استنادا إلى خطابه في وصف الشرق الأوسط في الجمعية العامة للأمم المتحدة، الاثنين، يقول المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، إلى أنه بحسب وصف نتانياهو فإنه على كل يهودي أن يفكر مرتين قبل أن يخرج من منزله، حيث أنه بحسب "عالم نتانياهو" فإن "الإسلام في كل مكان، وغالبيته راديكالية، وأن إيران هي الدولة الإسلامية، أي داعش، أي حماس، وأن جميعهم مصممون على الحرب ضد الغرب ورأس حربته إسرائيل، وأن الإمكانية الإيجابية بالنسبة لإسرائيل لا تكمن في سلام محتمل مع أبو مازن، وإنما بـتعهد ضبابي لعقد حلف مصالح مع دول سنية معتدلة، مثل مصر والأردن"، ويشير في المقابل إلى أن المنطقة تشهد صراعا تاريخيا واسع النطاق لا تبدو أي نهاية له في الأفق.

ويقول الكاتب إن "الألوان السوداء الخمسة" التي يصفها نتانياهو قائمة فعلا في الشرق الأوسط، وأنه صدق في تحذيره للمجتمع الدولي بعدم تجاهل الخطر النووي الإيراني بسبب التركيز على التهديد "الأقل خطرا" من "منظمات الجهاد السنية، وعلى رأسها داعش".

ويتابع أن إيران هي "العدو المنيع والإشكالي بالنسبة لإسرائيل، وليس فقط بسبب برنامجها النووي، وإنما بسبب دعمها الواسع للمنظمات الإرهابية والحركات السرية في الشرق الأوسط". ولكن، في المقابل، فإن مصدرا أمنيا كبيرا يعرض صورة مختلفة للواقع الإستراتيجي في المنطقة تختلف عن تلك التي يرسمها نتانياهو.
وبحسب هذه الصورة فإن إسرائيل ليست مركز "القصة الإقليمية"، وليس فقط لأن حل الصراع الفلسطيني لا يعتبر المفتاح الذي يمكن من خلاله حل كل مشاكل الشرق الأوسط، وإنما بسبب كون ما يحصل خارج حدودها في السنتين الأخيرتين، نتيجة الربيع العربي، "قصة كبيرة" بما لا يقارن، ودور إسرائيل فيها يكاد يكون هامشيا، والحرب التي تدور لا تولد أسماء جديدة في الحدود التي رسمت في اتفاقية "سايكس – بيكو" فحسب، وإنما تغير حياة عشرات الملايين الذين يسكنون في المنطقة الواقع بين لبنان وحدود العراق مع إيران.

وبحسب الكاتب فإن الحديث عن "صراع تاريخي واسع النطاق، لا تبدو له نهاية في الأفق، وتصاعد على خلفية تصاعد داعش الذي دخل الفراغ الذي تركه ضعف الأنظمة في العراق وسورية. ولولا انجرار التنظيم نفسه للديماغوغيا وأساليب الحرب النفسية التي اتبعها، وأصر على إعدام ثلاثة صحافيين وموظفين دوليين بين نهاية آب (أغسطس) وأواسط أيلول (سبتمبر)، فمن الجائز أن يواصل ارتكاب المجازر في صفوف الشعية والعلويين واليزيديين بدون أي إزعاج".

ويتابع أن نجاح داعش كانت وبالا عليه، حيث أن نشر أشرطة قطع الرؤوس هز الغرب، وتسبب بتشكيل تحالف دولي جديد بقيادة الولايات المتحدة، وتقرر، للمرة الأولى، شن غارات جوية في سورية والعراق. وبحسبه فإن " فإن الأشرطة التي كان الضحايا فيها من مواطني الولايات المتحدة وبريطانيا فعلات ما لم تفعله مجازر نظام الأسد بالمواطنين السوريين طيلة ثلاثة سنوات ونصف، ولا حتى الهجوم الكيماوي في آب (أغسطس) من العام الماضي". ويضيف أنه بالنسبة لإسرائيل فإن الهجوم الجوي على داعش يعطي ثماره الأولى، وينطوي على احتمالات لنتائج جيدة في المنطقة.

ويشير الكاتب إلى أن تنظيم داعش بدا يلائم نفسه للظروف الجديدة، ويقلص تواجده العسكري المكشوف لتقليل تعرضه لضربات جوية، علما أن الهجوم الجوي ليس كافيا لطرد داعش من معاقله أو لتعزيز قوات المعارضة المعتدلة أكثر في سورية، بينما تأمل إسرائيل أن تؤدي الغارات الجوية إلى تغيير في التوجه الأميركي، بحيث تكون نتيجته تقديم مساعدة ملموسة أكثر، بالمال والسلاح، لمنظمات مثل "الجيش الحر".

كما يشير الكاتب إلى أنه في الجولان استكملت المعارضة السيطرة على 90% من الحدود مع إسرائيل.

وفي نهاية مقالته يقول هرئيل إن إن أجهزة الأمن الإسرائيلية تظهر سذاجة حيال موقع إسرائيل في هذه الصراعات، وتتلخص في أنه "على إسرائيل أن تكون حذرة من الانجرار إلى لب هذه الصراعات، وعليها أن تواصل التصرف بمسؤولية، وأن تتصرف بحزم إزاء كل محاولات المس بأراضيها، ولكن عليها أن تدرك أنها لا تملي العمليات الإقليمية. والتصرف الذكي يعني خلق تحالفات ثابتة وحتى مؤقتة مع دول ومع منظمات محلية. وكل ذلك يجب أن يتم انطلاقا من إدراك أن الأحداث التي تحصل سوف تستمر في زعزعة المنطقة لفترة طويلة".