عندما قلد شامير جائزة إسرائيل لأميل حبيبي

هآرتس – روت كرتون بلوم:24/2

المضمون: تجري الكاتبة مقارنة بين الجائزة التي منحت لروائي عربي وشاعر يهودي منبوذ ايام حكومة شامير وزوبولون هامر اليمينيين كونهما احترما استقلالية لجنة الحكام، وبين الجائزة في الوقت الحالي ومعاناتها من تدخل اليمين الحاكم

بداية سنوات التسعينيات، كنت رئيسة للجنة تحكيم جائزة اسرائيل للاداب. تلك كانت ايام اليمين – إسحق شامير كان رئيسا للوزراء وزوبولون هامر كان وزيرا للتعليم. كلاهما لم يعودا بين الاحياء. اللجنة التي تكونت من خمسة محكمين، ومن ضمنهم خبير الادب العربي البروفيسور ساسون سوميخ، قررت بالاجماع (وهكذا كان دائما يتم الاختيار)، منح جائزة النثر للقاص العربي – اسرائيلي أميل حبيبي، وجائزة الشعر اعطيت بتأخير كبير لأبوت يشورون.

لم يحدث حينها ان سمعت اية تحفظات، ليس من الوزير هامر وموظفيه، وليس من قبل رئيس الوزراء. كافة العملية تميزت بالفخامة الجابوتنسكية للجنتلمانية والنزاهة التامة، التي خصت بها في الماضي القريب، حركة حيروت، وكذلك بالليبرالية والإنفتاح التي طبعت حركة مزراحي وبني عكيبا.

خلال الاحتفال سادت بعض الفوضى: فخارج القاعة كان بانتظار الحكام كهانيِّين، ممن أجبروا على الدخول من البوابة الخلفية تحت الحراسة. داخل القاعة، عندما منحت الجائزة لأميل حبيبي، انفجر البروفيسوريوفال نئمان وعضو الكنيست غيؤلا كوهين بصيحات الغضب. هذا الانفجار وصل ذروته عندما القى البروفيسور يوفال نئمان، الحائز هو الآخر على جائزة اسرائيل، بشهادة الجائزة على المنصة باتجاه حبيبي.

الجمهور، ومن بينهم الكثير ممن اعتمروا الكيبا (غطاء الرأس الخاص بالمتدينين .. المصدر)، نهضوا على ارجلهم وقاموا بدفع نئمان وكوهين مصاحبين بنداءات الاستهجان خارج القاعة. هذا الاحتجاج لم يردع رئيس الوزراء شمير من مصافحة حبيبي، الذي اتهم حينها بإجراء مقابلات مع قادة منظمة التحرير. يمكن التصور بأن رئيس الوزراء لم يشعر بارتياح كاف من هذه المصافحة، لكنه كان جادا في احترام استقلالية اللجنة ومكانة الجائزة، واحترام القواعد وجلال الاحتفال. بعد ذلك وفي نفس الأسبوع، وقع الفائزون بجوائز اسرائيل على عريضة ادانت الاحتجاج والفوضى التي تسبب بها كل من يوفال نئمان وغيؤلا كوهن

إزاء التدخل السافر لعملية منح الجوائز هذه الايام، بدا الموقف الموصوف اعلاه كأنه مأخوذ من الخيال: جنبا إلى جنب يقف كل من رئيس حكومة اليمين، ووزير التلعيم وهو أحد قادة المعسكر الديني – قومي، ومحكم خبير في الادب العربي، يقلدون الجائزة لعربي إسرائيلي وللشاعر أبوت يشورون، والذي اعتبر خلال عشرات السنوات كمرفوض ومنبوذ نظرا لارتباطه بلغة المهجر، وذكرى الطفولة وضياع المدينة اليهودية.

الاقوال العنصرية المفرقة والمشوهة حول "قبيلة البيض" التي تتحكم بالجائزة وتمررها من يد إلى يد وفقا للمقولة "الصديق يجلب صديقاً"، ليست دقيقة تاريخيا وحسب، انها مشوِهة ومشوَهة كذلك.

