حوار /امل خليفة- مع مواصلة اسرائيل حجز أموال الضرائب المستحقة للسلطة الفلسطينية للشهر الثالث على التوالي كثر الحديث حول احتمال وقف السلطة للتنسيق الأمني مع اسرائيل وما لبثت المسألة أن شقت طريقها للمجلس المركزي في منظمة التحرير الذي أعلن في بيان له عن قرار بوقف التنسيق الامني مع الجانب الاسرائيلي.للحديث عن هذه القضية وغيرها من القضايا الملحة على الساحة الفلسطينية، كان لقاء مع عضو اللجنة المركزية لحركة"فتح" د.نبيل شعث.


في آخر بيان للمجلس المركزي اصدر قرارًا بايقاف التنسيق الامني. فهل بدأ العمل بهذ القرار؟ وما الجوانب التي سيتم وقف التعامل بها؟
لقد عُقِد اجتماع للجنة السياسية للمجلس المركزي لمنظمة التحرير بحضور جميع مسؤولي الاجهزة الامنية في السلطة،ولكن التنسيق الامني لم يتوقّف حتى الان، بل تم الاتفاق على اعداد تقرير حول التنسيق الأمني وما ينفّذ في اطاره من الجانب الفلسطيني والجانب الاسرائيلي،وهذا التقرير لا يتعلّق بالجانب الامني فقط بل بكل ما يتعلق بعلاقة السلطة باسرائيل. وهنا اشير إلى أن اسرائيل لا تنفّذ شيئًا من جانبها حيث أنها لا تزوّدنا بأية معلومات، وتقتحم أراضي السلطة الفلسطينية يومياً وتعتقل من تريد وتخرج بغير حساب، في حين لا نستطيع نحن في حال وقع اي حدث امني في اي قرية مجاورة التدخل الا اذا اذنت اسرائيل لقواتنا بالتحرك، وبالتالي هذا يعد احتلالاً وعدم تطبيق لما جاءت به اتفاقية اوسلو.كذلك فالتنسيق الامني ينص على ان السلطة مسؤولة عن التحقيق مع اي شخص يخطط لعملية أمنية ما واتخاذ اجراءاتها بدون تسليمه لاسرائيل كما يُشاع،علمًا أن موضوع التنسيق لايشمل الجوانب الامنية فقط، فهناك الجانب المدني ولا سيما حركة سفر وتنقل الوفود والمواطنين، فنحن لا نسطيع الذهاب الى القدس مثلاً بدون التنسيق معهم، ومن هنا وصلنا الى نقطة لا يمكن فيها السكوت عن التجاوزات الاسرائيلية.


ماهي الخيارات المطروحة امام السلطة الفلسطينية في ظل التضييق الاسرائيلي؟
قرارنا هو عدم الذهاب لمفاوضات أخرى بالطريقة التي كانت سائدة،بل سنتسلّح بالمقاومة الشعبية وبالعزل الدولي في مواجهتهم في كل مكان في العالم عبر محكمة الجنايات الدولية،ومحكمة العدل الدولية،وفي مجلس حقوق الانسان،وفي الامم المتحدة،وعبر الدول الموقّعة على اتفاقية جنيف الرابعة لإلزام إسرائيل بتطبيقها، وسنطالب العالم بعزلهم، وقطع اي علاقات اقتصادية معهم،وبالاعتراف بدولة فلسطين على حدود العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفي الوقت نفسه المفروض ان نصعّد المقاطعة الداخلية والنضال الشعبي ضد اسرائيل.


ما رأيكم برد الفعل الإسرائيلي ضدنا إزاء سعينا للتوجه للمحافل الدولية؟ وما ردكم على تخوّف البعض من استغلال اسرائيل لعلاقاتها الدولية ونفوذها لتكون العنصر الأقوى  في مواجهتنا؟
لا شكّ ان اسرائيل ستقوم بالرد علينا بقطع رواتبنا أو الكهرباء او المياه، لمنعنا من التوجه للمحافل الدولية، ولن تتوقّف عن اجراءات للتصدي لنا بما في ذلك اغتيال قياداتنا او اعتقالهم، ومع ذلك فنحن في اي خطة حمائية نرجع الى عناصر تتعلّق بوحدة شعبنا وتماسكه والتفافه حول قيادته وقضيته.أمّا بالنسبة لرد فعل اسرائيل على خطواتنا فهي خائفة من العزل الدولي والمقاطعة والذهاب الى محكمة الجنايات الدولية التي قد تمنع رئيس وزارئهم ودفاعهم وخارجيتهم وكل جنرالاتهم من السفر الى اي دولة اوروبية لأن كل دول اوروبا موقّعة على ميثاق المحكمة.بالطبع اسرائيل تستطيع الضغط على بعض الدول لعدم التصويت على قرارات بصالحنا كالقرارات التي تذهب لمجلس الامن على عكس الجمعية العامة للامم المتحدة والتي نمتلك فيها اصواتًا اكثر.
علمًا أننا في لجنة المتابعة مع المحكمة الدولية قدّمنا أربع لوائح اتهام ضد اسرائيل للمحكمة، كان أبرزها قضيتين هما: المستوطنات لأنها جريمة حرب بالنسبة لاتفاقية روما، والجرائم التي ارتُكِبت ضد المدنيين في غزة في عدوان العام 2014.


