بقلم: محمود الأسدي

I. تمهيد

شعارٌ رددناه أطفالاً في خمسينات وستينات القرن الماضي في مدرسة عين الحلوة الابتدائية التي تفرع منها خمس مدارس ابتدائية هي: الفالوجة وقبية والمنطار للصبيان والناقورة وعسقلان للبنات، وتكميليتان هما حطين للصبيان ومرج ابن عامر للبنات، وثانوية واحدة مختلطة للصبيان والبنات.

ترديدُ شعار "فلسطين موطننا.. العودة غايتنا" في طابور التلاميذ صباحاً شَحذَ الهّمم ورسّخ الانتماء للوطن وعزز الأمل في العودة.

ثقافةٌ وطنية حفزت انخراط شباب المخيم انتماء لصفوف الأحزاب الوطنية- حركة القوميين العرب، وحزب البعث العربي الإشتراكي، والحزب السوري القومي الاجتماعي. لكن تنافس الأحزاب لكسب جيل الشباب رافقه ونخره صراعات وتنابز وكيل اتهامات وصلت بعض الأحيان حدّ التخوين والشك، الحيرة والارتباك في صفوف ابناء المخيمات الفلسطينية مما أدى إلى تمزق وحدة نسيج المجتمع.

هذا النهج الحزبي، دفع عدداً من الشباب الابتعاد عن الانخراط والانتماء إلى الأحزاب. وقام نفرٌ منهم وأسسوا نواة تجمعات وطنية نشأ على أثرها "شباب الثأر" و "أبناء العودة"، واتجه بعضهم إلى الأنشطة الرياضية والكشفية لتنمية روح الألفة والتعاون، وتفعيل العمل الجماعي والإنساني (الأسدي، أربعون عاماً: الوضع التربوي الفلسطيني في لبنان 1991).

 

الأنظمة العربية ومفهوم حق العودة

بعد معاهدة رودس مع الصهاينة عام 1949، اقتسمتْ الأنظمة العربية المحيطة بفلسطين حِصَصِها، فكانت غزة حصة مصر، والضفة الغربية نصيب الأردن الذي شَرع قانون انضمامها إلى الأردن عام 1952، وبانياس والحاصباني حصة سوريا.

ضللّ الإشراف والضمُ قائمين لعام 1967 حيث اندحرت جيوش مصر والأردن وسوريا أمام جيش الهاغاة الصهيوني الذي احتل الضفة الغربية وغزة ومنطقتي بانياس والحاصباني إضافة لاقتطاع الجولان السورية التي ما زالت محتلة حتى الآن!!.

عاشَ اللاجئون الفلسطينيون في الأقطار المذكروه وإخوانهم من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان في فقرٍ مدقع وكبتٍ وحرمان يندى له الجبين يرزحون تحت مراقبة أجهزة مخابرات الأنظمة القائمة!!.

لم تحاول الأنظمة المذكورة تأطير الفلسطينيين تنظيمهم توجيههم أو تعبئتهم بثقافة وطنية خالصة، وإنما زرعتْ ورعت وشجّعتْ الانتماء القطري والولاء للسلطة القائمة. وقد استخدمتْ الانظمة أساليب التخويف والترهيب من خلال مراقبة اللاجئين على اراضيها وزجتْ بالعشرات منهم في سجونها من الذين تجاوزوا حدود خطوط الهدنة ودخلوا فلسطين لجمع ما يمكن جمعه من اثار وممتلكات ومحصولات زراعية وغيرها. ثم أقدمتْ الأنظمة على تشريع قوانين مجحفة بحق اللاجئين وحرمانهم من حق التجمع والتظاهر والتعبير عن الرأي وحق التملك والتنقل داخل المخيمات بسهولة ويسر فكان المخيم سجناً كبيراً. واستمرتْ الأنظمة حتى اليوم حرمان الفلسطيني من حق العمل والتملك والعيش الكريم وتوريث مقتنياتهم إلى الأبناء كما هو حاصل في لبنان، وإغلاق سوق العمل في وجه اللاجئين كما تفعل السعودية ومعظم دول الخليج العربي.