من المهم الاشارة في مواجهة هذه الاقوال، بأن الصهيونية ولدت من رحم الادب العبري. كما يقول الترمان في كتابه "احتفال صيفي"، الذي يحتفي بالتنوع الثقافي الاسرائيلي: "والنص الذي تحول إلى شعب". هذا ما يجسد الترتيب التاريخي لتطور الوعي الصهيوني نحو العمل الصهيوني. ذلك انه عندما وصل اوائل الرواد، كان من الضروري وجود من يجسد القيامة اليهودية باللغة العبرية على تراب ارض اسرائيل. ولهذا السبب، كان حلم الدولة ذاته مازال  في وعي الكاتب والمسرحي، شأنهم كشأن المبشرين الاوائل للصهيونية، كتاب القيامة.

ليس فقط ان كتاب الادب العبري والعاملين في ابحاثه ليسوا محل شبهة بمناهضة الصهيونية، هم ايضا حماة التقاليد ومجددوها، وهم طريق النقد الصارم لقضايا الساعة. لذلك، اولئك الذين انقضوا على هذا المشروع الأدبي، يهددون حرية التفكير والابداع ويحفر تحت اساسات الصهيونية.

يفاجئني كيف ان اعضاء لجنة الجائزة في مجالات العلم والمجتمع لم يسمعوا صوت احتجاج. من يتدخل اليوم في الشعر، سيتدخل غدا في المعادلات.

 

 

حزب يش عتيد (يوجد مستقبل) – في مدح الانانية

هآرتس – يئير كاسبي:24/2

د. مدير مركز "علم النفس اليهودي"

(المضمون: حزب يئير لبيد يمثل البرجوازية الليبرالية، برنامجه الانتخابي بمثابة دعوة للانانية على المستوى الوطني، إنه أشبه بدعاية بنكية للزبائنه يعرض عليهم منافع جمة مقابل الانضمام).

يئير لبيد يقرأ روح العصر. فالسائد في ايامنا هذه ليست المسؤولية الوطنية، او المسؤولية الاجتماعية، او مساعدة الاخرين، او الاستعداد للتضحية. حزب يش عتيد هو الرمز العلماني الليبرالي لسيطرة الانانية المنهجية على المجمتع الاسرائيلي وفقا لطريقة شاس، ابيغدور ليبرمان والمستوطنين.

في البلدات التالية، بيت اسحق، كرمل حيفا، غفعات إيلة، هود هشارون، هرتسليا بيتوح، هار ادار، كوخاف يائير، كفار فيتكين، شمال تل ابيب، كانت يش عتيد هي الحزب الاكبر في الانتخابات السابقة. يش عتيد هي حزب العلمانيين ذوي الاملاك الثمينة، وأولئك الذين يريدون ان يكون لهم أملاك ثمينة. لبيد هو نفتالي بنت الخاص بالمثقفين المؤسسين. يش عتيد هي شاس الخاصة بالعُشْر الاعلى وكافة الاعشار التالية.

نجاح يش عتيد هو جزء من مسيرة تفكك المجتمع الإسرائيلي إلى صفوف لا تهتم إلا بأعضائها. "كفوا عن ان تكونوا مغفلين"، يقول السياسي لناخبيه، على كل واحد هنا أن يهتم فقط بنفسه. حان الوقت كي تكفوا عن الشعور بالمسؤولية عن الضعفاء. أما عندنا في البنك الحزبي خاصتنا فسوف تجدون معاملة مميزة. انتم تستحقونها. سوف تربحون أكثر.

البرنامج الانتخابي للبيد مكتوب بلغة الاغراء. هو يتوجه إلى افضل الشبان ويعرض على ناخبيه "ادفع القليل واحصل على الكثير":

 "حزب المركز" لا تلتزم بعدم الإنضمام إلى حكومة يمين. نحن الحزب الافضل لناخبينا ولذلك، مثلنا مثل الحراديم الذين يشكلون لنا المثال، سنكون على استعداد للتنازل عن مبادئنا في مواضيع السلام، والأمن والعدالة الاجتماعية، مقابل ان نشارك في أي ائتلاف ينشأ.

"المساواة في العبء" يعني انكم اعطيتم الكثير لكنكم لم تعرفوا ماذا اعطى الآخرون، عليكم الكف عن بذل العطاء الخاص.

"الاعفاء من ضريبة القيمة المضافة" معناها انكم،يا من تملكون مليون او مليونين في البنك، تستطيعون بسهولة شراء البيوت للاولاد.