هل ستخوض السلطة الفلسطينية مفاوضات مع اسرائيل بالمستقبل؟
لا مستقبل لمفاوضات مع اسرائيل حاليًا فهي لاتلتزم بالاتفاقيات الدولية ولا بحدود الـ67 ولا بالقدس عاصمة، ولا تقوم بوقف الاستيطان، وهي مستمرة بالاعتداء على القدس ولم تحدد موعدًا نهائيًا للانسحاب من الاراضي الفلسطينية، وهذه شروط أُقرّت من مجلس الامن، ولن نتخلّى عنها. اذا قبلت امريكا بهذه الشروط وشُكِّل مجلس من اوروبا وامريكا وروسيا والصين ونُفّذت طلباتنا فسنعود، وإلا فكيف سنذهب الى مفاوضات واسرائيل تقوم بسرقة الاراضي؟!


علامَ تدل إعادة انتخاب نتنياهو وحزبه في الانتخابات الاسرائيلية الاخيرة؟
تدل على العقل الاسرائيلي الحالي. وكلام نتنياهو الذي استغربه الناس عندما اصبح رئيسًا للوزراء حيث قال انه لا يريد دولة فلسطينية ولايريد التخلي عن القدس ليس بالجديد عليه، ورابين قالها قبله بأنه لايريد التخلي عن حوض نهر الاردن. وقد بات من الواضح أن المجتمع الاسرائيلي يميل الى اليمين المتطرف وذلك لأن المتديّنين من الاسرائيليين لديهم معدل انجاب أكبر من العلمانيين، ما ادى لارتفاع نسبتهم، كذلك فحوالي نصف مليون من المليون ونصف شخص الذين قدموا من روسيا ليسوا يهودًا ولكنهم يمينيون، وليس لديهم مشكلة بأن تحتل اسرائيل كامل فلسطين والسبب في ذلك حماية الولايات المتحدة لاسرائيل، ولهذا السبب لا نريد العودة لمفاوضات ترعاها الولايات المتحدة الامريكية وحدها لأنها راعٍ غير أمين وغير نزيه.وطالما أن المجتمع الاسرائيلي يدرك أن لا عقوبة ستحل بإسرائيل فإن الناخبين لن يغيّروا رأيهم.


هل هناك اي بوادر حل قريب لمشكلة حجز اسرائيل لأموال الضرائب؟
نتنياهو كان يخدع العالم في الفترة الماضية حيث انه قال بأنه سيتم الافراج عن الأموال بعد الانتخابات الاسرائيلية.فما علاقة اموال الضرائب بالانتخابات الاسرائيلية؟! وبما ان الانتخابات قد انتهت فسيخرج ويقول بعد تشكيل الحكومة. لذا من حقنا ان نطلب من اشقائنا العرب ان يحلوا محل اوروبا في دفع التزامات السلطة،فأوروبا مستعدة للمساعدة لكن على الاخوان العرب ان يقولوا اي شهر تتأخر فيه اموالكم سنقوم بالدفع وعندما تعيد اسرائيل المال ضعوها في صندوق القدس.