رافق خطة حصار مخيمات اللاجئين وخنق المدنيين داخلها تدمير منهجي، مبرمج اعتمده الصهاينة أول الأمر وتبعهم فيما بعد قوى محلية وأخرى نظامية عربية حول دول الجوار... تدمير مخيم النبطية في لبنان كان عام 1972بصواريخ طائرات اسرائيل تبعه تدمير وجرف كامل من قبل ملاك الأرض، ودمرت قوات الصهاينة مخيم عين الحلوة في اجتياحها لبنان عام 1982 ودخولها أول عاصمة عربية.

وارتكبت قوات لبنانية محلية بغطاء صهيوني مجزرة صبرا وشاتيلا في أيلول 1982 (روبير غاتم- من اسرائيل إلى دمشق، 1999، الفصل الثامن، صفحة 15-16). وأقدمتْ قوات لبنانية أخرى على محاصرة الرشيدية والبص والبرج الشمالي وكافة تجمعات اللاجئين الفلسطينيين في منطقة القاسمية والمعشوق وغيرهما في ضواحي مدينة صور بين 175-1985 تنفيذاً وتنسيقاً مع دولة عربية مجاورة. وحدث تدمير مخيمي الزعتر وجسر الباشا والنبعة وكافة تجمعات اللاجئين الفلسطينيين في المسلخ والكرنتينا وبرج حمود والدكوانة، اي تنظيف المنطقة المسيحية من وجود اللاجئين الفلسطينيين (روبير حاتم، الفصل الأول، صفحة6). وحديثاً كان تدمير مخيم نهر البارد، شمال مدينة طرابلس اللبنانية عام 2007 حين دخل شاكر عبسي لبنان بتنسيق نظام عربي. وشهد عام 2014 حصارا خانقا وتجويعا رهيبا لسكان مخيم اليرموك في ضواحي دمشق. ولا يغفل المراقب ولا يتجاوز التاريخ تسجيل ما حلَّ ببعض مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الاردن عام 1970 وما بعده!!.

مسلسل تدمير مخيمات اللاجئين الفلسطينيين لم تحدده الجغرافية وإنما الحاجة للتخلص من هذا الشعب صاحب الأرض المتمسك بثوابته الوطنية، الصامد والمقاوم، والرفض لتسليم القرار الوطني الفلسطيني لأي نظام عربي. وشنت قوات الصهاينة حصاراً شاملاً برياً وبحرياً وجوياً على قطاع غزة، ودمرت عدداً من مخيمات القطاع في اعتداءاتها الثلاثة المتتابعة  2008و 2012 و 2014.

من نجا من تدمير مخيمات الفلسطينيين ابتلعه البحر المتوسط حين طلب اللاجئ الأمن والنجاة والاستقرار لأسرته في المهاجر الأوروبية والسكندنافية وأمريكا اللاتينية. إن قتل تشريد وتطفيش وخنق اللاجئين الفلسطينيين تضافت وتعاونت عليها جهود قوى عربية نظامية وميليشياوية فئوية وإسرائيلية كل على طريقتها.

حمداً لله أن المرأة الفلسطينية ولاّدة، معطاءة ومربية قديرة ومضحية.. إن احصار الفلسطينيين السكاني اليوم يشير إلى تزايد مستمر إذ فاق عددهم التسعة ملايين نسمة. لذا، خسئت القوة الحاقدة الظالمة والمتآمرة من اقتلاع هذا الشعب المرابط والصامد والمناضل، وليعلموا "أن في فلسطين قوماً جباراً مرابطاً".