"الطبقة الوسطى" هو اختراع وزارة النشر، التي تعلم بأنه لا يوجد ما يكفي من الاصوات لدى الاغنياء، لذلك يجب اقناع ذوي الدخول فوق المتوسطة – عالية ممن اقيمت البنوك من أجلهم.

"سرقوا دولتنا". الدولة كانت لنا، لبيت اسحق، للكرمل، لشمال تل ابيب وكفار فاتيكين. بعد ذلك جاء الشرقيون والمتدينون والروس وأخذوا أجزاء منها.

"حزب الملل". مللت من دفع ضرائب اعلى من الاخرين. مللت من الخدمة اكثر من الاخرين، مللت من مساعدة الفقراء والمسنين والمرضى. مللت من شغل الوظائف.

خذوا مثلا من شاس، يقول السياسي لناخبيه، انظر إلى اي مدى ستصل اذا احببت نفسك ولم تعد تكترث للآخرين. حيث انه مسموح لهم بالتهرب من الخدمة العسكرية، فلنا مسموح ان نتهرب من العبء الثقيل الكامن في المسؤولية الاجتماعية التي القتها الحركة الصهيونية على نخبتها.

من يدَّعون ان لبيد يفتقر إلى المؤهلات الكافية كي يقود الدولة، يفترضون بأن الدولة اكثر من مجموعة الطوائف والطبقات المكونة لها. لدولة الاحزاب المقطعية هذه لبيد يملك المؤهلات السياسية الكاملة.

انه يتوجه إلى ناخبيه كما يتوجه البنك إلى زبائنه. فهو لا يدعوهم للمشاركة في ورشة اصلاح اجتماعي. او القيام بواجب قومي. او الظهور كنموذج شخصي. انه يعرض حسابا تفضيليا على كل من يبلغ دخله فوق كذا وكذا من الشواكل. انه يعفيهم من الاهتمام بالفقراء والعجائز والاولاد والمرضى والحراديم والعرب. زبائن الـ (VIP) لا يجب ان يقفوا بالدور مثل الأخرين.

يش عتيد هي خيار اولئك الذين حدث لهم ذات مرة ان تحملوا المسؤوليات، تطوعوا، رواد، تبرعوا، آمنوا، عرَّضوا انفسهم للخطر  دون ان يهتموا بعطاء الآخرين. التصويت لحزب يش عتيد (يوجد مستقبل) هو تصويت لليأس الكامن وفقدان الايمان بانه ذات يوم سيكون هنا نظام نرحب من اجله بتقديم التنازلات. وانه ذات يوم سيكون هنا مساواة. بأن الثقافة العبرية ستشفي امراض المهجر. بأن تستعاد المسؤولية المتبادلة. بأن هناك من يهتم بي إذا أصابني المرض، او شخت او أفلست. أن نعود جزءا من عملية جادة للاصلاح. ان يكون لدينا انضباط عالي في مواجهة الصعوبات والمخاطر المرتبطة بالخدمة العسكرية المتواصلة.

 

تسيبي وبيبي: القبيح والجميلة

هآرتس – راحيل نئمان:24/2

 (المضمون: يتهم نتنياهو لفني بأنها تشكل خطرا على اسرائيل، هو يريد بذلك طمس شخصيتها الاكثر جاذبية على صعيد العالم باعتبارها كانت تكثر من الجلوس مع الفلسطينيين، ازاء شخصيته المنفرة كرافض دائم للسلام ومؤيد للاستيطان).

انها يسارية متطرفة، كونها تكثر من الجلوس مع صائب عريقات ومصافحة محمود عباس، ولكن عندما يتم التطرق إلى حماس، هي تتجاوز بنيامين نتنياهو من اليمين. ردا على تصريحات نتنياهو الاخيرة، بأنها تشكل "خطرا على الدولة"، كتبت تسيبي لفني أن رئيس الوزراء هو من خضع لحماس وأجرى معها المباحثات. من هنا يمكن الاستنتاج، بانها لم تكن لتخضع لحماس (ليس واضحا كيف كانت ستنتصر على هذه الحركة)، وانها لم تكن ستجري معها مفاوضات، حتى بوساطة عامل ثالث، كي تصل معه إلى اتفاق وقف اطلاق نار، بل كانت ستستمر بإطلاق النار.

