يستمر مسلسل حل أزمة مخيم اليرموك من جهة ، دون جدوى ، ودون وضع معايير واعتبارات إنسانية للاجئين الفلسطينيين المدنيين المحاصرين هناك ، ومن جهة أخرى يستمر مسلحو بيت أكناف المقدس التابعين لحركة حماس ونفر من مسلحي المعارضة السورية في جبهة النصرة بارتهان المخيم والأهالي الذين بقوا ، والذي يعتقد أن عددهم حتى الآن أصبح قرابة 13318 شخصا ، في حال عدم عودة المرضى الذين خرجوا منذ آخر كانون الثاني 2014 ، وهم 4682 حالة مرضية منهم ، وقد تم في ذلك الوقت حتى الآن إدخال 58738 سلة غذائية و 11618 سلة صحية ، حسبما صرح المدير العام لهيئة اللاجئين الفلسطينيين في سوريا علي مصطفى، وهي مقدمة من الأونروا ومنظمة التحرير الفلسطينية ووزارة الشؤون الاجتماعية السورية  .
ومؤخراً، وبعد انقطاع دام لمدة ثلاثة أشهر منذ بداية كانون أول 2014، تم توزيع  4000 طرد غذائي تقريباً في مطلع آذار 2015، مقدمة من قبل الأونروا وبإشراف الحكومة السورية ومنظمة التحرير وهيئة اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، ولأول مرة، حيث كانت نقطة التوزيع في شارع فلسطين  الواقع تحت سيطرة الحكومة السورية ،منذ بداية أزمة مخيم اليرموك .
وقد صرحت الأونروا أنها تمكنت  في عام 2014 من توزيع الغذاء في اليرموك طوال 131 يوماً  فقط وبمعدل 89 طردا في اليوم على مدار ذلك العام ، تلبية ً للحد الأدنى من الاحتياجات الإنسانية هناك، حيث يتوجب على الأونروا توزيع ما لا يقل عن 400 طرد غذائي يومياً، حسب المصدر .
كما يؤكد بييركرينبول المفوض العام للأونروا، أن الصعوبات الشديدة التي يواجهها لاجئو فلسطين في اليرموك وأماكن أخرى في سوريا نتيجة النزاع المسلح، تعد من وجهة نظر إنسانية أمراً غير مقبول، وأضاف أنه من الضروري إيجاد حل سياسي للنزاع السوري الذي يؤثر على الفلسطينيين والسوريين، وشدد قائلاً أنه ينبغي التذكر دائما أننا نتعامل مع جيل آخر من لاجئي فلسطين الذين يواجهون صدمة النزوح والتجريد من الملكية .
وكان من المفترض توقيع اتفاق لتحييد مخيم اليرموك وانسحاب المسلحين منه ،بعد دخول وفد منظمة التحرير الفلسطينية للتفاوض معهم، لكنّ الرازحين على صدر المخيم ، لا يزالون يتخذون من اللاجئين الفلسطينيين في مخيم اليرموك، ورقة للضغط على إيران وسوريا ، لاسترجاع ما ضاع في غبار الحرب المشتعلة في سوريا، فلا عهد، ولا وعد سيـُنـَفذ مادامت النوايا مرتبطة بتكتيكات يـُرادُ لها الوصول لمبتغى سياسي، يضرب بعرض الحائط كل القوانين الدولية التي تراعي حقوق الإنسان في حالة النزاعات والحروب .
و في مطلع عام 2015  بلغت نسبة اللاجئين الفلسطينيين الذين هجروا من داخل سوريا 63%، و280 ألف لاجئ أصبحوا مهجرين داخل سوريا، منهم أكثرمن  200 ألف في دمشق، و13100 في درعا ، و6450 في حمص، و3050 في حماه ، و4500 في اللاذقية، و6600 في حلب، حسب إحصائية الأونروا.
ودائماً حسب مصادر الأونروا لغاية شهر تشرين الثاني 2014، فإنها تذكر أن قرابة 27933 لاجئا فلسطينيا قد وصلوا أوروبا حتى بداية كانون الثاني 2015، وقريباً سيزداد هذا العدد بسبب طلبات لم شمل عائلاتهم .