بعد انتصار صمود حركة فتح والقوى الوطنية الاردنية في معركة الكرامة في 21 آذار 1968، وانتكاسة جيوش الدول العربية النظامية وانهزامها في حرب 1967، صار بمقدور اللاجئ الفلسطيني التنقل بحرية تامة داخل المخيمات وخارجها إثر انحسار دور مخابرات الانظمة المحيطة بفلسطين. وتمكن اللاجئ زيارة الأهل والأقارب في العراق والكويت وسوريا ولبنان بتصريح من حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، حيث فقدت الأنظمة المنهزمة احترامها وسيطرتها على مواطنيها الشرفاء وكذلك على اللاجئين الفلسطينيين المقيمين على اراضيها.

تكثفت لقاءات القمم العربية واجتماعات وزراء خارجيتها لمناقشة الوضع العربي المتردي وحالة النهوض الفلسطيني واندفاع جماهير تلك الأقطار الوقوف إلى جانب الفلسطينيين. فكان من افرازات القمم العربية ولقاءات وزراء خارجيتها تشكيل محاور سادها انقسامات وصراعات ومزايدات ورفع شعارات طنانة رنانة جوفاء. وبرز إلى الوجود تحالف جديد من بعض الأنظمة "جبهة الرفض" التي رفضت تعبئة جماهيرها لكنها طبعتْ علاقتها مع أعداء الأمة، تلتها "جبهة الصمود والتصدي" التي تصدت لجماهيرها الوطنية ومحاولة القبض على القرار الفلسطيني، وقامتْ على تهدئة حدودها مع الكيان الصهيوني، وبعد فشل ما سمي بجبهتي "الرفض والتصدي"، ظهرت "قوى الممانعة" من بعض الأنظمة المنهزمة وقوى وفصائل تدعي الصمود والممانعة لكنها تدور في فلك الأنظمة الخائبة وتعمل بتنسيق مع مخابرات وأجهزة تلك الأنظمة. ومن "ابرز إنجازات قوى الممانعة كان حماية حدود دولة الصهيانية فشكلت حزام أمن للعدو من خلال تقييد تحرك القوى الوطنية، وزجت بمئات الوطنيين في أقبية سجونها وقتلت عشرات المناضلين الذين اخترقوا حدود العدو في طريقهم إلى فلسطين أو في عودتهم منها.

واعتمدت الأنظمة الفئوية القمعية والمرتهنة منهجية طرد الفلسطينيين المقيمين في العراق منذ النكبة الأولى 1948، فافترشوا الأرض والتحفوا السماء في الصحراء على الحدود المشتركة بين العراق وسوريا لاكثر من ثلاث سنوات مما اضطرهم للهجرة إلى بعض دول أمريكا اللاتينية!!!.

هذا ما أقدمت عليه قوى الرفض.. جبهة الصمود والتصدي، وقوى الممانعة بحق اخوتهم.. أشقائهم اللاجئين الفلسطينيين!!.

لقد اختزلت ما تسمى "انظمة الممانعة" نظامها في شخص رئيسها، الذي عهد للأبناء.. للعشيرة.. لطائفته.. وملته بكافة مواقع ومفاصل الدولة من ليبيا إلى اليمن. وسوريا الطبيعية ومصر والسودان.

الأنظمة الشمولية والمخابراتية لم تضع برنامجاً وطنياً تعبويا لاسترجاع ما فقدته منذ عام 1967، ولم تساهم في طرح صيغة وطنية متكاملة نحو عودة اللاجئين الفلسطينيين. كل ما طرحته خطابات فارغة فضفاضة وشعارات براقة سرعان ما خبت كفقاقيع الصابون أو زبد البحر..

 

II. مفهوم الصهاينة لقانون العودة

أ‌- رفض عودة اللاجئين الفلسطينيين بالمطلق

اعتمد الصهاينة قراراً يمنع بموجبه عودة اللاجئين إلى مدنهم وقراهم ومزارعهم منذ الأشهر الأولى لحرب 1948. تجلى قرار المنع في رسم خطة وتشريع صيغ محددة البنود. شارك في قرار المنع والتشريع كل من مؤسسات الكيان الصهيوني "جيش الدفاع"، الحكومة العسكرية، إدارة الشؤون المدنية، إدارة أملاك الغائبين، إدارة الشرق الأوسط، والأحزاب الصهيونية الفاعلة  كمابام، ماباي، البالماخ والهستدروت والهاغانة منذ الأيام الأولى لحرب 1948، وتحديداً منذ احتلال مدينتي يافا وحيفا.

