حـوار: عدي غزاوي

تعيش السُّلطة الفلسطينية حالة حراك سياسي ضمن السعي لإصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يُلزِم الكيان الإسرائيلي بإنهاء احتلاله للأراضي الفلسطينية على حدود العام 1967، وإقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة، لكنها تواجه العديد من العقبات التي قد تقف عائقًا في طريق استصدار هذا القرار. ومن هنا كان لنا لقاء مع عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" د. جمال المحيسن حدثنا فيه عن آخر التطورات السياسة بهذا الشأن وعن خيارات السلطة في حال فشل هذه الخطوة متناولاً وضع الصف الفتحاوي خاصة بعد ما شهدته غزة من خروج اعضاء وقيادات فتحاوية في تظاهرة ضد الرئيس أبو مازن، وغيرها من القضايا.

 

إلى أين وصلت الجهود الحالية للسلطة الفلسطينية في التوجُّه لمجلس الامن وانهاء الاحتلال؟

لقد تم اعداد ورقة باسم فلسطين وهي تقوم على اساس انهاء الاحتلال وقيام دولة فلسطينية على اراضي العام 1967 بالتعاون مع دول صديقة لفلسطين ومشاركة فرنسية تتوافق معنا من اجل تقديمها الى مجلس الامن. وقد تمّ تقديم المشروع لمجلس الأمن الدولي، ولكنه للأسف ليس مشروع فلسطين نفسه الذي أُعِد مسبقًا، وإنما دخلت عليه تعديلات عربية وتعديلات اُعِدّت بين الفرنسيين والبريطانيين والألمان، وبالتالي فالورقة ليست كما نرغب 100%، ولكن عنوانها انهاء الاحتلال الاسرائيلي للأراضي المحتلة العام 67، والقرار مبني على أن تكون القدس عاصمة الدولتين ولا يجوز للكيان الصهيوني احتلال الاراضي بالقوة، والقدس جزء من الاراضي المحتلة العام 67، وبالنسبة لموضوع اللاجئين، فقد طُرِح بحسب المنصوص عليه في القرار 194. وأمام هذه المعركة حول المشروع اليوم، اقول واكرر أنه لا يوجد مبرر امام الولايات المتحدة الامريكية لأن تعترض على هذا المشروع إلا اذا كانت ترغب في ان يستمر الاحتلال على الشعب الفلسطيني، وعندها اقترح ان ننقل تمثال الحرية من الولايات المتحدة الى اي دولة اخرى. وعندما اتكلم عن الولايات المتحدة يجب التمييز بين الشعب الامريكي وبين الادارة الامريكية. فالشعب الامريكي له مواقف عديدة تناصر الشعب الفلسطيني في تحقيق مصيره ومقاطعة اسرائيل لما تمارسه ضد الفلسطينيين من ارهاب. لذا فقد آن الاوان لتتحرر الولايات المتحدة، كإدارة، من ضغط اللوبي الصهيوني في الكونغرس وغيره من اجل ان يعم السلام في المنطقة وينعكس على السلم العالمي ومصالح الولايات المتحدة الامريكية في المنطقة.

 

ما هي خياراتكم في حال استخدمت الولايات المتحدة الفيتو ضد القرار؟ وما هي الخطوات التي ستتبعه لتحقيق الدولة على ارض الواقع في حال الموافقة عليه؟

نحن قد قدّمنا المشروع وننتظر التصويت عليه، وفي حال استخدمت امريكا الفيتو سنذهب الى مؤسسات الامم المتحدة والمعاهدات والمواثيق ومن ضمنها محكمة الجنايات الدولية. اما اذا تمت الموافقة على القرار، وهو ما نرجوه، فسنبدأ مفاوضات لمدة سنة من اجل الاتفاق على كل قضايا الحل النهائي، ويبدأ التنفيذ لمدة عامين للوصول لإنهاء الاحتلال الاسرائيلي في العام 2017 ضمن برنامج متتابع.

