تحقيق / مصطفى ابو حرب
يرزح النازحون الفلسطينيون من مخيمات سوريا إلى لبنان تحت ضغوطات عديدة باتت تهدد الأمن الاجتماعي للعديد من هذه العائلات، والتي تبدأ عند عدم قدرة رب الاسرة على مغادرة المخيم بسبب الإقامات غير الشرعية ولا تنتهي عند عجز العائلات النازحة عن تسجيل مواليدها الجدد، ما أدى لوجود مئات الاطفال من فاقدي الاوراق الثبوتية وغير المسجَّلين في الامن العام أو الأونروا.

الأزمات إلى تفاقم
ينوّه مسؤول لجنة النازحين من مخيمات سوريا في مخيم البداوي محمد ابو ناصر إلى وجود ازمة متفاقمة وضغوطات مُمارَسة لم تعد تقوى العائلات المهجّرة من سوريا على تحمُّلها، ويقول: "نحن في اقامة جبرية داخل المخيمات بسبب إقامتنا غير الشرعية ولا نستطيع ان نتخطى حدود المخيم حتى لو من اجل العمل او لأي امر كان.. لقد أصبح احدنا يعيش حالة من الرعب كلّما التقى بحاجز امني خشية الاعتقال والترحيل".
وأعرب أبو ناصر عن استغرابه لقرار الأونروا بقطع المساعدات عن 1100 عائلة مهجّرة من سوريا منها 160 عائلة في البداوي بدءًا من شهر تشرين الأول متشائلاً: "هل يعقل ان يتم تصنيف النازحين من سوريا بمحتاج وغير محتاج!".
من جهته يشير احمد حسن ابراهيم ابو ربيع الى ان كل من يُولَد من النازحين الفلسطينيين لا يتم تسجيله لا على قيود الاونروا ولا الأمن العام، ويوضح "لقد بات اولادنا بلا اوراق ثبوتية. فهل يعقل ان لا يتم تسجيل طفل لأن والده بلا إقامة شرعية؟! والأدهى أن الأونروا حتى لا تسجل هؤلاء الاولاد لتحرمهم من المساعدات الغذائية والدوائية!".
ويروي أحمد كيف انقسمت عائلته الى قسمين عدد من افرادها ذهب الى سوريا بسبب وفاة احد الاقارب ولم يستطيعوا العودة إلا انه ادخلهم عبر التهريب ليتفاجأ بأن الاونروا قطعت عنهم المساعدات وهم موجودون في لبنان في البيت وكانوا مسجّلين اصلاً.
ويرى أن كل هذه الامور مجتمعة تضغط على الأُسَر الفلسطينية النازحة من سوريا تحت مسميات عدة لا احد يعرف اهدافها.
أمّا محمد باكير فهو رب أُسرَة مؤلّفة من خمسة افراد ومما زاد أعباءه كون زوجته حاملاً حيثُ يقول: "لا اعرف كيف سأتصرف مع المولود الجديد الذي ننتظره.. وبصراحة فأنا لا أرغب بحضور ولادته ولكن كم كنت سأسر لو انه جاءني بغير هذه الظروف الصعبة".
ولفت باكير إلى وجود عائلات محتاجة تعجز عن توفير قوت اولادها في الوقت الذي تسعى فيه الأونروا لقطع المساعدات الغذاية والمالية عنها، معلّقًا "لقد بتنا على حافة الخطر، وينطبق علينا المثل "موتة وعصة قبر" ولكن ما حدا حاسس فينا".


مساعٍ للتخفيف من الازمات
يؤكّد مسؤول ملف النازحين في اللجنة الشعبية في مخيم البداوي محمد خطار ابو رامي أن اللجنة الشعبية في مخيم البداوي تتواصل مع المرجعيات الفلسطينية والأونروا للتخفيف من هذه المعاناة والتقت مع إدارة الاونروا في المنطقة وطالبت بوقف شطب المساعدات ووقف برنامج التصنيف بين النازحين بين من هو محتاج ومن هو غير محتاج، مشيرًا إلى أن اللجنة الشعبية تقوم برعاية الاعتصامات المطلبية التي يقوم بها النازحون للمطالبة بتأمين حقوقهم الانسانية والاجتماعية.
وحول موضوع الإقامات والمخالفات رأى خطار أن هذه المسألة مرتبطة بالقيادة السياسية المركزية لمنظمة التحرير وسفارة دولة فلسطين وتواصلها مع الحكومة اللبنانية لحل مشكلة تجديد الإقامات وموضوع المخالفات، واضاف "كذلك فنحن نتواصل مع مؤسسات غير حكومية لتأمين المساعدات الغذائية للعائلات النازحة. وقد عقدت اجتماعًا مع القسم القانوني في الاونروا لبحث موضوع تسجيل حديثي الولادات في الاونروا والأمن العام، ووعدنا بأنه خلال 10 أيام سيتم حل هذا الموضوع".
وتعقيبًا على هذه الأزمات يقول أمين سر حركة "فتح" في منطقة الشمال محمد فياض أبو جهاد "معاناة النازحين الفلسطينيين من سوريا كبيرة جداً، ولا احد يستطيع ان يحل معضلتهم بسهولة، ولكن كلنا نستطيع ان نقف الى جانبهم ونساعدهم لأنهم فقدوا كل شيء، وهم يحتاجون لكل شيء، ولا يحق للاونروا ان تصنف بينهم على أساس أن هذا نازح محتاج وذاك نازح مُترَف فكلهم بالهمِّ سواء، وكلهم يحتاج للمساعدة، ونحن نلتقي بنماذج حية لمأساة النزوح من مخيمات سوريا، فالكل يعاني من عدم إمكانية حيازة اقامة شرعية تخوّله ان يتنقّل بحرية على الاراضي اللبنانية طلباً للرزق والعمل، هذا لرب الأُسرة، أو ان ينتسب للجامعة بالنسبة للطالب، عداك عن القرار التعسفي بحرمان 1100 عائلة من تلقي المساعدات من الاونروا وهي عائلات فقيرة لا بل فقيرة جداً، وهناك أيضاً معاناة ماثلة أمام أعيننا وبشكل يومي وهي عدم تسجيل الولادات الحديثة للنازحين الفلسطينيين من مخيمات سوريا، وهذا يجعلهم بلا اوراق ثبوتية ويحرمم من الاستفادة من كل التقديمات من المؤسسات لكونهم غير مسجلين على اوراق عائلاتهم".
ويضيف فياض "نحن نتابع هذه الملفات كلها مع الجهات الفلسطينية المختصة، ونعمل لإيصال هذه الصرخات الى من يجب ان يتابعها، ونقوم بواجبنا في منطقة الشمال، حيثُ نمد يد العون ما استطعنا الى ذلك سبيلا، ونتواصل مع الجهات الامنية اللبنانية في حال توقيف احد من النازحين الفلسطينيين من مخيمات سوريا، ولكن تبقى هذه المأساة اكبر وأعظم من قدرتنا جميعاً على حلها، لذا فنحن على تواصل دائم مع الاخوة في لجنة النازحين، ونحاول أن نشكل وإياهم ورقة ضغط مطلبية بما يحتاجون اليه من اقامة شرعية ومساعدة على تحمل المأساة لحين عودتهم الى بيوتهم".