لكن السؤال المثار من خلال الجدل بين نتنياهو ولفني ليس من منهما الاكثر صلابة في حروب حماس، ولكن من هو الاكثر صهيونية. رويدا رويدا يتضح بأن مسألة من هو الصهيوني تحولت كي تكون جوهر المعركة الانتخابية. الدولة الصهيونية أنا، يقول نتنياهو، ولفني اللا صهيونية تسعى إلى تخريب دولتي. يتسللون فرادى إلى مكتب رئيس الوزراء، كما اطلق عليهم. التسلل تعني لسانيا السرقة، الخداع، بمعنى، ضد إرادة الناخب. ومع ذلك، يجري السؤال، لماذا نهاجم من وُصفت من قبل الحملة الانتخابية لشبان الليكود بأنها "الغائبة"؟ كيف يشكل ظل لفني تهديدا لنتنياهو اكثر من شخصية اسحق هرتسوغ الباهرة؟

نتنياهو، الذي يرى نفسه باعتبارها الشخصية المركزية في المشهد السياسي الماثل امام اعيننا، إنه يوليوس قيصر عصري يخشى من غضب مارس، هو عما قليل سيظهر في الكونغرس الامريكي بدور كاتو العجوز سياسي وأديب روماني من اقواله – باستثناء ذلك ادعوكم الى تدمير قرطاجة – هو من يرى في لفني القاتلة الاساسية لشخصيته التي بناها. لا يعجبه ان تتجول لفني في ارجاء العالم وتسرق منه الاضواء. هي تعرض الوجه "الجميل" لإسرائيل، في حين يظهر باعتباره رافض السلام "البشع".

والواقع انها لم تحقق شيئا في المباحثات اللا متناهية التي اجرتها مع الفلسطينيين، ولكن مجرد استعدادها للجلوس معهم حولتها إلى جذابة في أعين الاوروبيين والامريكان. اما هو، من يعانق المستوطنين، ومن يهدد بتوسيع البناء في المستوطنات ويشرع في حملته الانتخابية في مستوطنة عيلي، يظهر كرجل اسرائيل المحتلة والمضطهدة الرافض للسلام. هذا الظهور يريد نتنياهو اعادة صياغته عبر المس بشخصية لفني.

هذه الحكاية لها ايضا علاقة بالجندرة: انه لمن الاسهل التطاول على امرأة، حتى لو كانت وزيرة العدل، او رئيسة حزب كبير وشخصية فازت باحترام واسع على نطاق العالم. المرأة تبقى امرأة، ومدراء الشرطة يساعدون دائما في المساس بها. نتياهو شوفيني صغير اكثر من الآخرين، ربما، ولكن بإلصاقة وسم "خطرة" فهو يستخدم وصمة العار المزاجية الكلاسيكية. إيران تشكل خطرا، حزب الله يشكل خطرا،  والان لفني. إذا حكمنا بناء على رد نتنياهو العنيف، نجده يعادل التحريض، ذلك ان تهمة كهذه تشغِّل كود التصفية الموجه، على ما يبدو فإن لفني الغائبة، هي موجودة جدا.

         

 

علينا اغلاق أنوفنا

معاريف – اسحق بن نير:24/2

 (المضمون: روائح الفساد تزكم الأنوف، فكيف هي الحال عندما ستتصاعد روائح الفساد من القضايا السياسية المعلقة عندما سيتم الانتهاء من التحقيق فيها).

نقط الأنف التي تصدرت العناوين قبل اسبوع من شأنها أن تساعد في فتح الأنف المغلق ودخول العديد من أنواع العفن والقذارة. حذر محلل الشؤون الصيدلانية، بدون علاقة مع حقيقة أن من أُرسل لشرائها من جيبه من اجل سيده أو سيدته لن يسترجع أمواله ثانية.

اليكم عدد من الحالات التي يمكن لنقط الأنف أن تلجم فيها حاسة الشم وتسمح للمستخدمين تجاهل التهوية المشكوك فيها التي تملأ الجو. مثلا الرائحة حول رحلة بيبي الى الكونغرس، رغم كل المعارضات، الاضرار، العزلة – وحقيقة أن خطاب رئيس الحكومة لن يرفع ذرة من التهديد الايراني. ولسؤال هل سيضم بيبي زوجته اليه للتعبير عن يد سخية أو لأنها الوحيدة التي يثق بها، أضيف سؤال آخر هو هل سيعرض ثانية مخطط القنبلة في خطابه الذي نتذكره (التاريخي) في الامم المتحدة ويهدد ثانية اوباما والعالم و"ايباك" والكونغرس بأننا سنرد في الوقت المناسب.