 

كيف تقيّمون اداء حكومة التوافق الوطني؟ وهل تعمل التنظيمات الفلسطينية برأيكم بطريقة تساعد الحكومة في مهمتها؟

من الطبيعي ان يكون هناك تباين في المواقف بين التنظيمات الفلسطينية، ولكن في النهاية لا بدّ أن توجد قواسم مشتركة نعمل في ظلها. لكن حركة حماس تاريخيًا كانت خارج الاجماع الوطني، وهي لم تفسح مجالاً لحكومة التوافق الوطني في غزة للعمل وأخذ دورها، فمنذ اليوم الثاني بدؤوا بتنظيم مظاهرات من اجل رواتب الموظفين لـ50 الف موظف جديد، واليوم هناك 70 الف متفرغ في غزة. فهل حقًا يحتاج قطاع غزة الى 120 الف متفرغ؟! وبالتالي فهذا الكلام يدل على توجه غير سليم في موضوع انهاء الانقسام. وبرأيي فإن القوة الامنية لحماس هي المسيطرة على الشارع في غزة، وبالأمس عندما قامت مجموعة تابعة لمحمد دحلان بتوزيع صور مشينة في قطاع غزة كان عناصر من القسام والأمن الداخلي هم من يعلقون مثل هذه الصور على الجدران ويمنعون شبابنا من نزعها بل إنهم كانوا يتعرّضون لبعضهم كذلك، ولكننا كعادتنا تصرفنا كأب الولد لأنهم في النهاية جزء من شعبنا.

 

برأيكم هل تعيش حركة "فتح" حالة انقسام خصوصًا مع ما نراه في غزة من مسيرات فتحاوية تهاجم الرئيس ابو مازن والقيادات الفتحاوية في الضفة وقرارات فصل لقادة فتحاويين؟

ليس من الخطأ أن يتم تقليم حركة "فتح" من فترة الى اخرى. ففتح منذ انطلاقتها وحتى اليوم وهي تتعرّض إما لمحاولة احتواء أو سيطرة أو تقسيم، ولكنها حافظت رغم كل ذلك على استمراريتها بسبب تاريخها العريق ودفاعها عن الكل الفلسطيني. أما ما حدث في غزة فهو لا يمكن أن يندرج ضمن خانة التعبير عن الرأي، لأن الإساءة للرئيس ابو مازن وتعليق الصور المـُشينة هو خروج عن الحركة ويُقصد به التشويه. وينبغي للجميع أن يعلم أن الحركة تنطلق من نظام داخلي، وعندما تم اتخاذ قرار بفصل محمد دحلان شُكّلت لجنة تحقيق  وكنتُ أحد اعضاء اللجنة، ووجّهت له اللجنة استدعاءً حسب النظام ولم يأتِ ثم شُكّلت لجنة ثانية عبر امين سر الحركة ولم يأتِ، وبعد انتهاء المدة المحدّدة تقدّم بطعن للجنة المشكّلة، والمحكمة اعادت طعنه للجنة المركزية، وهناك قرار من اللجنة المركزية بفصله والمجلس الثوري صادق على هذا القرار، لذا فهو حاليا اصبح خارج هذه الحركة، واي شخص يعمل مع احد خارج الحركة فهو خارج الحركة، و(اللي حابب يروح مع دحلان الله معه)، ولكنني أُذكر أن الإنسان ذي الكرامة يكون انتماؤه للوطن ولحركته الوطنية لا لشخص، فالأشخاص زائلون لا محالة في حين أن الوطن والقضية باقيين.

 

هل أُقرّ موعد نهائي للمؤتمر السابع؟

سينعقد المؤتمر في رام الله في النصف الثاني من شهر كانون الثاني من العام 2015. هذا قرار اللجنة المركزية، وهناك اكثر من مكان مطروح، ولكن في رام الله قد يُطلَب منا التأجيل لكن ليس لأكثر من اسبوعين.

