دُعي نحو 62 مليون ناخب مصري إلى الإدلاء بأصواتهم ابتداء من اليوم السبت، ولمدة ثلاثة أيام، في استفتاء على تعديلات دستورية ستسمح لرئيس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي، بالبقاء في السلطة وبتعزيز حكمه. ومن المقرر أن تعلن نتيجته في 27 نيسان/أبريل المقبل.
ومنذ أسبوع امتلأت شوارع القاهرة، وغيرها من مدن البلاد، بلافتات تدعو إلى التصويت بـ"نعم" على التغييرات في دستور 2014، الذي يحد عدد الولايات الرئاسية باثنتين مدة كل منها أربع سنوات. كما انتشرت حملات "نعم" الإعلانية في الصحف. وتسمح التعديلات بتمديد الولاية الرئاسية الثانية إلى ست سنوات، مما يتيح له البقاء في الرئاسة حتى 2024. ويجوز له بعد ذلك الترشح لولاية أخرى، ما يسمح له بالبقاء في السلطة حتى عام 2030.
وكان البرلمان المصري صوت بأغلبية ساحقة من 531 صوتا من أصل 554 نائبا، يوم الثلاثاء الماضي، على التعديلات التي شملت تمديد فترة الرئاسة.
وفرضت الهيئة الوطنية للانتخابات غرامة بمبلغ 500 جنيه مصري على كل من يتخلف عن المشاركة في الاستفتاء.
وفي حوار مع صحيفة "الأهرام" الحكومية، أمس الجمعة، قال رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات، لاشين إبراهيم، إن تمرير التعديلات الدستورية يحتاج إلى موافقة "الأغلبية المطلقة من جملة الأصوات الصحيحة (...) ولا يتطلب نصابا معينا".
وبالإضافة إلى إطالة الفترة الرئاسية ، تنص التعديلات أيضًا على إعادة مجلس الشيوخ (الشورى سابقا) الذي كان قد تم الغاؤه بموجب دستور 2012، بعد انتفاضة 2011 التي أدت إلى سقوط نظام حسني مبارك. كما سيصبح للرئيس الحق في اختيار رؤساء الهيئات القضائية ورئيس المحكمة الدستورية والنائب العام، ويجوز له تعيين نائب واحد أو أكثر. وشملت التعديلات تحديد حصة 25% للنساء في البرلمان.
وتحض اعلانات عديدة، تبث في التلفزيون المصري أو في الاذاعة، المصريين على المشاركة في الاستفتاء تحت عنوان "إعمل الصح" (افعل الصواب). وجرى تغييب معارضة التعديلات الدستورية في مصر بشكل ملحوظ عن الساحة.
ففي البرلمان صوّت 22 نائبا فقط ضد التعديلات الدستورية أو امتنعوا عن التصويت، بينما اقتصرت المعارضة تقريبا على مواقع التواصل الاجتماعي تحت وسم #لا_لتعديل_الدستور.
وأعلنت الحركة المدنية الديمقراطية، وهي ائتلاف مصري سياسي معارض يضم عددا من الأحزاب والشخصيات السياسية المعروفة، في بيان أول من أمس، الخميس، "رفضها بكل الوضوح والحسم التعدي علي الدستور"، مؤكدة أن "تلك التعديلات غير الدستورية مرفوضة شكلا و موضوعا".
ودعت المواطنين إلى "التصدي لذلك العدوان الصارخ عليه و كسر حواجز الخوف و التعبير عن موقفهم بحرية (..) والتصويت بـ لا".
يجري هذا الاستفتاء بينما نجحت انتفاضتان شعبيتان في الجزائر والسودان المجاور وأدتا إلى استقالة رئيس وإسقاط الأخر. ويواجه نظام السيسي انتقادات عديدة من منظمات دولية حقوقية بشأن قمع المعارضين السياسيين.
وانتخب السيسي للمرة الأولى في 2014 بأغلبية 96,9% من الأصوات، بعد عام من الاطاحة بالرئيس الإسلامي محمد مرسي، عقب انتفاضات شعبية ضد حكمه. وأعيد انتخابه في آذار/مارس 2018، بأغلبية 97,08% ، في اقتراع واجه فيه منافسا واحدا وشهدت حملة اعتقالات للمعارضة.
ورأت منظمات دولية لحقوق الإنسان في بيان مشترك، يوم الأربعاء الماضي، أن المناخ الوطني الحالي في مصر "يخلو من أي فضاء يمكن أن يجري فيه استفتاء مع ضمانات للحياد والنزاهة".