تحقيق/ وليد درباس

هـزّت  فاشية  الاحتلال  الاسرائيلي  بعدوانه  الأخير على  قطاع  غـزة  الضمير العالمي الحـي على عدة  مستويات،  وفي  مقدّمه  الشعوب  التواقـة  للعيش  بحرية  وسـلام  وعدالة  وسيادة  غير منقوصـة،  فازدحمت  الساحات  والشوارع  في العديد من  دول  العالم  وخاصة  في  امريكا  اللاتينية وأوروبا وبعض  الدول العربية بالآلاف المؤلّفة من المتظاهرين، الذين نددوا بالاحتلال داعين لرفـع الحصار وتمكين الفلسطينيين من العيش بحرية وكرامة. وبالتوازي مع الحراك إياه أُطلِقت العديد من مبادرات الدعم والمساندة إلى جانب حملات جمع التبرعات التي كان لاتحاد المرأة الفلسطينية في لبنان دور وحضور مهم فيها.


المخيمات كانت سباقة للتضامن مع غزة
تؤكّد رئيسة الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية فرع لبنان آمنة جبريل ان "العدوان على قطاع غـزة  قُوبِل منذ ساعاته الأولى بالشجب والاستنكار الشديدَين في المخيمات الفلسطينية في لبنان، حيث صدحت مكبرات الصوت في المساجد والمقرات الفصائلية بالدعوة للثبات وتوحيد الصف، وعبّرت المجموعات الشبابية عن غضبها بعفوية، فنزلت إلى الشوارع وتظاهَرَت هنا وهناك، وشكّلت مسيرات راجلة سـرعان ما تحوّلت لمسيرات شعبية انضمت اليها العديد من  القوى والفصائل، وعلت خلالها الاصوات بالهتافات التي استنكرت الصمت الدولي، وناشدت الهيئات وأصحاب الضمير الحي تحمل مسؤولياتهم الانسانية والحقوقية بل والقومية والوطنية أيضًا، وتحوّلت بأوقات اخرى لمسيرات تكبير واعتزاز بالقدرة على مجابهة جنود الاحتلال، وأسـر بعضهم، وإرغام عامة الاسرائيليين على الاختباء في  الملاجئ، فصواريخ المقاومة خرقت الجدار العازل، وللمرة الاولى أصبحت المدن والبلدات والمواقع الإسرائيلية الحصينة عُرضة للنيران الفلسطينية ومعها تعطّلت الملاحة  الجوية، وأوقَفت شركات الطيران الدولية -وحتى  الحليفة لإسرائيل  والعدوان- رحلاتها من  والى  اسرائيل. وبسياق المساندة ودعـم الأهـل  أيضًا، أوعـز الاتحاد لعضواته على اختلاف مواقعهن بالمشاركة وبفعالية في مختلف الأشكال والنشاطات الكفاحية ضد العدوان ونُصرةً  لفلسطين وغزة، فشاركن دون تردد في جميع الفعاليات والتحركات، وأصدر الاتحاد من ناحيته بيانًا جماهيريًا، ونظَّم العديد من الوقفات والفعاليات النسائية، ومنها تنظيمه أمسية للشعر الملتزم في مخيم  الرشيدية استضاف خلالها الشاعر زاهي وهبي، وآخرها إطلاق الاتحاد حملة الوفاء لغـزة".

حملة الوفاء لغـزة
هي مبادرة من فرع الاتحاد العام للمرأة في لبنان بحسب ما أوضحته جبريل لافتةً إلى أن هذه الحملة ضرورة وحاجة ملحة، وإن كانت رمزية باعتبار ان العديد  من  القوى  الفلسطينية  قامت ولحينه  بجمع  التبرعات أيضًا، ولكن تبرعات الحملة ستُساعد عـددًا كبيرًا من العائلات بتوفير ما أمكن من احتياجاتها الأساسية خاصة  أن العدوان  -وفق  حديث جبريل- "كان  كارثة  حقيقية  تسببت باستشهاد  ما يزيد عن ألفي فلسطيني، وإصابة أكثر من عشرة آلاف جريح وتدمير بيوت أكثر من أربعمائة ألف نسمة تحوّلوا لمشرّدين، علمًا ان الفئة الأكثر تضررًا كانت من الاطفال والنساء". وتضيف "ولهذا  السبب سيجري  رصد  التبرعات لمساعدة افراد  هذه  الشريحة، مضافًا إليها  اشتراكات  عضوات  الاتحاد  في  لبنان  عن  العام  2014".
وتردف جبريل "العدوان  لم يستهدف غـزة وحسب  بل استهدف الفلسطينيين  دون  استثناء، وما نفعله ينبع من إيماننا بأننا شعب  واحـد  وأصحاب قضية  واحدة  ونواجه  ذات  العدو"، وعطفًا  على  ذلك   تُذكِّر  جبريل  بحملات  تبرع  مالية  قام  بها  الاتحاد  لمساندة  الأهل  في  الضفة  وغزة  إبان الانتفاضة الفلسطينية الأولى والثانية، وحملات تبرع نظَّمها في العام 2013 على  مستوى الأمانة  العامة  والمجلس  الإداري وفروعـه في  الوطن لمساعدة  الفلسطينيين  جراء  تداعيات الأحداث  المؤلمة  في  سوريا  حيثُ صُرِف  لصالح  مساعـدة  الحالات  الاستشفائية  ـ  الصحية  للذين  وصلوا  إلى  مخيمات  لبنان  مبلغ  مائتين وأحدَ عشر ألف دولار (211,000دولار)".
من  ناحية  أخرى  أثنت  جبريل  على صمود شعبنا الفلسطيني الذي لم  يركـع  ولن  يستسلم  أبدًا رغم بربرية العدوان المتواصل، مشيرةً إلى أن "شعبنا يستطيع  الانتصار بإرادته وصموده وتمسكه بمنظمة  التحرير والتفافه حول  القيادة  الفلسطينية التي  تناغمت  مع  الكتائب  المقاوِمة  في  مواجهة  العدوان وتحلّى وفدها الفلسطيني في مفاوضات القاهرة بلغة وموقف واحد، وفي هذا الصدد يُسجَل لسيادة الرئيس محمود عباس حُسن الدراية والحنكة والحكمة وذلك تجسّد بثبات الوفد  على مطالب الفلسطينيين  وحقهم  برفع  الحصار  عن  غـزة،  وفتح  المعابر  بما  فيها  التي  تصل  غزة  بالضفة، وفتح المطار  والميناء وغيرها، وبالتالي  المضي  بدرب  الكفاح  حتى  إنجاز  الحقوق  الوطنية  الفلسطينية التي  أقرتها  الشرعية  الدولية".
وتختم جبريل  بالإشارة  لتشكيل  الاتحاد  العديد  من  اللجان  الفرعية ووُرَش جمع التبرعات على  مستوى المناطق  والمحليات، وحتى  مشاركة عضوات قيادة  الاتحاد في لبنان  بجمع  التبرعات.