كما سجلت الأونروا  2596 فلسطينياً قضوا في الأزمة السورية، و 80 ألف فلسطيني فروا من سوريا إلى بلدان الجوار ، منهم 14348 لاجئا إلى الأردن ، و42 ألفا إلى لبنان
وهنا في ظل هذه الأعداد المتزايدة في زمن التغييب سواء موتاً أو إبعاداً إلى أصقاع العالم، نتساءل، لماذا لم يتم للآن تطبيق آليات القانون الدولي الإنساني، كونها الأقوى تحت تصرف المجتمع الدولي، والتي يمكن أن تضمن سلامة الناس, وتحافظ على كرامتهم أوقات الحروب، حتى ان هذا القانون يفرض على الأطراف في النزاع مراعاة التمييز بين المقاتلين والمدنيين، والامتناع عن مهاجمة المدنيين، والعناية بالجرحى والمرضى وكفالة احترام المحتجزين المدنيين .
والمشهد الكامل في مخيم اليرموك لا يمت بصلة لما يجب تطبيقه قانونياً وإنسانياً. حيث تستمر سياسة التجويع ، مع هطول زخات من الصواريخ على رؤوس المدنيين ، بين الفينة والأخرى، ولا يتم إدخال أي مساعدة إلا بعد تسجيل أعداد كبيرة من ضحايا الجوع والمرض، حتى ان هدر كرامة أولئك اللاجئين الفلسطينيين المحاصرين، يستمر أثناء استلامهم المعونة الغذائية ، والتي سرعان ما  تنتهي بعد عشرة أيام فقط  ، ولعائلة مؤلفة من خمسة أشخاص ، وتبين ذلك أثناء رصدنا لبعض الحالات هناك .
في ظل هذا الانسداد نسأل أيضاً، هل كانت القيادة الفلسطينية معدومة الوطنية، عندما وافقت على حل أزمة مخيم نهر البارد عندما ارتهنته جماعة شاكر العبسي، فكان الحل حينها ،إخراج اللاجئين الفلسطينيين منه ، والقضاء على تلك الشراذم، وهل فقد نهر البارد بعد أزمته ، رمزيته في حق العودة، بالطبع لا ، فالبارد عاد ، وبقي جمراً يلهب شعلة النضال الفلسطيني وحافظاً لحق العودة.
فلماذا نرى كثرة المـُنـَظـِّرين، من فقدان مخيم اليرموك لرمزيته الوطنية، في حال تفريغه مؤقتاً على طريقة نهر البارد.
وهنا نسلط الضوء على أن ربع مساحة مخيم اليرموك قد تم تدميره تدميراً كاملاً والباقي بين تدمير جزئي ومتضرر، أي أن المخيم بحاجة إعادة بناء وتأهيل حقيقي لاسترجاع السكن الطبيعي في كلا الحالتين، فلماذا لا يتم إخلاء المخيم من السكان ، والتعامل عسكرياً مع من يحتجزون حياة المحاصرين هناك، لماذا يستمر تسييس هذا الاحتجاز واستخدامه كورقة رابحة لفرض الوجود.
إن المماطلة في حل أزمة مخيم اليرموك وبقية المخيمات كالحسينية والسبينة، توحي بمناورات بين الأطراف المتصارعة في سوريا، تستعرض قوى كل منهما لفرض أجندته ، وبالتالي إمكانية التوافق بينها مستقبلاً.
 وبدا واضحاً في الآونة الأخيرة أن التوازنات الإقليمية تفرض وجودها ونفوذها على وضع المخيمات الفلسطينية وعلى رأسها اليرموك، وهذا يعني إمكانية وجود حل لمأساة اللاجئين الفلسطينيين هناك، لكن من غير المقبول استغلال ذلك ضمن تكتيكاتهم، خاصةً على حساب حياة هؤلاء الفلسطينيين وكرامتهم ومستقبلهم ، هؤلاء اللاجئين الفلسطينيين الذين اعتبروا قاعدة مؤثرة وأساسية وهامة في تثبيت حق العودة والثقافة الفلسطينية الأصيلة ، فلماذا يتم وأد هذه القاعدة الآن، والتي من المفترض دعمها، في ظل استشراس الهجمة الصهيونية في تقويض الوجود الفلسطيني ، وفي ظل توغل حركة حماس في سياسة الطعن في الظهر الفلسطيني والعربي .
ولا ننسى أن قطاع غزة كان قد انتفض على خفافيش الظلام التي اختطفته من حضن الشرعية الفلسطينية، وكذلك اليرموك يغلي رافضاً واقعه، الذي استبيح فيه كل شيء دون استثناء؛ فإما تبريد وإما تسريح بإحسان .