علاء حنتش

أثبتت المقاومة الشعبية على مدار سنوات النضال الفلسطيني أنها قادرة على تعزيز صمود شعبنا على أرضه وإفشال سياسات الاحتلال الهادفة للسيطرة على موارده.

وبحسب الإحصاء الفلسطيني، فإن الاحتلال الإسرائيلي، يستغل بشكل مباشر حوالي 2.642 ألف دونم من الأراضي المسماة "ج"، وتشكل ما نسبته 76.3% من مجمل المساحة "ج"، والتي تبلغ مساحتها 3.375 ألف دونم.

ففي العام المنصرم، صادق الاحتلال على الاستيلاء على نحو 508 دونما من أراضي الفلسطينيين، إضافة الى مئات الدونمات من أراضيهم التي استولى عليها لصالح توسيع الحواجز الإسرائيلية وإقامة نقاط مراقبة عسكرية لحماية المستوطنين.

وبهذا الخصوص يؤكد مدير عام دائرة العمل الشعبي في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان عبد الله ابو رحمة، أن استغلال الاحتلال لمساحات واسعة من المنطقة المسماة "ج"، يهدف لسرقة الثروات لما تحت الأرض أو ما فوقها، من غاز ومياه ومقالع حجارة أو أراض زراعية وتوسع استيطاني، وكلها مهمة واساسية في تكوين الدولة الفلسطينية المستقبلية من الناحية السياسية والاقتصادية، ما يحتم علينا تسخير امكانياتنا وتفعيل مقاومتنا الشعبية في مواجهة هذه الاجراءات وتفعيل القانون الدولي في محاسبة الاحتلال على سرقته لهذه الموارد.

وأوضح ابو رحمة، أن الاحتلال يرمي من خلال سياسته في هذه المناطق الى عمل تواصل ما بين التجمعات الاستيطانية والفصل ما بين القرى والمدن الفلسطينية بالجدار والبوابات، وإحكام السيطرة على اراضي المواطنين.

وطالب أبو رحمة، بتفعيل المقاومة الشعبية بكافة اشكالها وانواعها لأنها أثبتت فاعليتها في ظل اختلاف موازين القوى، وفي كل المواقع التي كانت فيها المقاومة الشعبية فعّالة حققت إنجازات فعلى سبيل المثال في قرية بلعين وما جرى أيضا في الخان الأحمر من وقف عملية التهجير والنجاح الشعبي في رفض البوابات الالكترونية في القدس المحتلة، والمثال الاكبر والاوضح ما حققته الانتفاضة الشعبية "الحجارة" عام 1987.

وبين، أن الحراك الشعبي مهم جدا ولكنه ليس بالمستوى المطلوب، لأن التحديات التي يفرضها علينا الاحتلال، وتهديده لنا في كل بقعة ومساعيه للسيطرة على الارض، بالإضافة الى الاعتداء على ممتلكات المواطنين الخاصة، ناهيك عن ما يتعرض له المواطنون من استهداف مباشر، وفي الآونة الأخيرة رأينا كيف يستبيح الدم الفلسطيني بغض النظر عن جنسه أو عمره أو طبيعة عمله مثل المسعفين والصحفيين.

وطالب ابو رحمة، بأن يكون هناك عمل شعبي منظم في كافة المواقع وتوجيه على غرار انتفاضة الحجارة وتحديد خطوط عامة لهذا النضال، كذلك حراك في ذكرى يوم الأرض وأن لا يقتصر على المناسبات، مشيرا الى تجربة بلعين المتواصلة منذ 15 عاما وضرورة تعميم هذا النموذج في كل المواقع وعدم الرضوخ لتعليمات الاحتلال.

من جهته أوضح منسق الحملة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان صلاح الخواجا، أن استغلال دولة الاحتلال للمناطق المصنفة "ج" له هدف اقتصادي الى جانب الأهداف والأطماع الأخرى التي تهدف في مجملها الى تفريغ الوجود الفلسطيني من مناطق تلك المناطق والسيطرة على مقدرات شعبنا من المياه والاراضي الزراعية ومصادر البحر الميت والمراعي للثروة الحيوانية وتحديدا في الاغوار، والطاقة الشمسية.

وبين الخواجا ان تقريرا للبنك الدولي قبل ثلاثة أعوام افاد بأنه لو استفاد الشعب الفلسطيني من الموارد الموجودة في المناطق المسماة "ج" فان عائداتها تقدر بأكثر من ثلاثة مليارات دولار سنويا قبل اكتشاف بئر البترول في قرية رنتيس غرب رام الله .

ولفت الى أن تقرير مفوض مجلس حقوق الإنسان أحد مؤسسات منظمة الأمم المتحدة، قال "إن الاسرائيليين يسيطرون على أكثر من 85% من مياه الضفة الغربية وكذلك على الحجر الخام وهناك 12 شركة اسرائيلية تعمل في محاجر اراضي الضفة الغربية وهذا مخالف لاتفاقيات جنيف التي لا تعطي الحق لدولة الاحتلال بالتصرف بمقدرات شعب محتل.

واعتبر الخواجا أن المقاومة الشعبية من اهم الوسائل للدفاع عن مقدراتنا واراضينا، وان نموذج انتفاضة الحجارة هو الأبرز للمقاومة الشعبية الذي يوحد الكل الفلسطيني لأنها كانت تمثل كل ابناء شعبنا وغيرت في موازين القوى ضد الاحتلال.

ولفت الى أن مقاطعة الاحتلال اثبتت نجاعتها حيث وحسب دراسة فلسطينية إذا أخفينا 15% من منتجات الاحتلال من السوق الفلسطينية واستبدلناها بأخرى فلسطينية يمكن ان توفر اكثر من خمسين فرصة عمل علما انه يتم رفد سوق الخريجين بـ 37 الف خريج سنويا، في ظل عدم قدرة القطاعين الرسمي والاهلي استيعاب ألفي وظيفة سنويا ويبقى 35 الف ما بين عاطل عن العمل او يعمل في المستوطنات او على عقود.

وشدد على ان هذا يتطلب خطة عمل جامعة للكل الفلسطيني لنتحمل المسؤولية بشكل جماعي في اطار خطة وطنية تعزز صمود الناس في مناطق "ج" وترفع من مستوى المعرفة والخبرات المهنية للعمل في الاراضي المهددة بالمصادرة وتوفير الموارد التشغيلية للخريجين وتعزيز صمودهم، وبهذا تصبح المقاومة الشعبية في أحد أشكالها تعزيز صمود الناس وهو يعتبر الاسلوب الاقوى والامثل لمواجهة خطة التهجير في المناطق الفلسطينية.