اعتبر المحلل السياسي الإسرائيلي، بن كسبيت، أنه في أعقاب فوز بنيامين نتنياهو في الانتخابات العامة للكنيست، وتكليفه بتشكيل الحكومة المقبلة، "سيحاول جهاز إنفاذ القانون، منذ الآن فصاعدا، التهرب من قبضة نتنياهو، وليس العكس". وأضاف في مقال نشره في موقع "ألمونيتور" الإلكتروني أنه خلال سنوات حكمه الطويلة، "يعكف نتنياهو على تنفيذ انقلاب تاريخي وفي مركزه تحطيم وسائل الإعلام، وإضعاف جهاز القضاء وإخضاعه للسلطة وهرس حراس العتبة والموظفين المسؤولين الآخرين. ويبدو الآن أنه لا يوجد أحد بإمكانه إيقافه، وحتى أنه لا يوجد أحد سيحاول القيام بذلك".
ورزمت النيابة العامة مواد التحقيق ضد نتنياهو في ملفات ووضعتها في صناديق عديدة، غداة الانتخابات التي جرت في التاسع من نيسان/أبريل الحالي، تمهيدا لتسليمها إلى محامي نتنياهو. لكن حتى الآن، لم يأخذ المحامون هذه المواد، والاطلاع عليها كي يستعد موكلهم لاستجواب يسبق تقديم لوائح اتهام في ملفات الفساد الجنائي المشتبه نتنياهو فيها. وقد تم تأجيل موعد الاستجواب من تموز/يوليو المقبل إلى أيلول/سبتمبر المقبل، بناء على طلب المحامين. وأشار كسبيت إلى أنه "بعد هذا التأجيل أيضا، يتصرف نتنياهو كأنه لا يوجد استجواب"، ونقل عن مقربين من نتنياهو قولهم إنه "لن يكون هناك استجواب، ولا محاكمة".
وأعلن نتنياهو خلال احتفال في حزب الليكود بمناسبة عيد الفصح اليهودي، أول من أمس الثلاثاء، أنه "لن نرتدع من وسائل الإعلام". ووفقا لكسبيت، فإن "نتنياهو سيحاول الآن العودة إلى موقع الجريمة وتولي حقيبة الاتصالات في ولايته الجديدة أيضا. وكأنه لم يُفتح ضده تحقيقان جنائيان، وكأن المستشار القضائي للحكومة لم يقرر تقديم لائحتي اتهام ضده في الملفين 4000 و2000 (قضية بيزك – واللا؛ وقضية يديعوت أحرونوت). لقد فقد نتنياهو الخوف والكوابح واللجم. وسيراهن على كل رصيده".
وتوقع كسبيت أن "خطة نتنياهو للإفلات من لوائح اتهام بسيطة: أولا، بات المقربون منه يصرحون يوميا بأن ’الشعب قال كلمته’، وبموجب هذه النظرية ينبغي أن تطأطئ قرارات المستشار القضائي وجهاز إنفاذ القانون رأسها أمام ’حسم الشعب’. وفصل السلطات والعزل المطلق للمسار القضائي عن السياسي جرى محوها وكأنها لم تكن موجودة".
ورأى كسبيت أن نتنياهو لن يعتمد على "القانون الفرنسي"، الذي من شأنه منع تقديم لائحة اتهام ضد رئيس حكومة أثناء ولايته، ولن يعتمد أيضا على "قانون الحصانة"، الذي يسمح بالتحصن خلف الحصانة البرلمانية واستغلال الأغلبية الأوتوماتيكية في الكنيست، لأن هذه الأغلبية يمكن أن تتغير.
ورجح كسبيت أن نتنياهو سيفضل "الحل البسيط". "لأن القانون الإسرائيلي لا يرغم رئيس حكومة على الاستقالة لدى تقديم لائحة اتهام ضده، يعتزم نتنياهو الاستمرار كرئيس حكومة إلى ما بعد انتهاء الإجراء القضائي، في حال فُتح ضده بعد الاستجواب. والحديث يدور عن محاكمة لسنوات طويلة، يليها استئناف واحتمال لتقديم استئناف آخر في المحكمة العليا. وإذا نجح نتنياهو بإرجاء الاستجواب إلى الخريف وربما لاحقا إلى نهاية السنة، فإنه ليس واضحا كم ستستمر المحاكمات. والحديث عن سنوات طويلة. وربما سيسأم نتنياهو، في غضون ذلك، وسيسعى إلى صفقة ادعاء سريعة. وفي جميع الأحوال، مثلما أنهك الرئيس (الأميركي باراك) أوباما، ومثلما أتعب الأوروبيين ومثلما خدع العالم العربي كله، هكذا يخطط نتنياهو أن يفعل بجهاز القضاء وإنفاذ القانون في إسرائيل أيضا. ولا يوجد منافسون له في هذا المجال".
وأردف أن تعيين الوزير ياريف ليفين وزيرا للقضاء، سيكون مؤشرا على "إعلان الحرب على المؤسسة". كما أن النائب العام، شاي نيتسان، أحد أكثر المؤيدين لتقديم لوائح اتهام ضد نتنياهو، سينهي مهام منصبه في نهاية العام الحالي. "وبإمكان ليفين أن يؤثر على هوية النائب العام القادم، الأمر الذي من شأنه التأثير مباشرة على القرارات التي ستتخذ بعد الاستجواب".
وتابع كسبيت أن ما يعزز هذا الاتجاه من أجل منع محاكمة نتنياهو، هو تزايد قوة حزب شاس وحصوله على ثمانية مقاعد في الكنيست، "تمنح نتنياهو شبكة أمان كاملة في المجال الجنائي"، خاصة وأن رئيس شاس، أرييه درعي، متورط بشبهات فساد. وأضاف أن "تزايد قوة الحريديين الأشكناز، ورئيسهم يعقوب ليتسمان مشتبه بالفساد، والضعف الواضح لموشيه كحلون، قلب الأوضاع رأسا على عقب ورتّب لنتنياهو ائتلافا كأنه حلم... وفي الوضع الحالي، يبدو أن الـ65 اصبعا (أعضاء الائتلاف في الكنيست) مستقرة أكثر من ذي قبل وستحافظ على نتنياهو رئيسا للحكومة تحت لائحة اتهام، وهذا يخضع طبعا للفوضى السياسية – الأمنية الإسرائيلية".
وفي هذه الأثناء، حسب كسبيت، سيسعى نتنياهو وائتلافه إلى تمرير قانون يمنع المحكمة العليا من إلغاء قوانين تسنها الكنيست. وقانون كهذا بإمكانه تمكين الكنيست من التغلب على المحكمة العليا. "وقد أعلن افيغدور ليبرمان أنه سيدعم قانون الالتفاف على المحكمة العليا فقط بعد سن قانون التجنيد (للحريديين). والحريديين يعارضون هذا القانون. وكل هذه الأمور تحدث تعقيدات سياسية إسرائيلية نمطية من شأنها وضع مصاعب أمام خطة تهرب نتنياهو. ومن الجهة الثانية، نتنياهو تغلب على أوضاع أكثر تعقيدا".