رام الله- تحقيق/ وسام خليفة
برزت العديد من القضايا اثناء الحرب الثالثة على قطاع غزة خلال ثماني سنوات كان من اهمها الدعوة لانتفاضة ثالثة وتجددت حملات مقاطعة المنتجات الاسرائيلية وحملات الاغاثة التي قام بها الاشقاء بالضفة للأهل في غزة وفي هذا التقرير تسليط للضوء على هذه القضايا وتحليل لها من مختصين ومتطوعين
الحملات الشعبية نموذج على وحدة الشعب الفلسطيني
مثَّلت الحملات الشعبية التي نُفّذت في الضفة الغربية لتأمين احتياجات المنكوبين في غزة، من مواد تموينية وطبية واحتياجات ضرورية، خير مثالٍ على وحدة الشعب الفلسطيني في السراء والضراء. ويوضح المشارك في حملة "شارك شعبك" عادل شبانة أن الحملة تركّزت على اكثر من جانب مثل الدعم النفسي للأطفال أثناء الحرب، وتوزيع طرود غذائية على النازحين في اماكن الايواء، والتركيز على موضوع النظافة الشخصية، ويضيف "ولأن عملنا كان مرتكزًا على معرفة احتياجات الاهالي في قطاع غزة عملنا مع متطوعين من القطاع، وقد لجأنا لتوفير الاحتياجات الرئيسة من خلال شرائها من السوق في غزة لدعمه بما ان المواد متوفّرة فيه والحركة التجارية ضعيفة، وهذه التجربة اضافت الكثير للمشاركين وخاصة الشباب الذين شاركوا بتوضيب الطرود، او بأفكار جديدة لتوفير الاحتياجات التي كنا نعرفها من خلال المتطوعين في القطاع ومن الأونروا، وكانت هبة جماهيرية اكّدت وحدة الشعب الفلسطيني. ومع ان الحملات نشأت بهبة جماهيرية وكان عددها كبيرًا لكن كان هناك نوع من التنسيق فيما بيننا".
أمّا منسّقة حملة قوارب غزة راما يوسف فأعربت عن مفاجأتها لأعداد الناس الذين أتوا إليهم بمساعدات عينية ومادية لغزة أو كمتطوعين للمساعدة في توضيب الكم الهائل من المساعدات التي كانت تصل. وعن موضوع وصول المساعدات لمستحقيها قالت: "متطوعو قوارب غزة متواجدون في غزة، ويحرصون على وصول المساعدات لمستحقيها في مراكز النزوح المؤقتة، وقد عملنا مع العديد من الجهات والحملات ووحّدنا جهودنا، فأثمر العمل بتأمين الاحتياجات وإيصالها لغزة".
إعادة تفعيل مقاطعة البضائع الاسرائيلية كرد على الحرب
حملات مقاطعة البضائع الاسرائيلية ليست وليدة الحرب على غزة ولكن الحرب كانت دافعًا لتفعيلها حيث تقول منسِّقة الحملة النسائية لمقاطعة البضائع الاسرائيلية السيدة ماجدة المصري: "لقد وجّهنا الحملة للمرأة لكونها هي من تحدد احتياجات البيت وتعمل على ترشيد الانفاق، وتبنّينا هذه الحملات في الحركة النسائية كخط عمل مقاوم اثناء الحرب على غزة مع انها ليست وليدة اللحظة، وانما منذ بداية انتفاضة الأقصى، ولكن الآن أُعيدَ تفعيلها وتعتبر هذه الحملة كتطوير للدور النسائي المقاوم في الحركة النسائية الفلسطينية، ونحن نحاول استعادة هذا الدور بدراسته وإعادة تقييمه واعتقد انها ستكون حملة مستدامة ستؤثّر على اسرائيل وتضغط عليها على الصعيدَين الفلسطيني والعالمي".
من جهته تحدَّث مدير عام السياسات الاقتصادية في وزارة الاقتصاد الوطني عزمي عبد الرحمن بالأرقام عن حجم الخسائر الاسرائيلية المتوقعة جراء المقاطعة فقال: "ما نستورده من اسرائيل تبلغ قيمته حوالي 3.4 مليار دولار سنويًا وما نصدّره لإسرائيل يبلغ حوالي 600 مليون، وهذا يمثّل نسبة 8% من الصادرات الاسرائيلية يعني على المستوى الكل الاقتصادي لن يكون هناك فرق كبير لكن على المستوى الجزئي لبعض القطاعات والشركات الاسرائيلية ستتأثر تأثيرًا مباشرًا، وهي قد بدأت تشعر بهذا الأمر، فكثير من المصانع الاسرائيلية انخفض انتاجها الى 50% و70%، وتأثّرت إلى حد كبير، وهذا ايجابي جدًا لأن عندنا اكثر من 50% من السلع الموجودة يمكن ان تغطي او ان نزيد نسبة حصتها في السوق لتغطي احتياجات السوق الفلسطيني، فقطاع المواد الغذائية يُغطي اكثر من 50%، والأدوية اكثر من 50%، والأثاث اكثر من 80%، والأحذية 50%، والصناعات الورقية 34%، وبالتالي هذه القطاعات ممكن ان تضاعف انتاجها وتفتح خطوط انتاج، وهذا بالفعل ما اخذت بوادره بالظهور، حيثُ أن شركات الالبان مثلا بدأت تفتح خطوط انتاج جديدة ومعظم شركات المواد الغذائية، وبدأت تستوعب المزيد من الأيدي العاملة، وبدأت تضخ في السوق انتاجًا وطنيًا بديلًا عن الانتاج الاسرائيلي وكل مليار دولار انتاج وطني يوفر ما بين 70 الى 100 الف فرصة عمل وهذا الرقم يشكل ثلث البطالة".
