قال باكياً !!!
لقد اختار الموت علياً،،!!
قلت كفى هزلاً !                 
لا تسخر مني !!                       
عاد وكررها،                        
تخدرت أطرافي،
ما عدت أسمع تمتمته،،
كان صوت عويلي يعلو صوته،
هل وصل الموت إلى روحي،
في هذا العمر الندي ؟
قال أنسيت أنَّ لصوص الأعمار،
تختبئ  وراء الأبواب ؟
لا والله ما نسيتُ،،
ولكنّي كنت أظنُّ،،
أنَّ الموت مني يخجل !
ما أوقح هذا الزمن الأرذل!!
يختطف الزنابق،
ودوما يختار الأجمل!!!
طفلٌ راح يبحث عن أبيه،
تاه في أرضٍ يعرفها شبراً شبرا،
قالوا تاه!
قلت لا !!
بلْ أكلته ذئاب نجسة !!!
وحوش قطَّعت شجر اللوز،
وغرست مخالبها في الأرض،
كي تنهش لحم الطفل الآتي،
في عتمة الليل!!!
وحوش جُبلتْ،
من زفير الشياطين،
تعمدتْ بنار الحقد،،!
ما أكثر الذئاب في
هذا الزمن العاهر!!
ذئابٌ تنهش لحماً حياً،
وجرذانٌ تنهش ما تبقى...
كيف تنام أعينهم ؟
ألا تطاردهم عيون ضحاياهم ؟
ماذا يأتيهم في الأحلام ؟؟
أم أنهم ليسوا كالبشر،
من يحزُّ العنق مبتسماً،،
ليس من البشر!!!
سمعت بأن ذئباً بالأمس قد انتحر،
ما كان يقوى على النوم،
وما عاد يقوى على السهر،
ترى أعين مَنْ كانت تطارده !
أعيون سناءٍ أم هناء؟؟
لا فرق فالعيون سواء!
حتى وإن اختلفت الأسماء،
لا رحم الله،،
من سلب منكم العمر،
وشوَّه وجه القمر!!
في عمر الورد،
سلبوا مني الروح،،
وصلبوا بقلبي ألف مسيح!
لن أغفر لهم حتى،
لو ملَّكوني المطر والريحْ!!
من رحم الموت تأتيني،
ذكريات حفرت تعرجات،
في ذهني وروحي،
كيف أمحوها ؟؟!!
وقد باتتْ جزءاً منّي ؟
كيف انتزع جلدي
عن لحمي؟؟
كيف أبتر سبابةً ؟؟
أو أقلع من وجهي عيني ؟؟
دعوا ذكرياتي لي،
دعوها و دعوني أبكي،
كي يصفو ذهني،
دعوني أنبش فيها،
من حين إلى حين،
وأبكي وأبكي وأبكي،،
وأغسلها من الوحل العالق فيها،
علّني أرى وجه حبيبي جلياً،
وأجدلُ شعاع الطهر في روحه،
وأرى قنديل الحبِّ المشع في عينيه،
وأحس بحنان يده تحطُّ على كتفي،
دعوني أغسل ذاكرتي،
مما يشوبها من الرجس،
من وجه الموت المتعطش،
علَّني أسمع حبيبي يناديني،
علَّني أسمع كلماته بالترتيب،
وأشعر به منّي قريب،،
دعوني أبكي وأغسل،
ذاكرتي بدموعي،،
علَّني أرى تفاصيل بيتي قبل الخراب،
علَّني أرى وجه الذئاب،،
علَّني أستطيع أن أطالها أمزقها
وأغرس أظافري بأعينها!!
أسمع طلقات تعوي،
نباح كلاب مسعورة،!
وروحي تختزن الحزن،
مسحوقةً مقهورة،،
وشقائق النعمان على أطلال،
بيتنا منثورة،،
وأزهار فريدة الأشكال والألوان،
لها عبيرٌ نافذٌ غريبٌ،
كأنها أرض مسحورة،
أسمع أصواتاً وأحاديثَ،
بلغاتٍ لا أفهمها،
وصراخاً وعويلاً وبكاءً
آآآآآآهٍ يا أبتي،،،
أرى جثثا تئنّ تحت أقدامي،
كيف أسمع بكاءها ولا أبكي!!
في ليلة برد،،
كاد صقيعها يذيب قلب الشمس،
طويت أحزاني وأويت إلى فراشي،
صليت لربي أنْ يرحمني،
من ألمٍ ورؤى لا تفارقني،
بين صحوتي و وسني،
رأيت نوراً يتشكل أمامي،
صار وجهاً أعرفه،
له عينان أعشقها،
تفيض حباً وحناناً،
وشفاه لم تهجرها البسمة بعد،
هو والله عليٌ !!
جاء ليقبل جبهتي قبل النوم،
قفز قلبي مرتعشاً،
ودمع العين يدفئه،
مسح الدمع عن خدي،
تبسم النور في عينيه،
ألا تدري يا أختاه بأنّي،
متُّ لكي تحيا ؟؟؟!!!
سأمضي الآن يا أختاه،!
وأسكن قلبك الدامي،
أذوب في ثناياه،،
أداويه وأحييه،
وأبرئه من مآسية،
سأبقى في قلبكِ حيّاً،
ليبقَى الفرح عامراً فيه!
ذاب الوجه فيَّ وتوارى،
أنا التى وددت أن ألثم جراحاته،
وأن أقبل عينيه،
قبل أن يأوي إلى فراشه الأخير،
وأمسح دمع الصبح،
المتجمد على جبينه،
وأُسكت عويل الليل الذي يؤرقه،
عاد إليَّ هو ،،
ولثم كل جروح فؤادي،
داوى كل دمامل الأسى،
التي عاشت على قهري،
قلبي يسكنه شهيد!!!
قلبي وُلِدَ اليوم من جديد!!