اليوم 30/03/2015م تحلُّ الذكرى التاسعة والثلاثين لانتفاضة (( يوم الأرض)) المجيد، ويحييها الفلسطينيون بما يليق بهذه الذكرى وأخذ العبرة منها، بدءاً من تحدي الاحتلال الإسرائيلي ومنظومة إجراءاته الفاشية والعنصرية، إلى إسماع صوته إلى العالم أجمع أنه موحد خلف مطالبه المشروعة في العودة إلى وطنه أرض الآباء والأجداد، وممارسة كافة حقوقه المشروعة، من حق العودة، وحق تقرير المصير، وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف بقيادة ممثله الشرعي والوحيد م.ت.ف.
في هذا اليوم الملحمي تنظم القصائد والأشعار، وتنطلق المهرجانات، وتسير المسيرات في دول الشتات، وفي كل قرية ومدينة ومخيم داخل فلسطين، وكأن الشعب الفلسطيني سيردد مع شاعره، شاعر المقاومة المرحوم ((سميح القاسم)) أنه شعب حي، لا يموت ... ولن يستكين ... ما دامت يده السمراء مرفوعة في وجه هذا العدو الغاشم ... وأن هذه اليد ستبقى راية جيل يمضي ... وهو مقاوم للظلم والعدوان ومطالب بحقوقه لا يتخلى عنها مهما طال الزمن ... يمضي هذا الجيل وهو يهز الجيل القادم ويقول له بأعلى صوته ... قاومت ... فقاوم ... قاومتُ فقاوم...!!!
نعم هذا هو حال الشعب العربي الفلسطيني وفي ظل الربيع العربي الدامي والمدمر والذي غطى على العيون وخلق تناقضات داخلية علت على التناقض الرئيسي رغم ذلك يؤكد هذه الصورة الملحمية، ويؤكد وحدته حول أهدافه ومطالبه على اختلاف ألوانه السياسية، رغم الإنقلاب الأسود والإنقلابيين وقوى الشد العكسي المجتمعي، يعطي الشعب الفلسطيني في هذا اليوم للصراع بعده الحقيقي وموضوعه الأساس وهو ((الأرض)) مع المحتل الغاصب، ولن ينتهي هذا الصراع، حتى يستعيد الشعب الفلسطيني حقوقه كاملة غير منقوصة، أسوة بكل شعوب الأرض التي واصلت مقاومتها للظلم والطغيان، حتى انتصرت لديها إرادة المقاومة والحياة.
فالشعب الفلسطيني، شعب حي، وجدير بالحياة، هل أدرك المغتصب هـذه الحقيقة؟!! وهل أدركت معه، القوى السياسية والاقتصادية والعسكرية الدولية المتنفذة في النظام الدولي هذه الحقيقة أيضاً ؟!! ، لقد خيب الشعب الفلسطيني ((فأل)) المغتصبين الأوائل آباء المشروع العنصري الصهيوني، عندما قالوا وقت النكبة الكبرى: ((يموتُ الكبار، وينسى الصغار))، هيهات، هيهات أن تتحقق مثل هذه المقولة الفاشية والعنصرية، التي لا تنم، سوى عن جهل وضيق أفق قائليها، بالشعب العربي الفلسطيني وحقيقته غير القابلة للانكسار أو الذوبان والتي على صخرتها قد تحطمت كافة موجات الغزاة عبر التاريخ.
نعم، لقد مرَّ الكبار من الفلسطينيين ولكنهم لم يموتوا ... لأن أياديهم بقيت مرفوعة في وجه الظالم، ولم تنكسر ولو للحظة واحدة، وبكل عزٍ، وكبرياء، وأنفة، قاوموا، واجتهدوا في المقاومة وفنونها، لهذا البغي والعدوان والطغيان الذي تعرضت إليه أرض فلسطين منذ بداية القرن الماضي وإلى الآن، والمقاومة والنضال مستمرين مع استمرار هذا البغي والعدوان والطغيان، دون كلل أو ملل.
لقد اجتهد الفلسطينيون في صنع الحياة والمستقبل، رغم كل الظروف والتحديات، لأنفسهم، ولأبنائهم، وأحفادهم، ووضعوا أجيالهم المتتالية على طريق المقاومة، والعودة، والانتصار، وسلموهم الأمانة كاملة غير ناقصة، وهاهو اليوم جيل الأبناء والأحفاد، يحاصر الظلم والعدوان والطغيان الصهيوني داخل فلسطين وفي المنافي، وفي كل الساحات الدولية، التي باتت ميادين لهذا الصراع، الذي لن يتوقف، حتى ينكسر المشروع الفاشي العنصري الصهيوني، المتعارض مع صيرورة الحياة وفطرتها.
لقد وصلت الوطنية الفلسطينية إلى مرحلة اللاتراجع واللاعودة عن مطالبها وأهدافها وحقوقها الإنسانية، والسياسية والقومية المشروعة في أرضها ووطنها ولن تفلح معها الضغوط المتتالية ولن تثنيها عن مواصلة النضال والصمود حتى تحقيق أهدافها