم . 

التنظيمات الإسلامية الخمسة العابرة للحدود في العالم العربي وهي : الإخوان المسلمون ، ولاية الفقيه الإيرانية ،  تنظيم القاعدة ، وحركة داعش وحزب التحرير الإسلامي ، تنظيمات معادية للأميركيين وللإسرائيليين ، ولكنها مع الأسف لا تؤمن بالتعددية ولا تقبل وجود الأخر ولا تحترم حقوقه ، ولا تؤمن بالديمقراطية ، وترفض الأحتكام إلى صناديق الإقتراع ، وهذه هي المشكلة التي تواجه شعوبنا العربية ، وسقوطها في مأزق الربيع العربي وتداعياته والنتائج التي أسفرت عنه ، فقد بحثت الشعوب العربية عن خلاصها من حكم الفرد والعائلة والحزب والطائفة وكل أشكال الديكتاتورية فإنتفضت وثارت منذ بداية العام 2011 ، لتقع تحت ضربات وبراثين وبطش تنظيمات أكثر تسلطاً  ، وأكثر رفضاً للديقراطية والتعددية ، وأكثر عداء لمعايير العصر وقيمه ، بما فيها  رفض تداول السلطة ورفض الإحتكام لنتائج صناديق الإقتراع