ما هي اهمية الاعترافات الدولية بدولة فلسطين؟
هناك 11 دولة تعترف بفلسطين كدولة كانت آخرها السويد، وقبلها ايسلندا،وقبرص، ومالطا، ودول شرق اوروبا،وجمهورية التشيك، وسلوفاكيا، وبلغاريا، وهنغاريا، وبولندا، وصربيا،والان هناك 10 دول اوروبية برلماناتها طالبت حكوماتها بالاعتراف بدولة فلسطين،آخرها ايطاليا، البعض من البرلمانات ملزِم للحكومة كإيطاليا ومنها غير ملزم بحسب الحزب الحاكم في الدولة، وهناك قرار من البرلمان الاوروبي بالاعتراف بدولة فلسطين وقرار بالاجماع من الاشتراكية الدولية يطالب بالاعتراف غير المشروط بدولة فلسطين على حدود الـ67 وعاصمتها القدس الشرقية،وهذه البرلمانات مُنتخَبة من الشعب وهي من تعطي أو تسحب الثقة من الحكومة.وهناك دول صوّتت بما يشبه الاجماع كما في ايطاليا بنسبة الثلثين وايرلندا بالاجماع، بالتالي هي قرارات لا تستطيع الحكومات التهرب منها.والان هناك موجة انتخابات في اوروبا والاحزاب الديمقراطية الاشتراكية تعدنا اذا تم انتخابها بأنها ستعترف فورًا بدولة فلسطينية على اراضي الـ67 وعاصمتها القدس الشرقية،وهذه خطوات تراكمية ستُفضي لإعلان دول أوروبا أن وجود إسرائيل ومستوطناتها غير شرعي. وهنا انوّه إلى أن الاعتراف بفلسطين ليس امرًا معنوياً فحسب فالعديد من الدول تطالب اسرائيل بالانسحاب وتدعمنا ماليًا، وهناك نية لمقاضاة اسرائيل على ما دُمِّر من مشروعات موّلها الاتحاد الاوروبي.


كيف تصف اجواء المصالحة؟
حقيقة هي مزعجة! إذ لا سبب منطقي لتأخرها بعد جميع الاتفاقات التي عقدناها واخرها اتفاق "الشاطئ" الذي وُقِّع في غزة بحضور فصائل منظمة التحرير الفلسطينية،والذي يضع خطوات واضحة مثل تشكيل حكومة لها مهمتان الإعمار والانتخابات، وكان من المفترض عند استلام د.رامي الحمدالله لمهامه ان تتسلم حكومته مهامها في غزة، لكنهم فوجئوا بأنهم ممنوعون من دخول الوزارات. وكان من المفترض أن يكون أول ما تتسلمه الحكومة هو المعابر بما ان الدول المانحة اصرت على استلام حكومة التوافق للمساعدات ولكن حماس ترفض تسليم المعابر وبالتالي هناك مناكفات تمنع عن شعبنا في غزة الإعمار السريع وتمنع امكانية فتح المعبر مع مصر بما انها على خلاف مع حماس المقربة من الاخوان المسلمين، لكن لما تورّط شعبًا بأكمله بسبب خلاف بينك وبين مصر؟! اما بالنسبة لموضوع الموظفين الذين يقع خلاف على من يدفع رواتبهم قامت سويسرا بجلب لجنة مختصة عاينت الوضع، وجمعت كفاءات الموظفين، ووجدت ان بالامكانية استيعاب الجميع وستوفر دفع رواتبهم بالاتصال مع مانحين الى حين استكمال هذه الدراسة، وقد قاموا بتوفير اول ثلاثة اشهر بمبلغ 30 مليون دولار دفعتهم قطر،ولكن حماس لا تريد هذا الحل لأنها تريد دفع رواتب كتائب القسام وباقي الاجهزة الامنية والا فالاتفاق لاغٍ،ونحن قلنا لهم بأنها خطوة اولى وبأن الموظفين يشكلون العدد الاكبر وسويسرا لا تستطيع تقرير ان تصبح كتائب القسام جزءًا من الامن الوطني،إذ حسب الاتفاق في مصر فإن من يقرّر هذا هو اللجنة الامنية التي هي برعاية مصر بناء على طلب حماس.