شارك في اتخاذ قرار المنع وتنفيذه معظم زعماء الصهاينة كل في موقعه العسكري والسياسي، المدني والديني ومنهم بن غوريون، شيرتوك، شلومو، شيتريت، زيف شاف، غاد ماكس، وساسون وغيرهم (بني موريس، عالم المعرفة، عدد 407، ديسمبر 2013).

ومن بعد خطوات منع العودة، أحدث الصهاينة تطورات على الأرض الفلسطينية وتغيرات بشكل متسارع بالتشكيل والتغير الطبيعي والسكاني مما يقضي على امكانية العودة وعدم الرضوخ للضغوطات الخارجية في حال تعرضوا لذلك، وتمثلت منهجية وصيغة منع ورفض حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، وحيفا ويافا واللد والرملة وصفد ومنطقة الجليل الشرقي والغربي على النحو التالي:-

1- تدمير تدريجي للقرى الفلسطينية المهجورة. ذكر مركز العودة الفلسطيني أن اكثر من 400 قرية فلسطينية دمرتها السلطات الصهيونية.

2- تقاسم الاراضي الفلسطينية بين مستوطنات الصهاينة منذ عام 1949 حتى اليوم.

3- زراعة الأراضي الفلسطينية المصادرة والقريبة من المستوطنات.

4- تدمير محاصيل حقول الفلسطينيين ولا سيما موسم الزيتون التي تعتمده سلطات الكيان الصهيوني حتى اليوم.

5- بناء مستوطنات جديدة على الأراضي والمواقع الفلسطينية بتسارع كبير بعد إتفاق أسلو عام 1993.

6- توطين المهاجرين اليهود النازحين من العراق وسوريا، لبنان وليبيا، مصر والمغرب واليهود الفلاشا من أفريقيا في منازل الفلسطينيين الخالية، وطرد بعض الفلسطينيين من منازلهم واحتلالها من قبل الصهاينة كحال المقدسيين والخليل وغيرهما..

7- إحالة المتظاهرين المدنيين إلى محاكم عسكرية لترويعهم وترهيبهم وتركيعهم وردعهم من المشاركة في التظاهر وهدم بيوتهم..

منهجية تدمير الممتلكات الفلسطينية واحتلال البيوت ومصادرة الأراضي وسحب جنسية بعض المقدسيين واقتحام وحرق دور العبادة وطرد الفلسطينيين من النقب والغور خطة - قديمة جديدة - تهدف ضمان منع عودة اللاجئين وحتى لا يكون لديهم شيء أو مكان يعودون اليه في حال حدوث صلح كامل!!. عليهم الهجرة والتشتت في دول العالم أو الموت غرقاً في البحر الأبيض المتوسط!!

 

ب‌- قانون العودة لليهود

شرّع الكنيسة الصهيوني في 15 تموز 1950 قانوناً برقم 5710، يسمح بموجبه لليهود وأبنائهم، وأحفادهم وأجدادهم وكذلك كل من يعتنق اليهودية الإقامة في اسرائيل والحصول على الجنسية الاسرائيلية فوراً.

واتبعوا التشريع بقانون الجنسية المتعلقة باليهود وغير اليهود عام 1952، جمع التشريعات الدينية، التاريخية، المواطنية، والديمغرافية، بطريقة عنصرية خاصة لليهود بحيث تكون أفضلية المعاملة لليهود لتسهيل هجرتهم (عودتهم) إلى دولة اسرائيل التي يعتبرونها وطن الأجداد.

