عندما تدين "الجبهة الشعبية" الممارسات القمعية لمليشيات "حماس" الإجرامية في غزّة، فهي تنتفض للكلّ الوطني، وتنتصر للون جلدها الذي لن تستطيع نزعه.

وعندما ترفض "الديمقراطية" اعتداءات "حماس"، فهي تقف في صف التاريخ والجماهير، وحقيقة الانتصار الذي لا يتولَّد في قلب شعب مهان داخليًّا أبدًا.

إنَّ وقوف "الجهاد الإسلامي" ضدَّ قمع المتظاهرين بغزّة يُدلّل على أصالة وعمق وطني لا تخطئه العين، فليس للعنف أن يوجّه إلّا للعدو فقط.

وعندما تقف كافة فصائل (م.ت.ف) وعلى رأسها حركة "فتح"، وكل المنظَّمات الحقوقية بإباء ضد هذه الممارسات القمعية وغير الإنسانية فهي تؤكِّد معنى التوحُّد مع الحق، والجماهير تسير في ركاب الحق دومًا فهي مادة الثورة ووقودها الأبدي ضد المحتل.

وعندما تصرخ بعض قيادات "حماس" الشريفة أو العاقلة لتقول [لا]، نكتشف أنَّ الأمل ما زال موجودًا بالتغيير في قلب "حماس" المثقل بالمطلَق والمقدّس الموهوم، والمرهَق بالحق الحصري الخرافي.

الشعب الفلسطيني المظلوم والمهضوم والمكلوم في قطاع غزّة العزّة ينتفض مرارًا، وليس للمرة الأولى، ضد الإتاوات والضرائب الجائرة، وضد الحكم غير الشرعي، وضد الحقد، وضد الاعتقالات وتكسير الأيدي والأرجل، وضد غلاء المعيشة ومن أجل العيش الكريم.

كما أنَّ قلب هذا الشعب السامي (من السمو والرفعة) مُثقَل بغصّة الانقلاب "الحسم العسكري" ومُثقَل بمعاملة "المسلمين للكُفّار"! تحت وطأة شعار "قتلاكم في النار وقتلانا في الجنة"؟ ما لا يجوز بين أبناء الشعب الواحد.

شعبنا في القطاع المكلوم سيكسر عصاة جلاوزته الثقيلة، فهو ينتفض ضد الحصار الصهيوني بأدوات سلطة مليشيات تاهت بين شعار المقاومة واستغلال الدين لتمرير الخنوع والقمع، فلم تُفلح ولن تفلِح.

شعبنا الفلسطيني البطل لا يهمّه أن يجوع ويعرى من أجل فلسطين، ومن أجل فلسطين فقط، وليس من أجل هذا القائد هنا أو هناك ولا أعفي أحدًا.

شعبنا الفلسطيني الرفيع في غزّة والضفة وكل مكان لا يقبل الظلم مطلقًا، نعم هو يصبر طويلاً، ويصابر ويجاهد، ولكن آن للقدر أن ينفجر.

لا يستطيع أحد أن ينظر للحراك الشبابي السلمي الداخلي غير الحزبي المستقل في غزة إلّا نظرة احترام وإكبار، وهو الحراك المحق الذي يرسل إشارة خطر في وجه المليشيات السوداء، ويرفع بطاقة حمراء في وجه "حماس" تقول كفى ذلّاً وكفى مهانة وكفى ظلمًا وكفى انفصالاً.

عندما يستفيق العقلاء والشرفاء في "حماس" فيرفضون إطلاق الصواريخ العبثية، كما أسماها قادتهم مؤخّرًا، فهم ينتصرون لبرنامج المنظمة والشعب، وهم بذات الوقت يحبطون محاولات تيار الوقيعة في "حماس" الذي حاول التغطية على الفشل أمام الجماهير بالاستنجاد بالعدو.

وعندما اقتنع قادة "حماس" بالمقاومة الشعبية السلمية طريقا بعيدًا عن الشعارات المبهرجة فهم انتصروا لذات البرنامج والناس.

وعندما نسّقوا أمنيًّا مع الإسرائيلي لحفظ الأمن على الحدود في غزة، فهم يتبعون خطى الواقعية السياسية!

وسواء أتّفقنا مع هذه المتغيّرات في "حماس" أم اختلفنا، فلقد آن لعقلاء "حماس" أن يمدوا أيديهم لإخوتهم المنتظرين أن يستفيقوا كليّا، فالجسد واحد كان وسيبقى، فلا إمارة تدوم ولا مليشيا قادرة على تحقيق النصر، فالشعب الموحَّد وحده من يملك مفاتيح النصر.

الحراك الشبابي المسؤول في قطاع غزة يقول للقلّة من الخوارج في المليشيات السوداء: لن تثنينا طلقاتكم النارية في صدورنا أو عصيكم الحقودة أو أياديكم التي ندعو عليها بالكسر، لن تثنينا عن حقنا بالعيش الكريم، وعن نضالنا من أجل فلسطين والقدس، ومن أجل الوحدة الوطنية، فالثائر والمجاهد لا يقبل الضيم أبدًا وإن طال صبره.

إنَّ الحراك الشبابي الفلسطيني في غزّة يرفع بطاقة أخرى في وجه الانقلابيين رجالاً وفكرة وممارسات، فيرفض دوام الحال فيقول لكلّ ولاة الأمر، ولكل المختلفين على جلد الدّب من القيادة الفلسطينية أن أفيقوا، فالمصاب واحد والعدو واحد، ونحن منكم وأنتم منّا فلا تتركونا وحيدين.