أمَّا منسّق حملة "بادر" لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية في رام الله احمد بدوان (وهي حملة لمقاطعة البضائع الاسرائيلية بدأت منذ سنتين)، فعلّق بالقول: "انضمامي للحملة نابع من انتماء وطني. في البداية كان هناك صعوبة في تقبُّل الناس للموضوع بدافع انه يجب زيادة جودة المنتج الفلسطيني، ونتيجة لذلك توجّهنا للمصانع، وتحدّثنا معهم وقد تجاوبوا مع ذلك. وتزامنًا مع الحرب على غزة كان للناس تجاوب اكبر كنوع من المقاومة ولو فرضنا ان المقاطعة وصلت لنسبة 10% فإننا بذلك نوفر 100 ألف فرصة عمل في السوق الفلسطيني، فإسرائيل تستفيد منا سنويًا بـ2.5 مليار دولار مع العلم ان جزءًا منها يذهب للجيش الإسرائيلي".
من جهتها توضح سارة الأصفر، ذات الـ18 عامًا، المتطوعة في حملة "بادر" أن الحرب على غزة كانت سببًا في زيادة وعي الناس لموضوع مقاطعة المنتجات الاسرائيلية، لافتةً إلى أنها فوجِئت بأعداد المتطوعين من كافة الاعمار الذين أتوا ليشاركوا في هذه الحملة كرد بسيط وبما يستطيعون لنصرة الاهل في غزة، وأضافت "من الامثلة الناجحة في حملتنا قصة تاجر كان يبيع الخضراوات الاسرائيلية، وعندما توجهنا له لقطع تعامله مع المزارعين الإسرائيليين قال لنا "وفّروا لي عملاً آخر وسأمتنع عندها، فقمنا بتأمين عمل له جعلَه يترك بيع الخضراوات الاسرائيلية".
انتفاضة ثالثة بين السياسة والموقف الشعبي
فيما يتعلَّق بموقف السلطة الفلسطينية من انتفاضة ثالثة يرى الكاتب والمحلل السياسي جهاد حرب أن "السُّلطة تعتبر نفسها مشروعًا يريد ان يحافظ على ذاته، وبالتالي فلا يمكن الحفاظ على السلطة في ظل وجود انتفاضة. اما الشعب فيرى ان الهدف من السُّلطة انتهى بمعنى ان الدولة الفلسطينية لم تتحقق، خاصةً أن استمرار المفاوضات مع اسرائيل في ظل تزايد الاستيطان جعل الامور اصعب، وأصبح الشعب  يظن أن السلطة غير قادرة على اصدار امر ببدء انتفاضة او كبح جماح الانتفاضة".
اما امين سر حركة "فتح" في منطقة قلنديا جمال جحجوح فيرى ان البدء بانتفاضة ثالثة ليس بحاجة لقرار لأنه يعدُّ هبة شعبية والأوضاع السياسية في الضفة الغربية مؤهّلة لانتفاضة ثالثة، ويعتقد بأنها لن تكون موجهة ضد اسرائيل فقط بل ضد السلطة ايضًا بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وعدم وضوح الأُفق السياسي والاستراتيجي مع الاحتلال، معلّقًا "هذه الانتفاضة لن يكون لها تاريخ محدد بل ستكون في الوقت الذي ترى فيه الجماهير انه ليس هناك حل للظروف التي يعيشونه. ولكن لتنجح انتفاضة ضد الاحتلال يجب ان يكون هناك اعداد مسبق، وأي شعب في مثل هذه الظروف يمر بمراحل من صراع وانتفاضات، ولكن وضع الشعب في هذه الفترة لا يعني انه شعب جبان لكن الفترة غير مؤاتية لينتفض".
وختم بالقول: "بالنسبة لسياسة الرئيس محمود عباس فهي تدعو للسلام ولدولة منزوعة السلاح واذا كان هناك انتفاضة فلا بد ان تستخدم الاساليب السلمية مثل التحرك في اروقة الامم المتحدة والهيئات الرسمية الدولية، ولكن هذا لا يجوز في حال وجود احتلال فأشكال المقاومة متعددة منها السياسة لكن الاساس هو المقاومة".