أوضح "قانون العودة" أن اسرائيل تشكل الوطن ليس فقط للسكان المقيمين فيها فحسب، وإنما لكافة اليهود المقيمين في العالم، وعودتهم اليها حين يشعرون بخوف أو اصطهاد تأميناً لسلامتهم وحمايتهم.

بمعنى أن "قانون العودة بالمفهوم الصهيوني" يهدف إلى تحقيق ما رسمته الحركة الصهيونية ليتخلصوا كما يدعون من عقدة اللاسامية (htt://www. Palestine org. pf. 1948-1967- law of return. Php).

السؤال الذي يفرض وجوده: ماذا أعدَّت الأنظمة العربية للعودة غير الخطابات واللقاءات والقبل!!؟ وما صيغة العودة لمنظمة التحرير الفلسطينية وللسلطة الوطنية القائمة حالياً!!؟

 

III. فصائل المقاومة الفلسطينية والحركات الإسلامية

توكيداً لنهج حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) المرتكز على حق الكفاح  والنضال الوطني الفصائلي والجماهيري بشقيه العسكري والسياسي لإعادة الحقوق الوطنية لأهلها الشرعيين وعودتهم إلى ممتلكاتهم وإقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة وقابلة للحياة والقدس الشرقية عاصمة لها، وان كانت الصيغة هذه تشمل جزءا من فلسطين التاريخية، لجأت فتح إلى التفاوض كخيار برعاية الرباعية الدولية، وحيث أن التفاوض لم يحقق إقامة الدولة الفلسطينية على جزء من فلسطين، منح اتفاق اسلو بعض قيادة وكوادر منظمة التحرير الفلسطينية العودة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، وأعطى سكان المنطقتين شيئاً من الأمن وحرية الحركة، وإن لم تكن الحماية الحالية المطلوبة والتي ينشدها الفلسطينيون.

تنكر الصهاينة، كعادتهم، تطبيق وتنفيذ بنود اتفاقات اسلو نصاً وروحاً، واستمروا في قضم المزيد من أراضي السلطة الوطنية في رام الله، وتمادوا في بناء مستوطنات جديدة، كما وسعوا حدود المستوطنات القديمة تخطيطاً وإصراراً في منع عودة اللاجئين والقضاء على مقولة إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، واستمروا في ضرب حصار تمويني طبي ومعيشي على قطاع غزة!!.

ممارسات الصهيونية العنصرية والمتنكرة للشرائع الدولية وحقوق الإنسان، واختراق الاتفاقات الدولية أدَّت إلى تأليب الرأي العام الدولي فشجب العديد من تلك الدول ممارسات الصهاينة، وبات واضحاً لحكومات وشعوب بعض الدول أن اسرائيل لا تريد سلاماً وإنما استسلاماً.. تريد الأمن لها وحدها وترغب في قضم الأراضي الفلسطينية.

ومن أبرز الدول التي شجبت ممارسات الصهاينة بعض دول امريكا اللاتينية التي أدانت خطوات الصهاينة الأحادية والمجحفة واعتداءاتها على المدنيين الفلسطينيين واستخدامها الذخيرة الحية ضد المتظاهرين، وحربها ألأخيرة المدمرة على غزة في تموز 2014.

وكانت السويد أول دولة أوروبية تعترف بالدولة الفلسطينية. وحدد النواب الفرنسيون الثاني من الشهر الحالي (كانون الثاني) موعداً لطرح الاعتراف بدولة فلسطين. وعرض البرلمان البريطاني طرح الاعتراف بدولة فلسطين في اجتماعه القادم. ورَصد الاتحاد الأوروبي وهولندا وايرلندا مبلغ 17.5 مليون يورو رواتب لموظفي السلطة في رام الله.