ومثال آخر. هناك من شبهوا رجال الحاشية الذين يحيطون ببيبي بـ "عصابة القمامة"، مسلسل الاطفال التقليدي، بسبب رائحة ردودهم الهجومية، (أنظروا العلاقة بين V15 والمعسكر الصهيوني وقضايا سارة والمنازل أو فيلم داعش أو الهجوم على تسيبي لفني). رجاله يرددون وسائل الاعلام كل نصوصه، التي يتجاهل فيها كل فشله، ويلقي فيها الاتهامات على كل من هو ليس بيبي. وقد سبق أن تآمر رجاله لوراثته. الآن هم يعرفون أنه اذا فشل فسيطيروا عن كراسيهم، وسينقلب الليكود على نفسه. لهذا فانهم يُقسمون الولاء لبيبي ويكذبون دون أن يطرف لهم جفن.

مثال آخر. الرائحة المقرفة التي تهب من قضية اللاجئين الافارقة الذين يطلبون مأوى. منذ ولاية وزير الداخلية الانساني واسع القلب ايلي يشاي، الذي يستعد للعودة لقيادة الدولة، وحتى من خلفوه، ساعر وأردان. اذا كان هناك نجاح واحد لرئيس الحكومة في ولايتيه فهو الجدار في الحدود الجنوبية. فقد توقف التسلل منذ سنة. اذا لماذا لا تتصرف الحكومة مثل كل الدول المتقدمة، تفحص الطلبات وتعطي اللجوء لاولئك الذين هربوا من دول قاتلة، وتقبل بود بضعة عشرات من الآلاف الذين بقوا هنا كجزء من مساعدتنا للعالم الثالث: تقوم بنشرهم داخل البلاد وتُدخل اولادهم الى اجهزة التعليم، وتهييء الوالدين لعمل يؤمن لهم مصدرا للرزق بدلا من استيراد قوة عاملة تزيد مقاولي العمل ثراءً، وتعطيهم إذن بالمكوث لخمس سنوات؟ عندها اولئك الذين يستحقون يصبحون مواطنين في الدولة. اقتراح بسيط وانساني بدون اهانة ولا عنصرية أو خوف.

هل هي صعبة عليكم تلك الروائح السامة المتصاعدة من واقعنا السياسي؟ اذا تخيلوا أي نتن سيظهر عندما يلقي المراقب الى مكب نفايات "الخيرية" استنتاجاته المهذبة حول ازمة السكن في البلاد، وعندما يتم التحقيق في دعوى مدير منزل رئيس الحكومة نفتالي، وعندما يصل التحقيق في "بيبي تورز" الى المحكمة، وعندما يتم نشر التحقيق في الجرف الصامد، وفحص الفساد في اموال الاحزاب من اسرائيل بيتنا وما يأتي على يمينه.

نعم. ويل للآذان التي تسمع والأعين التي ترى – ايضا بدون حماية من نقط الأنف.

 

 

ليس عبثا صرخ نتنياهو "الذئب، الذئب"

اسرائيل اليوم – بوعز بسموت:24/2

 (المضمون: لم يكن صراخ بيبي عبثا حول خطر البرنامج النووي الايراني. ويبدو أن الايرانيين بصبرهم المعهود قد حققوا ما أرادوا).

يبدو أن بنيامين نتنياهو ليس عبثا يصرخ منذ سنوات "الذئب، الذئب". الاتفاق النووي بين ايران والدول العظمى بات أقرب من أي وقت مضى. حسب التقارير أمس من جنيف في نهاية لقاء كيري – ظريف يبدو أن الامريكيين أبدوا مرونة كبيرة تجاه الايرانيين الذين سيحتفظون بـ 6500 جهاز طرد مركزي لديهم. كان هناك من قال بأنه في عهد اوباما من المفضل أن تكون عدوا لامريكا، ويبدو أنه مفضل أكثر أن تكون عدوا لآيات الله. نحن يخزنا ضميرنا على ما ارتكبناه من خطأ. لقد اخطأنا، هذا لن يكون اتفاقا سيئا، بل سيكون اتفاقا سيئا جدا.

