بلغة مؤامرة صفقة ترامب الصهيونية، شديدة الوضوح، أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في اجتماع لحزب الليكود، أنَّ السماح بإدخال الأموال إلى "حماس" في غزة، هو جزءٌ من استراتيجية (إسرائيل) للإبقاء على الانقسام والانفصال بين الضفة وقطاع غزة، وبما يعني بلا مواربة دعم سلطة الانقلاب الحمساوية، والعمل على تأبيدها من أجل ألّا تكون هناك دولة فلسطينية، وفي هذه النقطة بالتحديد كما نقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية قال نتنياهو: "ينبغي على مَن يعارض قيام دولة فلسطينية أن يدعم تحويل الأموال إلى غزة"، وهكذا ومع هذا الإعلان الواضح والصريح لم يعد أمام "حماس" ما هو قابل لمغالطة هذا الواقع -واقع المؤامرة - ولا تزويره، ولا الادعاء أنَّها لا تعلم شيئًا عن غاياته التدميرية!! وبوسع قادة "حماس" لو كانوا على النقيض من هذه الغايات، أن يردوا على نتنياهو، لكنهم التزموا الصمت المطبق (!!) فلم نسمع، ولم نقرأ تصريحًا واحدًا منهم ولهم، ولا من ناطقيهم الكثر، ضد تصريحات نتنياهو هذه، لا بل إنَّهم مع هذه التصريحات، كانوا يحتفون بصور صرف الفتات من الأموال الانفصالية "المئة دولار" على صغار عناصرهم، وهي في الواقع صور مؤلمة لا تليق بأي إنسان، بقدر ما هي جارحة للكرامة وعزة النفس، التي باتت "حماس" بهذه الصور تمرغها بالوحل!!!

حصة الأسد من هذه الأموال هي بالتأكيد لأمراء "الإمارة" وتجارها، ولهذا يصمتون عن تصريحات نتنياهو الفاضحة لحقيقة ما تستهدف صفقة ترامب الصهيونية تحقيقه، من قتل لأحلام شعبنا الفلسطيني وتدمير لتطلعاته العادلة والمشروعة في الحرية والاستقلال.

لسنا نتجنَّى على "حماس" في هذه الرؤية، ولعلَّنا نرجو أن نكون على خطأ فيها، لكنّ سلوك "حماس" الانفصالي في كل خطوة تخطوها، لا يسمح لنا برؤية مغايرة، وما يفضح الآن أنّها ضليعة في مخطط الانفصال الذي تُغذّيه (إسرائيل) بتمرير الأموال إليها، هو صمتها هذا تجاه ما أعلنه نتنياهو بالفم الملآن، وبالكلمات التي لا تقبل أيَّ تحريف أو أي تأويل مخادع، وهو على ما يبدو صمتٌ مدفوع الأجر هو الآخر!!!

تصمت "حماس" تجاه هذه التصريحات الإسرائيلية الخطيرة، لكنَّها تفيض بالتصريحات الساخنة (!!) ضد كل ما تتخذه الشرعية الوطنية، الدستورية والنضالية، من قرارات ومواقف لمجابهة تحديات المرحلة الراهنة، والتصدي لمخططات التدمير المحمولة على صفقة ترامب الصهيونية!!

لم يعد ما هو قابل للشك في أمر "حماس" هذا، أمر ضلوعها في هذه المخططات التآمرية، والذين ما زالوا لا يريدون رؤية هذا الأمر على حقيقته، أن ينتبهوا إذا ما واصلوا هذا الموقف، فإنَّهم في أفضل الأحوال سيكونون كذاك التاجر الذي ما طال عنب اليمن، ولا بلح الشام، وهذا ما لا يحبه التاريخ، وما لا ينظر إليه بعين التقدير والتثمين، إن لم يضعه في قاعة المحاكمات القاسية!!!

وباختصار شديد: تجري الأموال لحماس في قطاع غزّة، من أجل تكريس انفصاله عن الضفة، أي من أجل تدمير الوحدة الجغرافية لدولة فلسطين، أي من أجل منع قيام هذه الدولة، هذه هي استراتيجية مؤامرة صفقة ترامب الصهيونية، التي يرحِّب بها الصمت الحمساوي، هذا الصمت الذي طال أيضًا قبل ذلك، القرصنة الإسرائيلية للأموال الفلسطينية، كي لا تدفع السلطة الوطنية رواتب لأسر شهدائنا البررة، وأسرانا البواسل، والسكوت كما يعرف الناس، كل الناس، علامة الرضا!!! لكنّ ما لا تعرفه "حماس" حقًّا أنَّ غزة "لا تبيع البرتقال لأنّه دمها المعلّب"، بمعنى أنَّها لا ولن تبيع كرامتها الوطنية، ولا تاريخها النضالي، ولا تضحياتها العظيمة أبدًا، فهذا هو دمها، وهذه هي روحها وموقفها، حتى لو تدفق معبر بيت حانون بسيل جارف من الدولارات، لأنّها تعرف أنَّها دولارات للفصل والهدم والتدمير فحسب.

ملاحظة: يتغوَّل الاحتلال في عدوانه على الأقصى وباحات الصلاة فيه، وقد حوَّل ساحة الغزالي في المدينة المقدسة، إلى منطقة عسكرية مغلقة، و"حماس" لا تتحدَّث سوى عن التهدئة والتقدم في مساراتها!!