تتَّجه المؤشرات الإسرائيلية ناحية فوز رئيس الوزراء نتنياهو بولاية خامسة قياسية، أي تفوّقه على مؤسّس "إسرائيل" ديفيد بن غوريون في سنوات الحكم، ممَّا يعني أنّ الناخب الإسرائيلي اختار العنصرية والأبارتايد وقانون السيادة وضمَّ التجمّعات والكتل والمستوطنات الاستعمارية وإنهاء كلّ ما له علاقة بالعملية السياسية، بل والتأكيد على قانون القومية العنصري والذي صدر في 2018 وقد وافق عليه نتنياهو وينص على أنَّ اليهود وحدهم لهم حق تقرير المصير في "البلاد" باعتبارها الدولة اليهودية القومية، وكما وافقوا على استمرار العدوان على الفلسطينيين وقرصنة الأموال وفرض الشروط والإملاءات، وفي نفس الوقت لا تختلف رؤية غانتس عن نتنياهو تجاه القضية الفلسطينية أو حتى الملف الإيراني.

الإسرائيليون اعتلوا أمس الثلاثاء أعلى سلم التطرُّف، وهذا التطرُّف ليس وليد اليوم ولكن تمَّ تعزيزه بفعل العداء الأمريكي للقضية الفلسطينية من خلال قرارات ترامب ومنها الاعتراف بالقدس عاصمة لـ(إسرائيل) ونقل سفارة بلاده لها وإلغاء المعونات الأمريكية والتحريض على إنهاء دور "الأونروا" بل وتجاوز ذلك برفضه قضية اللاجئين، وقرارات أخرى اتّفقت مع مواقف يمينية إسرائيلية في ظل رئاسة نتنياهو، ومنها استكمال ضمَّ الجولان للسيادة الإسرائيلية، بل وكانت روسيا هي الأخرى ممَّن قدَّموا الهدايا لنتنياهو بإعادة جثة جندي إسرائيلي قتل إبان الحرب الإسرائيلية على لبنان ومنظمة التحرير الفلسطينية في 1982.

ونجحَ نتنياهو في اخترق بعض الدول العربية من خلال زيارات علنية وتطبيع غير مسبوق وانهاك للموقف السياسي الفلسطيني، وإضعاف الموقف العربي بل والقفز عن المبادرة العربية 2002 والتي نصّت على أنَّ التطبيع يبدأ بعد إنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس وحق تقرير المصير وعودة اللاجئين.

لقد انهارت الأحزاب التقليدية في "إسرائيل" وتراجع "العرب" وتفسّخت القائمة العربية المشتركة، وبعودة نتنياهو ووجود ترامب، يمكن القول أنّه لم يعد موجودًا مبدأ الأرض مقابل السلام، أو تطبيق الشرعية الدولية على أساس القرارين 242 و338، وبالتالي تصفية القضية الفلسطينية وصولا لتطبيق بنود صفقة العصر والتي تتماهى مع الموقف الإسرائيلي وبل تدعمه على اعتبار أنها تستند إلى مفهوم الأمن لـ(إسرائيل) والدولة اليهودية والحيلولة دون قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة.

الولاية الخامسة لنتيناهو "في حال حسمت" تعني دعم ترامب لولاية أمريكية جديدة، وبالتالي علينا تصور حجم الضغوطات الهائلة التي ستمارس على القيادة والشعب الفلسطيني، وأمام هذه الدلائل والمؤشرات، فإنَّ الأمور وصلت لمرحلة الذروة في انتظار نزع ترامب الصاعق وكشف ما تبقى من صفقته المشؤومة.