لماذا قارئي "اسرائيل اليوم" ليسوا متفاجئين؟ لأننا ربما كنا وسيلة الاعلام الاسرائيلية الوحيدة التي قالت طوال الوقت الحقيقة في الوقت الذي فضل فيه الآخرون تحويل ايران الى موضوع سياسي ورئيس الولايات المتحدة كشخص يمكن الاعتماد عليه. لقد قالوا إن نتنياهو شخص لجوج يفسد الحفلة الايرانية التي يخرجها اوباما. قالوا عنا بأننا نبالغ في العناوين الرئيسة حول ايران، وأننا مجرد مُ خ وِ ف ي ن. ما العمل اذا كانت الوقائع تثبت أنه يتبدى أمامنا اتفاقا أكثر ايرانية من ايران.

ادارة اوباما ترى شرق اوسطنا الذي تسوده الفوضى بطريقة مختلفة عن القدس: بدلا من أن يرى رئيس حكومة اسرائيل أشرارا (ايران)، الادارة الامريكية ترى جيدين بالقوة. في القدس ايران هي المجرم، في واشنطن ايران هي قائد الشرطة الجديد للشرق الاوسط الذي سيقوم بفرض النظام (مثل اليمن؟)، اوباما سيطلب من القط (الفارسي) أن يحرس لنا الجبن. ايران؟ بلاد رائعة.

هناك العديد من الاسئلة ما زالت بلا اجابة: ما هو مصير المفاعل في أراك (مياه ثقيلة)، وماذا عن المنشأة النووية في فوردو؟ هل وكالة الطاقة النووية الدولية ستزيد من عدد مراقبيها على ضوء عدد اجهزة الطرد المركزي التي ستبقى لدى ايران؟ علينا الافتراض أن الولايات المتحدة ايضا هنا أظهرت مرونة لأن واشنطن ترغب في الاتفاق ليس أقل من طهران. اوباما يريد ترك ميراث، ايران تريد أن تكون دولة حافة، كل طرف من الطرفين سيحصل على ما يريد بتوقيت مختلف.

لقد صدق هنري كيسنجر عندما قال إن ما بدأ بمحاولة تفكيك النواة الايرانية سينتهي بالتسليم بذلك البرنامج. على مدى التاريخ كان للفارسيين صبر. والصبر اكتمل: في 2009 جاء اوباما الذي جدد المفاوضات النووية (التي بدأت في 2003 وتعثرت). وبماذا يذكرنا الجهد الدبلوماسي لوقف النووي. يذكرنا بمثل فارسي قديم يقول "جاء يكحلها فقلع عينها".

 

 

الولايات المتحدة: رئيس تحت الانتقادات الداخلية

اسرائيل اليوم – زلمان شوفال:24/2

(المضمون: هناك معارضة لسياسة اوباما سواء من الجمهوريين أو الديمقراطيين ولا سيما للسياسة الخارجية. ورغم تجاهلنا في الحملة الانتخابية الاسرائيلية للمشكلات الجوهرية إلا أن تلك المشكلات ستلقي بثقلها علينا بعد 17 آذار أياً من كان يتولى مقاليد الحكم في البيت الابيض).

مرشحان "غير معلن عنهما" – هيلاري كلينتون الديمقراطية، وجيف بوش الجمهوري، هما المتصدران حتى اللحظة في التنافس في الانتخابات للوصول الى البيت الابيض في 2016. الشيء المشترك بينهما هو أن بوش وكلينتون – حتى لو أنها لا تقول ذلك علنا – يتحفظان من السياسة الخارجية، بما في ذلك تجاه الشرق الاوسط، للساكن الحالي في البيت الابيض.

عندما تنافس شقيق جيف بوش، جورج بوش، على الترشح للرئاسة، كان هناك في اسرائيل من اعتقدوا أنه سيواصل تلقائيا السياسة غير المرغوب فيها لوالده ووزير خارجيته جيمس بيكر، لكن في نهاية 1999 عندما دعاني الى مكتبه في الكابتول بوسطن في ولاية تكساس، التي كان حاكمها في حينه، أوضح لي ذلك المرشح الغض أن ذلك لم يكن توجهه، بل بالعكس. فقد أكد أنه ينوي اتخاذ نهج مستقل داعم أكثر لاسرائيل. كان يمكن التخمين أن هذا في نهاية المطاف نوع من الاقوال التي يقولها السياسي في الحملة الانتخابية، لكن الواقع أثبت أنه كان يقصد ما قاله.