 

حتى الآن لم تُجرِ أقاليم غزة انتخاباتها للمشاركة في انتخابات المؤتمر الحركي السابع، فهل ستُستثنى غزة من المشاركة اذا لم تُجرِ انتخاباتها؟

رُبّ ضارة نافعة! ما جرى في غزة استفزّ مشاعر كل فتحاوي شريف، واليوم الفتحاويون يتصدون لهذه الجريمة التي حصلت بوضع صور مشينة وبالتعاون مع حماس، وما جرى في رشاد الشوا. والآن المناطق عقدت مؤتمراتها وبعض الاقاليم انجزت عملها كإقليم غرب غزة، والأمور تسير بشكل سريع بإنهاء مؤتمرات المناطق. طبعًا النظام الداخلي الاساسي والنظام الداخلي ايضًا يقول اذا كان هناك ظرف استثنائي في مكان ما يحق أن يتم التعيين، ولكن نقول حتى الآن الوضع ليس بمستوى يمنع عقد مؤتمرات وعلى جميع الاخوان في حركة فتح قطاع غزة المشاركة في مؤتمرات المناطق وفي مؤتمرات الاقاليم لتكون الأمور ديمقراطية وليتم اختيار اعضاء المؤتمر بالانتخاب لا بالتعيين.

هل سيرشح الرئيس ابو مازن نفسه مرة اخرى لقيادة الحركة؟ وما هو الدور الذي تقوم به "فتح" على ارض الواقع لدعم الرئيس ابو مازن في تحركاته الدولية لإقامة الدولة الفلسطينية؟

المجلس الثوري واللجنة المركزية لحركة "فتح" قررا ان يكون الاخ ابو مازن هو رئيس الحركة في المؤتمر القادم ومُرشّح الحركة للانتخابات الرئاسية  القادمة.

 

واليوم الكل ملتف حول سيادة الرئيس في تحرّكه سواء أكان من طرف اللجنة المركزية أم الاقاليم والعناصر لأن الآوان قد آن لنتخلص من هذا الاحتلال الذي هو اخر احتلال على وجه الارض.

هل تمر المصالحة بفترة حرجة؟

حتى الان حماس لم تصل لقناعة لإنهاء الانقسام، بل إنها تناور وتضع عقبات جديدة  في كل مرحلة. وما دامت حماس جزءًا من حركة الاخوان المسلمين فستبقى في هذه الحالة تحت تأثيرات قطر وتركيا وايران -احيانًا هيك وأحيانًا هيك- حيثُ أنها كانت تخضع للتأثير الايراني قبل الاحداث السورية، ثمّ عادت لتتبنى موقفًا داعمًا للمعارضة ضد النظام السوري وحتى أنها بدأت بتشكيل قوة عسكرية بالساحة السورية والسيطرة على مخيم اليرموك حيثُ كانت القوة المسلّحة داخل المخيم تابعة لحماس، وهو ما أخلّ  بالعلاقة ما بين ايران وحزب الله وحماس. أمّا اليوم فتحاول حماس تنفيس الوضع حيثُ أنها ارسلت وفدًا الى ايران لتحسّن العلاقات. ومن هنا نلحظ أن ما يعني حماس هو الارتباط بمشاريع خارجية، وهي بلا شك غير جادة بإنهاء الانقسام بدليل أنها، كما كنت قد أسلفت، حتى اليوم لم تسمح للحكومة بممارسة عملها ودورها في غزة.

 

ما هي اولويات حركة "فتح" في العام 2015؟

"فتح" ستبقى تدعو للوحدة وستبقى يدنا ممدودة لحماس آملين منها أن تغلّب المصلحة الوطنية على الحزبية لنتمكّن من انهاء الانقسام حتى نواجه العدوان الاسرائيلي الذي يستهدف الكل الفلسطيني.

نحن كفتح لا نؤمن بالإقصاء، بل نؤمن بالمشاركة، لذا نريد من الجميع  المشاركة في مرحلة التحرر الوطني، وسنصعّد من المقاومة الشعبية في مواجهة الاحتلال بالتوازي مع الاشتباك السياسي والقانوني على الساحة الدولية، وسيكون شعارنا انهاء الاحتلال الاسرائيلي خلال فترة زمنية لا تتعدى العام 2017.

خاص مجلة "القدس"/  العدد السنوي