انتهى مؤتمر وارسو إلى فشل ذريع بشكل عام، ولكلٍّ من الرئيس الأميركي ولرئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو، خاصّةً للأسباب التالية:

بالنسبة للرئيس ترامب:

أولاً: المؤتمر لم يخلص إلى وضع خطة عمل لتحقيق أهداف الاجتماع التي حدَّدتها الإدارة الأميركية.

ثانيًا: انخفاض مستوى التمثيل لدول الاتحاد الأوروبي ما يمكن تفسيره بالأقرب للمقاطعة منه للمشاركة.

ثالثًا: مقاطعة الدول الكبرى روسيا والصين للمؤتمر ما أفقدَه صفةَ "مؤتمر دولي".

رابعًا: رفض القيادة الفلسطينية المشاركة بالمؤتمر، ووصفه بمؤتمر تآمري لتصفية القضية الفلسطينية لحساب المشروع الصهيوني العنصري الإرهابي.

خامسًا: الفشل بانتزاع موافقة عربية على صفقة القرن، وما الموقف الأردني والسعودي والكويتي إلّا دليل على ذلك.

سادسًا: الفشل الأميركي بانتزاع إعلان باعتراف رسمي بالكيان الصهيوني من الدول العربية المشاركة بل والتنصُّل من تبعات المشاركة بصُوَر جماعية وإظهارها بأنَّها خطوة تطبيعية، كما صرَّح بذلك مسؤول كويتي. إضافةً إلى ما صرَّح به وزير الخارجية اليمني الذي وصف جلوسه بجانب مجرم الحرب نتنياهو بأنّه خطأ بروتوكولي.

بالنسبة لنتنياهو:

أوّلاً: فشل نتنياهو بعقد اجتماعات ثُنائية مع معظم وزراء خارجية الدول العربية المشاركة.

ثانيًا: فشله بانتزاع أي قرار يهدف للضغط على القيادة الفلسطينية للقبول بصفعة القرن كما سمَّاها الرئيس محمود عبّاس.

ثالثًا: فشله وفشل وزير الخارجية الأميركي متكافلين متضامنين بانتزاع قرار يعترف بإفرازات ونتائج سياسة الأمر الواقع التي انتهجها الثنائي المتعجرف المتعنِّت نتنياهو ترامب فيما يتعلَّق بالقدس واللاجئين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.

بناءً على ما تقدَّم لا بدَّ من إيلاء العناوين التالية أهمية لمواجهة المرحلة القادمة، وما تحمله من تحديات وتهديدات مباشرة وغير مباشرة:

ضرورة عقد مراجعة تقييمية للمرحلة الماضية، وما اتّسمت به من نزاعات واختلافات وتباينات بهدف تحديد التحديات التي تُهدِّد الأمن والاستقرار الجمعي العربي وكيفية مواجهتها.

التوافق على استراتيجية توافقية تُعزّز منعة وقوة وأمن واستقرار جميع الأقطار العربية على الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية وغيرها.

التوافق على رفض سياسة ترامب الهادفة لخدمة الكيان الصهيوني العنصري وإدماجه بالجسد العربي.

عدم الثقة بمصداقية ترامب وإدارته وكذلك بالكيان الصهيوني الذي يمثل رمزًا وعنوانًا للإرهاب فمصلحتهم فوق أيّ اعتبار آخر.

الازدواجية الأميركية بالتعامل مع القرارات الدولية خاصّةً في عهد ترامب مثال واضح على عدم إيلاء المصالح العربية، خاصّةً الخليجية والفلسطينية، أيّ اعتبار، فلو كان ترامب مُخلصًا وجادًّا في زعمه بأنَّ إيران خطر على أمن واستقرار المنطقة فلماذا لا يُشارك عسكريًّا مشاركة فعلية ضمن قوات التحالف الدولي التي تقوده السعودية تنفيذًا لقرار مجلس الأمن الصادر وفق البند السابع المتعلِّق بالتعامل مع تمرُّد الحوثيين في اليمن؟

ولماذا يستمرُّ بدعم سياسة القيادة الصهيونية الهادفة لتقويض حق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم التي طُردوا منها عنوة عام 1948؟

ربط مستوى العلاقات السياسية والاقتصادية مع أميركا وغيرها بمدى قرب واحترام هذه الدول للمصالح العربية واحترام سيادتها وأمنها واستقرارها.

رفض صفقة القرن مقدمات ومضمونًا ورفض أي محاولات أميركية إسرائيلية وإقليمية لتجاوز القيادة الشرعية للشعب الفلسطيني ممثّلةً بمنظمة التحرير الفلسطينية الممثِّل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

العمل على بناء جبهة دولية مساندة للحقوق العربية بشكل عام وللحق الفلسطيني الذي يتعرَّض لأعتى أشكال المؤامرات بشكل خاص.

هذا الحد الأدنى الذي تنتظره الجماهير العربية من القمّة العربية القادمة المزمَع عقدها في تونس.

الجماهير العربية تدعو قياداتها للتضامن ونبذ الفرقة فهذا السبيل الوحيد للخروج من مربّع الضعف إلى مربع القوة التي نمتلك الكثير من أدواتها.

الوقت يمضي لغير صالحنا اذا ما استمرَّت الخلافات والنزاعات ولم تصل القيادات إلى تحديد معسكر الأعداء ومعسكر الأصدقاء.