حوار/ امل خليفة
تمر القيادة الفلسطينية بمرحلة حساسة ومهمة في تاريخ القضية الفلسطينية وأمامها الكثير من التحديات السياسية التي تُصعِّب نيل الفلسطينيين لحقوقهم ومطالبهم، إلى جانب استحقاق اتمام ملف المصالحة الفلسطينية الذي يقف كعائق امام التقدُّم وحل المشكلات الفلسطينية الفلسطينية بشكل نهائي. وللإطلاع على هذه الأمور وأكثر كان لنا هذا  اللقاء مع أمين سر المجلس الثوري لحركة "فتح"امين مقبول
ما هي اهم القضايا التي تواجه القيادة الفلسطينية؟ وإلى اين وصل الحوار بين حركتَي فتح وحماس بالنسبة لإنجاز المصالحة التامة والشاملة؟
حاليًا  يجري حِراك من اجل بحث الملفات كاملة وخاصة الملف الأمني لتمكين حكومة الوفاق الوطني من ممارسة سلطتها في قطاع غزة، لكن للأسف حتى الآن هناك معوقات وصعوبات تواجهها حكومة الوفاق الوطني في غزة خاصة ان سلطة حماس ما زالت موجودة ولم تستطع الحكومة الحالية حتى الآن أن توحّد الوزارات والأجهزة الامنية وجهاز القضاء، وهذا سيتم تذليله بعقد لقاء بين حركتَي فتح وحماس في القاهرة في القريب العاجل ليتم وضع النقاط على الحروف ويعتبر تمكين حكومة الوفاق الوطني خطوة مهمة على طريق انجاز باقي الملفات كالانتخابات العامة والبلدية وتوحيد الوزارات وموضوع الموظفين،  ولكن كل ذلك يعتمد على كيف ستمارس حكومة الوفاق الوطني سلطتها في قطاع غزة. وهناك اتفاقات سابقة وتفصيلية حصلت بالقاهرة بخصوص الامن والموظفين وبخصوص الانتخابات، وقد اجتمعت لجنة الانتخابات في العاصمة الاردنية عمّان وبدورها عقدت لجنة تفعيل منظمة التحرير، بما فيها حركتا الجهاد الاسلامي وحماس، اجتماعًا، لذا فهذه اتفاقات اتُفِق عليها ونحن بصدد التنفيذ وليس هناك حوار لاتفاقات جديدة لكن نأمل من الاخوة في حماس ان يشاركوا في تنفيذ هذه الاتفاقات.


كيف تُقيّمون اداء حكومة الوفاق الوطني بعد اربعة أشهر من تشكيلها؟
برأيي فإنَّ أداءها ليس بالمستوى المطلوب خاصة ان الواجبات الـمُلقاة على عاتقها كبيرة وكثيرة وتحتاج الى حسم وجدية. ولكن كما أن على الحكومة واجبات هناك ايضًا واجبات تقع على البعض، وقد قلنا في اكثر من مناسبة وعبر وسائل الاعلام ان على الحكومة ان تبدأ بالممارسة وان تبدأ بإصدار التعليمات والأوامر المدروسة في اطار اختصاصاتها في الوزارات وخصوصا وزارة الداخلية على وجه الخصوص وعندها سنرى من هم الذين يعارضون ويعرقلون عملها على ارض الواقع.


خلال الاجتماع الأخير للمجلس الثوري صدرت العديد من القرارات. فما هي الترجمة الفعلية لقرار ايقاف السلطة بعض الالتزامات المترتّبة عليها منذ اتفاق أوسلو؟ وهل رسمت القيادة خططًا بديلة في حال عدم نجاح وسائل الدفاع السياسية التي تتبعها حاليًا؟
خطوات القيادة الفلسطينية مدروسة بحكمة وحِنكة وهي تسحب البساط من تحت اي جهة ممكن ان تلجأ لفرض اجراءات عقابية ضد السلطة الفلسطينية. وقد درس المجلس الثوري كل هذه الخطوات وقرر دعم الخطة السياسية التي وضعتها حركة "فتح" بالتسلسل بدءًا بتقديم مشروع قرار لمجلس الأمن لتحديد سقف زمني لإنهاء الاحتلال، وفي حالة افشال المشروع من قِبَل الولايات المتحدة سنلجأ للمنظمات الدولية ومنها محكمة الجنايات الدولية، ومن ثم الى اعادة تقييم اتفاقية اوسلو ودراسة التزامات وواجبات السلطة التي نتجت عنها بما فيها الاتفاقيات الامنية والاتفاقيات الاقتصادية. وبالتالي فإن المجلس الثوري واللجنة المركزية سيقومان باتخاذ القرار بالوقت المناسب، علمًا أن المجلس الثوري أيَّد الخطة بتفاصيلها ودعمها بشكل كامل.


ماذا عن القرارات المتعلّقة بالممارسات الاسرائيلية الهادفة لتهويد القدس؟
ورد في البيان الختامي المطالبة بتفعيل دور القضاء وأجهزة الامن والقوى الوطنية بملاحقة مهرّبي العقارات وحكمهم بحكم الخائن، والمطالبة باستنفار عام ونفير لكل ابناء الحركة وأبناء الشعب الفلسطيني واستمرار المرابطة والتصدي للمستوطنين بكل الاوقات وكل يوم اضافة الى دعوة العالم العربي والإسلامي للوقوف عند مسؤولياته وعقد قمة اسلامية لمتابعة قضية القدس وتحذير الكيان الاسرائيلي بأن اي قرار يتعلّق بالمسجد الاقصى كالتقسيم الزماني والمكاني سيكون بداية انفجار للمنطقة وحرب دينية لا يعرف احد مداها.


