بسام أبو الرب

لم يستوعب المواطن رائد الثلث (46 عاما)، الذي يعمل سائقا في شركة توزيع كهرباء الشمال، ما يحصل معه وزملاؤه، أثناء توقف مركبتهم على جانب الطريق الواصل بين نابلس وطولكرم، بعد أن انهالت كميات كبيرة من الحجارة عليهم، من كل حدب وصوب، بعد هجوم لمجموعة من المستوطنين.

المواطن الثلث الذي يعمل سائقا لأكثر من عشرين عاما، لم يدرك وقت الهجوم أن محرك المركبة ما زال يدور، من هول الموقف لم يستدل على مقود المركبة، بعد صرخات زملائه بالتحرك فورا، للهروب من الحجارة التي أصبحت مثل زخات المطر، حسب وصفه.

أمس الأحد، هاجمت مجموعة من المستوطنين طاقم شركة توزيع كهرباء الشمال، أثناء عملهم في منطقة تقع على الطريق الواصل بين نابلس وطولكرم، أصيبوا بجروح ورضوض نقلوا على إثرها إلى المستشفى العربي التخصصي في مدينة نابلس.

ويقول المواطن الثلث الذي أصيب بجروح في رأسه "أدرت مقود المركبة، باتجاه مدينة نابلس، وذلك بسرعة فائقة ودون أن ارفع رأسي لأشاهد الطريق الذي يعج بالمركبات غالبا".

"عقب تلقي نداء استغاثة من مركز الطوارئ في شركة كهرباء الشمال، تحرك الطاقم صوب المنطقة الصناعية إلى الغرب من مدينة نابلس، بالقرب من نادي المدنية، لوجود عطل كهربائي في أحد المنازل، وكانت وقتها الساعة تقارب السابعة مساء"، يضيف الثلث.

ويتابع: "توجهنا إلى المنطقة بانتظار صاحب المنزل على جانب الطريق، لاحظنا وجود أحد المركبات مطفأة الأنوار، لحظات حتى انهالت علينا الحجارة، تحطمت على إثرها نوافذ المركبة، وتطاير الزجاج من حولنا، ونحن لم ندرك بعد ما حل بنا".

عقب عملية إطلاق النار التي وقعت بالقرب من مستوطنة "أرئيل"، هاجم المستوطنون عددا من المركبات والمنازل في محيط مدينة نابلس.

الصرخات التي أطلقها رئيس قسم الطوارئ في شركة توزيع كهرباء الشمال، سامر أبو الحيات (56 عاما)، والذي كان يرافق الفريق، كانت تدوي داخل المركبة التي استهدفها مجموعة من المستوطنين، بالتحرك فورا من الموقع.

يقول أبو الحيات "أكثر من خمس دقائق ونحن تحت ضرب الحجارة، من كل الجهات، لا نعرف من أين تأتي؟ حاولت رفع رأسي وأنا أجلس في المقعد الخلفي، شاهدت حوالي 10 مستوطنين يتسلقون الجانب الخلفي من المركبة ويلقون الحجارة صوبنا".

"كان الخطر محدقا بنا من كل الجهات في هذه المنطقة التي نسيمها شارع الموت، فإذا تعرضت لحادث في المنطقة هذا يعني النهاية"، يضيف ابو الحيات.

ويتابع: "اجتاز السائق الطريق بسرعة جنونية، وكان يتخيل لي أنني مصاب برصاصة في الظهر من شدة الالم، تفاجأنا بمجموعة من الجنود المشاة قرب مفرق طرق، وهنا عاد الخوف مرة أخرى، تحسبنا من استهداف المركبة من قبل جنود الاحتلال، كونها كانت تسير بسرعة جنونية".

ويؤكد أبو الحيات الذي أصيب برضوض في الكتف والظهر، أنه عقب تخطي الجنود بسلام تصادفنا بمركبة على مدخل مستوطنة "شافي سمرون"، عندها ايقنت أن الموت قادم لا محالة، ولكن إرادة الله أنقذتنا ووصلنا إلى مدخل بلدة دير شرف، وتواصلنا مع قسم الطوارئ، من أجل توفير مركبة اسعاف في الحال.

ولم تكن هذه المرة الأولى التي يتعرض فيها المواطن أبو الحيات لهجوم من قبل المستوطنين، ففي العام 2015 اعترض طريقه عدد من المستوطنين أثناء توجهه لبلدة حوارة جنوب نابلس لإصلاح خلل كهربائي.

فيما يرقد المواطن نشأت دويكات (61 عاما) على سرير الشفاء يتلقى العلاج من آثار اعتداء المستوطنين، متسائلا عن نوعية المادة التي ألقاها المستوطنون داخل المركبة، والتي اصيب بسببها بأزمة حادة وضيق في النفس نتيجة استنشاقها.

ويمد دويكات الذي يعمل كفني كهرباء في الشركة، أصابعه أمامه، قائلا: "أنظر الى اصابعنا تورمت نتيجة الحجارة، فلم يكن أمامنا إلا أن نضع أيدينا فوق رؤوسنا، لتفادي الحجارة التي كانت تستهدفنا بشكل مباشر".

ويعاني دويكات من آلام الركبة والرأس إضافة إلى جرح في العين نتيجة تطاير زجاج المركبة.

شركة توزيع كهرباء الشمال، أكدت في بيان لها، اليوم الاثنين، انها مستمرة في خدمة المشتركين في كل الظروف وكل الأوقات، والاعتداء لن يثني الشركة وطواقمها الفنية من مواصلة خدمة مشتركيها وتوفير خدمة الكهرباء لهم.

وعبرت الشركة عن استنكارها الشديد حول قيام مجموعة من المستوطنين بمهاجمة طاقم الشركة الفني على أراضي دير شرف غرب مدينة نابلس بالقرب من نادي المدينة وإصابتهم بالحجارة وتحطيم المركبة التي يستقلونها، أثناء القيام بواجبهم بإصلاح عطل فني في المنطقة.

وشددت على إدانتها لهذا الاعتداء على مؤسسة تقوم بتوفير الكهرباء للمواطنين وهو حق من حقوق الإنسان كفلته الشرائع والقوانين الدولية والمحلية.

وأثنت الشركة على جهود طاقمها وعملهم المتفاني في تقديم واجبهم رغم كل المعيقات وتمنت لهم الشفاء العاجل والعودة للأهل والعمل.