يجب عدم الاستنتاج من ذلك بالضرورة أن هذا ما سيحدث مع شقيقه الشاب، جيف، اذا تم انتخابه (احتمالاته في هذه المرحلة المبكرة غير مبشرة، وكما هو معروف فان الكرة دائرية). إن لهجة أقواله كانت قريبة أكثر من المقاربة السياسية لشقيقه جورج دبليو بوش (مع أنها ممزوجة بالبراغماتية أكثر) من تلك التي كانت لوالده. إن نصف انتقاده وجه في الاساس ضد سياسة اوباما فيما يتعلق بالحرب ضد الجهاد الاسلامي، وضد الاتفاق الذي يتبلور مع ايران في الموضوع النووي ولم ينس ايضا التأكيد على دعمه للخطاب المخطط لرئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس، وتعبيره عن دهشته من تصرف الادارة الامريكية في هذا الشأن. "لقد فقدنا ثقة اصدقاءنا وأصبحنا لا نثير القلق في قلوب أعدائنا"، لخص بذلك أقواله.

 

في هذا السياق علينا الاشارة الى أنه لتوجهات الادارة "مقاطعة" لجنة "ايباك" – المنظمة اليهودية الاكبر والاكثر أهمية في الولايات المتحدة - توجد أنباء مناقضة، لكن اذا تم اتخاذ قرار غير حكيم ومُهين كهذا فسيُفسر الامر ليس فقط كخطوة ضد نتنياهو أو ضد اسرائيل، بل كخطوة ضد اليهود. يمكن الافتراض أن الجمهوريين سيستغلون ذلك. ليس فقط من جهة بوش والامريكيين يتم توجيه الانتقادات في امريكا ضد الادارة الحالية، وليس فقط فيما يتعلق بخطاب نتنياهو (نحو 50 بالمئة من المستطلعة آراؤهم في استطلاعين دعموا الخطاب)، بل ايضا فيما يتعلق بالحرب الهزيلة ضد داعش، وبالذات تجاه زعم اوباما أن ارهاب داعش والمنظمات التابعة له (في ليبيا ونيجيريا واليمن وغيرها)، وكذلك اعمال الارهاب القاتلة في فرنسا والدانمارك، ليس له علاقة بالاسلام بتاتا، لكن مصدره يكمن في مشكلات اجتماعية مختلفة. ووفقا لما تم اقتباسه عن هيلاري كلينتون في "نيويورك تايمز" فان انتقاداتها وجهت بسبب أن أقوال اوباما تثبت أنه لا يرى الامور على حقيقتها في شأن تهديد الاسلام المتطرف، وأن اسلوبه يشير الى الضعف، في الوقت الذي يشكل فيه المتطرفون الاسلاميون خطرا على مصالح الولايات المتحدة وحلفائها. مقال هيئة التحرير لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، الذي يتخذ بصورة عامة مواقف متوازنة بين اليسار واليمين، يعتبر قرارات اوباما بالنسبة للحرب ضد داعش، قرارات مضطربة، ويربط ذلك بعمليات اخرى غير جدية مثل "الخطوط الحمراء" المفقودة تجاه السلاح الكيميائي في سوريا والاضطرابات في ليبيا. وينتقد المقال تحول سوريا وايران الى حليفتين حقيقيتين للولايات المتحدة.

روبرت غيتس الذي تولى منصب وزير الدفاع الامريكي في ادارتين، يسمي استراتيجية اوباما في الحرب ضد داعش كـ "غير واقعية"، كما أن السناتور الديمقراطي بوب مننديز يحذر الرئيس الذي ينتمي لحزبه من ألا ينسحب من تعهده بوقف المحادثات مع ايران اذا لم يتم احراز اتفاق مرضي بشأن البرنامج النووي حتى 24 آذار. في الحملة الانتخابية في اسرائيل لا يوجد أي تطرق لهذه المواضيع، لكن في اليوم التالي لـ 17 آذار وفي السنوات القادمة ستلقي هذه المواضيع كامل ثقلها على الاجندة السياسية والامنية لنا – سواء كان جيف بوش أو هيلاري كلينتون هو الذي يتولى مقاليد الحكم بعد 22 شهرا في واشنطن.