كيف تنظرون للوضع في قطاع غزة؟ وهل ستصل الاموال التي قامت الدول بالتبرُّع بها من اجل اعادة اعمار القطاع؟
 الوضع في غزة صعب جدًا وما يجري في مصر من احداث اجرامية ارهابية ضد الجيش المصري ينعكس على اهلنا في قطاع غزة كما ينعكس على اللقاءات والمصالحة التي تحتضنها مصر حيثُ أنها اجّلت لقاء المفاوضات غير المباشرة.
ولكن في الوقت نفسه فإن وضع حكومة الوفاق الوطني وانسجام هذه الحكومة مع واقع القطاع وتمكينها من بسط سيطرتها من الممكن ان تشجّع الدول المانحة على ان تدفع ونحن متفائلون بما قدّمته الدول المانحة وقد اعتبر مؤتمر اعادة الاعمار ناجحًا ولكن انجاح اعادة الاعمار يعتمد على القوى السياسية في غزة لتساهم وتدعم في تمكين حكومة الوفاق الوطني،  وان توقف التصريحات التي تستغلها اسرائيل حول اعادة بناء الانفاق وإطلاق الصواريخ وكل الذرائع التي تستخدمها لعدم ادخال مواد البناء فالأمور مرتبطة ببعضها البعض بمعنى أن خطة اعادة الاعمار ودفع الاموال يرتبطان بالأداء الفلسطيني في حكومة الوفاق الوطني وأداء القوى السياسية.
هل سيُستَخدم دعم اعمار غزة كأداة ضغط وابتزاز سياسي للفلسطينيين لتمرير بعض الامور المرفوضة فلسطينيًا؟
ليس هناك شروط من قِبَل الدول المانحة لإعادة الاعمار سوى ان تكون هذه الاموال فقط لإعادة الاعمار  وليس لإعادة بناء الانفاق، وان تكون هذه الاموال والمواد تحت رقابة دولية ونحن وافقنا على ذلك لنتمكن من اعادة الاعمار.


ما اهمية اعتراف دول مثل السويد ودول امريكا اللاتينية وغيرها بالدولة الفلسطينية؟
بالتأكيد هذا أمر مهم جدًا. فكل هذه الاعترافات المتتالية من قِبَل السويد وبريطانيا وربما اسبانيا وقد تلحق بها فرنسا وايرلندا وغيرها، من شأنها أن تراكم وتثبت الحق الفلسطيني بإقامة الدولة واعتقد ان تزايد عدد هذه الدول سيزيد من حق الدولة الفلسطينية.


هل خططت السلطة الفلسطينية لإيجاد حلول بالنسبة للازمة المالية الدائمة في ميزانيتها؟
المشكلة المالية للسلطة الفلسطينية لن تنتهي الا بالاستقلال وحصول دولة فلسطين على حدودها، وطالما ان الحدود لا يزال الاحتلال الاسرائيلي مسيطرًا عليها وهو الذي يجبي الضرائب على البضائع التي تدخل الى فلسطين ويقرر متى يعطينا حصتنا ومتى يحجزها فالأزمة ستبقى.


اين وصلت التحضيرات للمؤتمر السابع لحركة فتح؟
اعتقد ان المؤتمر سيعقد في بداية العام القادم ان شاء الله. لقد عقدنا لقاءً بحضور الاخ الرئيس بعد انتهاء الدورة الرابعة عشرة للمجلس الثوري، وقد تم تشكيل لجان منها لجنة لوجستية ولجنة سياسية من شأنها تحضير البرنامج السياسي للمرحلة القادمة، ولجنة البناء الاجتماعي والبناء الوطني، ولجنة اللوائح، ولجنة عضوية المؤتمر.  لذا فالعمل جارٍ ولكن هناك عائق لعقد المؤتمر وذلك أن المجلس الثوري واللجنة المركزية اشترطا منذ فترة طويلة ان حضور المؤتمر سيكون للأعضاء المنتخبين من الاقاليم وللأسف حتى الان هناك سبعة اقاليم في غزة من بين ثمانية اقاليم  واربعة في الضفة لم تجرِ انتخاباتها وهذا سبب رئيس لتأخير عقد المؤتمر حيث كان من المفترض عقد المؤتمر في شهر اب الماضي، واعتقد ان هذا التأخير اذا استمر سيكون هناك دعوة للمجلس الثوري لعقد اجتماع طارئ لبحث هذه المسألة واتخاذ الاجراءات المناسبة.


ما هي اولويات القيادة الفلسطينية في المرحلة القادمة؟
الاولوية الاولى للقدس الآن والمسجد الاقصى في ظل ما يقترفه الاحتلال والمستوطنون من تدنيس فيه، والأولوية الثانية هي للمعركة السياسية التي تجري الان في مجلس الامن وننتظر نتائجها، فهناك مشروع قرار فلسطيني قد قُدّم للمجلس وفي الاسبوعين الماضيين تغيّر عدد من اعضاء مجلس الامن غير الدائمين كما ان الادارة الامريكية وبعض الجهات طلبت تأجيل عرض المشروع على مجلس الامن لمزيد من الدراسة، والإدارة الامريكية طلبت ان تشارك بالصياغة ولا ادري ان كانت صادقة بقصد الصياغة ام هي تريد التأجيل بغرض المماطلة. وبالطبع فوق ذلك فإن الأولوية أيضًا لترسيخ الوحدة الوطنية والمصالحة لتجسيد الاستقلال، ولا شكّ أن القيادة الفلسطينية ستدق كل الابواب لتنال فلسطين حقها.