إقبال واسع من الأهالي
 حول سير عمل الحملة تقول أمينة  سـر الاتحاد في منطقة  الشمال منى واكد "باشرنا حملتنا من خلال تشكيل لجان من المنطقة والمحليات على مستوى القطاعات والمحلات التجارية، فلمسنا  تجاوبًا  ومساندة  نموذجية  من  قِبَل  أهلنا  في المخيمات لدرجة انهم لم يفسحوا لنا مجالاً للحديث عن هدف الحملة  فبمجرد أن تقول غزة بحاجة للمساندة كانوا يسارعون  بدفع ما تيسر وبسخاء، ويقولون لنا مهما قدمنا  فلن نستطيع أن نمدَّهم بالحد  الأدنى  من  المطلوب،  فهم  يقدمون  أرواحهم  قرابين في سبيل قضية عادلة. وحتى أن بعضهم كان يرفض أن يُكتَب  اسمه على دفتر  الإيصالات،  وكنا نستعيض عن الاسم الشخصي باسم المحل أو فاعل خير، وآخرون كانوا يرفضون أخـذ الإيصال بعد الدفع. وبالمجمل كان رد الفعل ايجابيًا ولم تسجّل ملاحظات باستثناء دعوة الأهالي لأن تكون هكذا حملات موحّدة بين جميع الفصائل لنتيجة أكثر فعالية ولئلا يتشتت الجهد. وكنا نجيب عن كافة الاستفسارات المطروحة وأكّدنا أن هذه الأموال ستصل أهلنا في غزة وخصوصًا الشريحة المستهدفة أي الأطفال والنساء لشراء احتياجاتهم".
من جهتها تُسجل عضو قيادة منطقة  الاتحاد في بيروت جنان الشافعي  ارتياحها لمشاركتها بجمع التبرعات وتعلّق بالقول: "أعتـز وأفتخـر بمساعدة شعبي أينما كان فهذا شيء لا مجال للتردد فيه مهما كانت طريقة وأسلوب المساعدة، لا سيما أنهم يمرون بظروف عصيبة وأليمة بسبب العدوان والحصار الاسرائيلي خاصة على  اهلنا في  قطاع  غـزة".
وتضيف "لمستُ من الناس حبهم  للمساعدة والمساندة، وفي كل  بيت من  بيوت  أهلنا  في  مخيم  برج البراجنة كنا  نُستقبَل  بالترحاب.. وحتى  أن حالات العسر الشديد من اهلنا أبوا إلا أن يشاركوا ولو بالقليل.. وهم لطالما دعوا وابتهلوا بأن  ينصر  الله  الفلسطينيين ويفك  الحصار  عن  اهلنا  في  قطاع  غـزة ويهـدّ اليهود كما كانوا يقولون"، وتختم  بالقول  "لم  أقابل  ولو  معارضًا  واحـدًا  للحملة".
أما نـزهـة الـراعـي، وهي عضو محلي في الاتحاد وباحثة اجتماعية بمركز الامل للمسنين، فقد عملت ضمن مجموعة جمع التبرعات في الشارع التحتاني من مخيم عين الحلوة على امتداد السكة وصولاً لحي نمريـن، ومجموعات أخرى تولّت مسؤولية باقي المناطق، وعن تجربتها تقول "رغم سـوء حال العائلات بهذه المنطقة مقارنة بسواها وجدنا تجاوبًا واقبالاً على المساهمة بالحملة، ورغـم قيام جهات فلسطينية أخرى بحملات تبرع.. فتبرعوا ولو بالقليل"، وتضيف "بعض المترددين أبدوا تجاوباً اثر عِلمهم بتبرع الاتحاد باشتراكات عضواته عن العام 2014، وتقديمه المساعدات العينية كلما توفر للعائلات الفقيرة من جهة وللفلسطينيين المهجرين من سوريا في المخيم، ورصد ما امكن من ايراداته لصالح أهلنا في غـزة".