إلا أن الموقف المفصلي الثابت والمتقدم يبقى من اختصاص السلطة في رام الله لطرح مشروع اعتبار الضفة الغربية وقطاع غزة مناطق احتلال وتخضع لنفود الصهاينة وتحميل قوات الاحتلال كافة المسؤوليات السياسية والاجتماعية، المعيشية والانسانية، وما يطرأ ويحدث من حصار ودمار وقتل واعتداءات على الفلسطينيين وتغيّر في البنى الديمغرافية والجغرافية. وهذا يتطلب من السلطة في رام الله التوجه فوراً ودون تأخير إلى الانضمام إلى كافة مؤسسات المنظمات الدولية السياسية والحقوقية والتشريعية والإنسانية ومحكمة العدل الدولية،و إعداد لوائح وقوائم بأسماء الصهاينة العسكريين والسياسيين، والمدنيين ورجال الدين الذين شجعوا وارتكبوا جرائم حرب إبادة وتدمير وحصار وتجويع بحق الافراد والتجمعات والمؤسسات وممتلكات الفلسطينيين في رام الله وغزة وداخل فلسطين 1948.

إحدى وعشرون سنة مضتْ على خيار التفاوض برعاية الرباعية الدولية ولم يحدث أي تقدم إيجابي من قبل الصهاينة لذا، بات واضحاً أن من حق ومشروعية السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية اللجوء إلى خيارات أخرى من شأنها حماية المواطنين وحفظ سلامة ممتلكاتهم قبل فوات الأوان. ومن هذه الخيارات:-

1- إعلان العصيان المدني في كافة المناطق الفلسطينية.

2- وقف التنسيق الأمني مع الصهاينة.

3- إلغاء استخدام بطاقات VIP التي تصدرها السلطات الاسرائيلية لبعض المتنفذين لتسهيل مهماتهم. علماً أن السلطات التي تصدر هذه البطاقات لا تتقيد بها..

4- مقاطعة المنتوجات الصهيونية، خاصة تلك الصادرة من المستوطنات.

5- الاعتصام الجماهيري المتوالي طبقاً لبرنامج محدد الخطوات أمام سفارات وقنصليات الدول الأجنبية والمؤسسات الدولية كالصليب الأحمر، ومراكز حقوق الطفل والمرأة وغيرها.

يستدعي الاعتصام مشاركة ممثلي السلطة الوطني في فلسطين والدول العربية والأوروبية والأمريكية (كندا، امريكا الشمالية والوسطى والجنوبية).

6- إنشاء صندوق طوارئ للإعانات المالية لإعادة اعمار منازل المواطنين الفلسطينيين التي تدمرها قوات الصهاينة ردعاً وانتقاماً.

7- تشكيل فرق عمل تطوع للمساهمة في إعادة اعمار البيوت التي تدمرها قوات الصهاينة. إن تجربة مخيم عين الحلوة في منطقة صيدا شاهد على أثر وتأثير العمل التطوعي عام 1982، لقد أدهش العمل التطوعي الجماعي الفلسطيني البعثات الأجنبية لمخيم عين الحلوة. وكانت الدهشة كبيرة لرئيس Oxfam  البريطانية وفريق عمله في زيارتهم المخيم في كانون أول عام 1982.

8- تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية وتجاوز الحصص والمكاسب الفصائلية، والحزبية والارتفاع إلى الصالح الوطني العام.

9- اعداد لوائح وقوائم ومستندات ملكية الأرض الفلسطينية العائدة للمواطنين في القرى والمزارع والأراضي الاميرية، خاصة أن اللاجئ الفلسطيني لم يحمل في جعبته سندات الملكية في موجات النزوح 1948، 1967، 1973.

زيارة فريق عمل من السلطة الوطنية الفلسطينية لقسم الأرشيف في وزارة الخارجية البريطانية وتنسيق ذلك مع السلطات المختصة يمنحه الحصول على نسخ من سندات الملكية الفلسطينية.

خطوات أساسية وضرورية لما يحمله المستقبل للقضية الفلسطينية. لم يبق شيء يخشاه الفلسطينيون.

خاص مجلة "القدس"/  العدد السنوي