في خطة تصفوية بحجم صفقة القرن، هدفها إنهاء القضية الفلسطينية ودمج (إسرائيل) بشكل كامل مع محيطها الإقليمي، خطة بهذا الحجم بحاجة لأدوات وأدوار وأطراف عدّة لتوفير فرص نجاحها، حتى لو بدا في الظاهر أنَّها متناقضة، ولكن حصيلة دورها وعملها يقود للهدف ذاته الذي يسعى إليه أصحاب الصفقة الرئيسَين إدارة ترامب ونتنياهو.

كيف نرى أنَّ "حماس" الإخوانية أداة ولها دور في تمرير وإنجاح الصفقة؟

تحت غطاء أنَّها مقاومة ماذا تفعل "حماس"؟؟

أولاً: تصرُّ على أن تُقدِّم نفسها بديلاً مباشرة أو عبر حلفائها، وأنَّها الأقدر ويمكن الاعتماد عليها أكثر من أي طرف آخر، على تمرير صفقة القرن، مجرّد إعطاء هذا الإيحاء أو السعي له من شأنه إضعاف الموقف الفلسطيني المتصدي لمؤامرة الصفقة التصفوية، "حماس" في إطار هذا الدور ماضية حتى النخاع في محاولة تحطيم البيت الفلسطيني كلّه أو حتى الدفع باتجاه حرب أهلية داخلية، ولا ننسى هنا أنَّ "حماس" دعمت إقليميًّا، وبإعادة انتشار لقوات الاحتلال الإسرائيلي في محيط قطاع غزة، للقيام بانقلابها عام2007، وإدخال الشعب الفلسطيني في انقسام مدمِّر، "حماس" اليوم منخرطة بمؤامرة الضغط متعدِّدة الأطراف والأساليب على الشرعية الوطنية لإجبارها على قبول صفقة القرن، عبر التلويح بانقلاب جديد، في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى الوحدة والتضامن.

ثانياً: "حماس" متورطة في صفقة القرن عبر انخراطها بمؤامرة فصل قطاع غزّة عن الضفة، والتي هي جزء مهم من صفقة القرن، وبالتالي منع أي فرصة للمطالبة بدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967. هناك أدلة كثيرة على هذا التورّط آخرها عندما رفضت التوقيع على بيان موسكو، رغم أنها وقعت في السابق على بيانات نسخة طبق الأصل، فموسكو عندما استشعرت أنَّ استمرار الانقسام الفلسطيني يوفِّر فرصةً ثمينةً لتمرير صفقة ترامب، دعت كل الفصائل الفلسطينية في محاولة للخروج من مربّع الانقسام. مَن أفشل المحاولة الروسية هو "حماس"، لذلك ألغت موسكو زيارة إسماعيل إليها نهائيًّا، لتقول لحماس أنتِ المسؤولة عن الفشل، وأكثر من ذلك لا يغيب عن موسكو أنَّها- أي "حماس"- استغلَّت وجودها في العاصمة الروسية لترسل رسالة لترامب ونتنياهو أنها ملتزمة بالدور المنوط بها، وأنَّها تقوم به بتعزيز الانقسام لا العكس.

ثالثًا: "حماس" تحافظ على قناة تواصل قوية مع (إسرائيل) عبر قطر وغيرها، قناة توفِّر لها المال وتنسِّق من خلالها الدور، والدليل على قوة وثبات هذه القناة أنَّ حكومة نتنياهو وفي الوقت الذي تحتجز فيه أموال أُسَر الشهداء والأسرى عن القيادة الفلسطينية تقوم (إسرائيل) بإيصال المال لحماس عبر الموساد لتشجيعها على الاستمرار في دورها الانشقاقي المنوط بها في صفقة القرن.

"حماس" هي جزء من جماعة الإخوان وهي الأداة الأميركية التاريخية لتدمير المشروع القومي العربي، وأي مشروع وطني وفي مقدّمته المشروع الوطني الفلسطيني المناهض للصهيونية و(إسرائيل)، ولكي تقوم "حماس" بدورها التخريبي لا بدّ لها من ستار مخادع، تختبئ وراءه ألا وهو أنَّها حركة "مقاومة".

لنُدقِّق معًا في مقاومة "حماس" ولـمَن تُجيّر وما هي أهدافها الحقيقية، باعتبارها جزءًا من جماعة الإخوان وتنظيمهم الدولي المرتبط تاريخيا بمخطّطات الـ(CIA)، فإنَّ ما تدّعيه "حماس" أنَّها مقاومة من أجل فلسطين هو في حقيقة الأمر يصبُّ لمصلحة الجماعة ومَن يمولها ويحدِّد لها دورها، وأقرب مثال دور هذه الجماعة في "ثورات" ما سُمِّي الربيع العربي، باعتباره إحدى أدوات الفوضى الخلّاقة وتدمير الأمة العربية.

دور "حماس" في صفقة القرن لا يقل خطورة بل يزيد عمَّن يتلهَّف للتطبيع مع (إسرائيل) ودمجها في المنطقة قبل أن ينال الشعب الفلسطيني حقوقه الوطنية المشروعة في العودة والحرية والاستقلال. "حماس" وهؤلاء كلٌّ له دوره في تصفية القضية الفلسطينية، وإن بدا التناقض بينهما فالمايسترو لهم جميعًا هو ذاته أي الصهيونية العالمية وداعمها، من الولايات المتحدة الأميركية.