يا أهل غزة المحاصرة، يا أهل المقاومة والصمود، يا أهل التضحيات والإباء، يا أهل الشهداء والدماء والألم، اعذرونا إن لم نجد في قاموس اللغة ما يرتقي إلى مستوى صبركم وإيمانكم، وإلى مستوى صمودكم وانتم تحت النار... وتحت الركام والدمار، وانتم مشتتون في العراء، وانتم تودعون شهداءكم الذين هم شهداؤنا، تُبلسمون جراح جرحاكم، تنتشلونهم من تحت البيوت المدمِّرة، لا وقت لديكم لوداع الشهداء، ولا لمواساة الجرحى، فالهمُّ كبير، والدائر حولكم خطير.

قلوبنا تتصدَّع لرؤية مشاهد دوركم تلتهمها نار القذائف والصواريخ، ولرؤية أطفالكم وشبابكم تلفُهم الاعلام والرايات المغموسة بالدماء وهم يبتسمون لأنهم يرون مقاعدهم في الجنة.

لا نجاملكم وانما من الاعماق نخاطبكم، ونتمنى لو كنا على أرض الوطن حتى يكون لنا شرف التضحية اكثر، وشرف ري التراب الفلسطيني بالدم المتعطش إلى الفداء، وتلبية النداء.

يا أهلنا في قطاع غزة، وفي الضفة والقدس والجليل والمثلث والنقب، كلنا اليوم  امام امتحان الصمود والبقاء، والدماء التي سالت وما زالت تنزف ستظل اكبر من كل الحسابات الفصائلية لأنها دماء عشاق الوحدة الوطنية، دماء الاجيال الفلسطينية التي أخذت على عاتقها حماية الانجازات الوطنية، أنتم اليوم تصنعون تاريخاً مشرِّفاً لشعبنا أينما حلَّ وأقام بعيداً عن المناورات والمهاترات والمراوغات. نحن في لبنان لا ننساكم في قطاع غزة عندما خرجتم من بيوتكم، وما يزيد على المليون وقفوا وسط غزة ليقولوا نعم لياسر عرفات الشهيد والرمز، ومعك يا أبا مازن حامل الامانة، كانت وقفتكم تاريخية لأنكم قلتم لا للانقسام، نعم لفلسطين موحَّدة، نعم لوحدة وطنية جامعة وشاملة.

يا أهلنا بعون الله أنتم المنتصرون، العدوان على القطاع ليس له مبرر، وليس له سوى عنوانٍ واحد وهو الأهم أن نتنياهو وحكومته العنصرية لا يعرفون إلاّ القتل والتدميرَ والاجرام والتعذيب وسفكَ الدماء، ومن أجل أن يبقى نتنياهو زعيماً لهذا الكيان المغتصب ليس أمامه إلاّ الاجتياح براً وبحراً وجواً، وتدمير كل ما هو قائم على الارض، وقتل كل من يعيش على الارض، نتنياهو الملطَّخة يداه بالدماء لا يجد أمامه إلاّ أن يعبث بدمائنا، ويدمّر بيوتنا، ويزرع الرعب في قلوب أطفالنا، لكنه بالتأكيد لن يكسر إرادتنا الوطنية، ولن يستطيع إجبارنا على رفع الرايات البيضاء، ولن نستسلم ولو تقطّعت أوصالنا، لأنَّ فلسطينَ المحررة والمستقلة وذات السيادة تنتظرنا، ولن نخلف الوعد الصادق لأننا أقسمنا القسم ولن نتراجع.

يا أهلنا في القطاع الصابر الصامد مقاومتكم عظيمة، وايمانكم أعظم، واصراركم فاق كلّ التوقعات وأمامه لابد سيكون الانهيار والانحدار والتراجع لنتنياهو وجيشه وأعوانه لأن الشعوب لا تُقهر، ولا تُهزم والتاريخ هو الذي نطق بالحكمة الراسخة.

يا أبناء شعبنا إنَّ نتنياهو يحلم بأن يعيد الانقسام إلى القطاع لتقسيم الوطن والشعب من خلال العدوان، إنه يحلم بأن يحطّم المصالحة، وأن ينسف الوحدة الوطنية، وأن يُدجِّن القرار الفلسطيني المستقل، لكن صبركم وصمودكم ومآسيكم التي هي مآسينا هي الكفيلة بأن تُحطّم المؤامرة، وان تقول لنتنياهو إرحل أنت وجندك، ومعك فلترحل كل أحلامك ومخططاتك فنحن شعب الجبارين، ونحن من مدرسة ياسر عرفات الذي انتصر في معركة الكرامة، وفي حصار بيروت صمد ثلاثة أشهر، وفي جنين كانت الملحمة، وفي المقاطعة كان الدرس بليغاً شهيداً شهيداً شهيداً.

يا أبناء شعبنا، يا أهل المقاومة والمواجهة، يا عشيرة الصبر والايمان والصمود والتحدي، إن أسمى ما نصبو إليه أن نرى الوحدة الوطنية تجمعنا وأن تكون حماية شعبنا الأقدس والأرقى في اهتماماتنا، واسمحوا لنا عبركم وعبر صمودكم وتضحياتكم أن نُحيي الرئيس أبو مازن الذي هبَّ منذ اللحظة الأولى يدعو إلى وقف العدوان، ووقف شلال الدماء، وإلى وحدة الصف والقرار من أجلكم، ومن أجلكم توسَّل إلى الجميع من أجل تحطيم خطط نتنياهو وفريقه المتطرف الذي يهوى العدوان على شعبنا، ومن أجلكم لم يترك دولة أو جهة دولية أو عربية إلاّ وطرق بابها من اجلكم، ومن أجل أطفالكم، ومن أجل أن لا يسيل المزيد من الدماء لأنكم أمانة في عنقه، ويريد قطع الطريق على قادة الكيان الاسرائيلي، ومن أجلكم، ومن أجل فلسطين طلب من مصر أن تطلق مبادرتها لوقف العدوان، وان تكون هي السند للشعب الفلسطيني وأن تكبُر عن الصغائر، فالامر جلل وخطير، وشعب مصر هو الذي عوّدنا على احتضان القضية الفلسطينية، واحتضان الشعب الفلسطيني، وهو الذي رفض الانقسام، ورفض إلاّ أن يتعامل إلاّ مع الشرعية الفلسطينية من أجل وحدة القضية والشعب والوطن.

النصر بإذن الله لكم، والرحمة لشهدائكم، والشفاء العاجل لجرحاكم، والنهاية السعيدة لتضحياتكم، والعزة والمجد والعنفوان حليفكم والسلام عليكم.

أمين سر اقليم لبنان

الحاج رفعت شناعة