ولكن عندما ذهب د.الحمدالله للمرة الثانية الى غزة حسب طلبهم قبل ان يدخل غزة هُدّد بالقتل ونشرت شعارات تخوينية ضده في غزة، وتم استقباله على المعبر بطريقة غير لائقة..فما المنطق في كل ما يحدث؟!
لذا ففي هذه الفترة لنجرِ انتخابات بانتظار وقوف حكومة التوافق على قدميها وتسلمها مهامها كاملة لتستطيع جلب اللجنة الوطنية للانتخابات وتكون قادرة على حمايتها وتوفير الشرعية لها للتحضير للانتخابات.
ومنذ بداية الانقسام وانا ادعو للوحدة وعدم التخوين فلماذا كل هذه المناكفات خاصة أن ذريعة دفع رواتب موظفي غزة قد حُلّت بالنسبة لـ70 ألف موظّف، ولكن كيف سندخل الـ5 مليار دولار اذا لم تُفتَح المعابر؟ لذلك اطالب حماس بإنهاء هذه الاشكالات وتمكين حكومة التوافق من القيام بعملها وتسليم المعابر من اجل بدء ادخال مستلزمات الإعمار الى غزة من خلال مصر واسرائيل،ومن اجل ان نقوم بانتخابات وحدوية شرعية.
ما الذي ينتظر السلطة الفلسطينية في ظل تعثُّر الوحدة الفلسطينية والضغوطات الاسرائيلية والامريكية عليها في الفترة القادمة؟
السلطة تعمل على كل الجهات، فهي تعمل على انجاح الوحدة، وتقوم بجمع الاموال من العرب لحماية الشعب،وتفعّل المقاومة الشعبية، وتعمل على البناء،فنحن نعمل على كل المجالات ولكن لا نقدم على عمل قبل انجاز خطوة قبله، اي اننا لن نعمل على الاعترافات اذا لم تنجز المصالحة الفلسطينية او موضوع الاعمار. فعلى سبيل المثال نحن الان نعمل على مشاريع اغاثية إعمارية في غزة من خلال ترميم بعض البيوت القابلة للترميم ونعمل ايضا على موضوع الطاقة الشمسية بما ان محطة الكهرباء تحتاج الكثير من التأهيل بسبب قصف الاسرائيليين لها، وبمبلغ 200 دولار نستطيع انارة منزل بالطاقة الشمسية. وبالتالي الأولوية لهذه الأمور البسيطة ليستطيع الناس العيش حتى لو بأقل الظروف حتى يتم اعادة الاعمار. وبالطبع ستكون مهمتنا اسهل لو انجزت المصالحة وتحقّقت الوحدة الحقيقية في كل أماكن تواجد الفلسطينيين أكان في الشتات أو فلسطين وأراضي الـ48 حيث وحّد شعبنا نفسه هذه المرة من خلال الانتخابات، ومع ذلك لن نفقد الأمل لأن قضيتنا معقدة. فأنا ادرك ان المفاوضات فاشلة في هذه المرحلة لكن السلاح قد فشل ايضا إذ على مدى 30 سنة من الكفاح المسلّح لم نستطع تحرير الارض فذهبنا لموضوع الحل السلمي،والان اكتشفنا ان الحل السلمي بالطريقة الامريكية لا يحرر الارض لذا سنذهب للمواجهة الدولية والمقاومة الشعبية، والأمثلة عديدة على دول استغرقت عشرات ومئات السنوات لتتحرر كما الهند وجنوب افريقيا وغيرها.


الا تعدُّ قرارات اللجنة المركزية بخصوص وقف التنسيق الامني والامور الاخرى نسفًا لأوسلو؟
اوسلو بدأت بشيء وانتهت بشيء اخر لأسباب عديدة منها اننا اخطأنا، لكن هناك سببان رئيسان لفشل اوسلو؛ الاول هو التغير الذي اصاب العالم في تلك الفترة حيث اننا دخلنا اوسلو في اخر حقبة الاتحاد السوفياتي الذي كان يدعمنا وبانتهائه اصبحت امريكا حليفة اسرائيل هي القوة الحاكمة في العالم وحليفنا الاتحاد السوفياتي انتهى وهذه القوة عملت كل جهدها لحماية اسرائيل. اما السبب الثاني فهو التغير الذي حدث في اسرائيل حيث استلم الحكم في تلك الفترة حزب العمال الذي كان يتزعمه رابين والذي اعتقد بعد حرب الخليج وتغيرالظروف بالمنطقة وانتهاء عهد صدام حسين ان هناك حكمًا عربيًا مواليًا بالكامل لأمريكا، وبالتالي فرصة دعونا نعطي شيئًا للفلسطينين بالمقابل ستفتح لنا دول الخليج ابوابها للتجارة والاستثمار فكانت هذه مقايضة لحزب العمال الاسرائيلي لكن بقتل رابين هذا كان تغييرًا في اسرائيل، وهناك تغيير اخر حدث بازدياد يمينية الإسرائيليين وذلك على خلفية التغيير الديمغرافي الذي طرأ على المجتمع اليهودي كما أسلفتُ سابقًا، علاوةً على أن العالم العربي بعد حرب الخليج تضعضع، لذلك اوسلو كانت عملية سلام تدريجي على مراحل بدأ بغزة واريحا ثم الضفة وكانت من المفترض أن يُستكمَل بمفاوضات نهائية تنسحب اسرائيل على اساسها من الضفة وغزة،ولكن على خلاف ذلك بقينا بالمرحلة الاولى وتراجعت اسرائيل، وتحول بعد ذلك الى اتفاق خديعة لأن الاسرائيليين لم يلتزموا بشيء. وبالتالي علينا مواجهتهم ولكن موضوع الكفاح المسلّح صعب لانه كان بقواعد خارج فلسطين، مما يحتم انتهاج أسلوب جديد ألا وهو النضال والحراك والمقاطعة الشعبية وتغيير العلاقة مع الجانب الاسرائيلي والحراك دولي لحصارها وعزلها فالشعب الفلسطيني لا يكل عن ابداع اساليب جديدة لمواجهة هذا الاحتلال الصهيوني.