تقرير: بسام أبو الرب

تحاول مصممة الأزياء الفلسطينية ليهيا عفانة (58 عاما)، أن ترتب أفكارها قليلا أثناء صناعتها إحدى الدمى المسرحية، وتركز مطولا لإخراج الشكل الذي ترسمه في مخيلتها وتصقله على أرض الواقع.

عفانة من مدينة نابلس، تعمل في مجال تصميم الأزياء والفن وصناعة الدمى المسرحية، منذ ثلاثين عاما، ترى في ساعات الليل والعمل على صناعة الدمى مؤنسها وصديقها الوحيد، فلا باب يقرع ولا هاتف يقطع حبل أفكارها.

المطبخ الذي اعتادت كل ربة منزل ممارسة فنون الطهي فيه، تجد عفانة فنونا أخرى داخل أروقته، بمواد من مخلفات الأقمشة والملابس المهترئة والجوارب.

"أكثر من عشر ساعات أمضيها في صناعة الدمى المسرحية، بين كومة من الأقمشة بعد رسم ما يدور في مخليتي على الورق ثم أسقطه على أرض الواقع، لتصبح دمية"، تقول عفانة.

الدمى المسرحية المتحركة أو "الماريونيت" هي عبارة على مجسمات صناعية يتحكم في حركاتها شخص، إما بيده أو بخيوط أو أسلاك أو عصي، وقد تمثل الدمية شخصا أو حيوانا أو نباتا أو شيئا من الأشياء.

"في البداية كانت صناعة الدمى المسرحية هواية، وكان والدي داعم أساسي لي في صقل هذه الموهبة" تضيف عفانة.

كل شيء يمكن رؤيته أستطيع اسقاطه على أرض الواقع، تؤكد عفانة.

وترجع البداية الحديثة لمسرح الدمى إلى مسرح خيال الظل والذي كان أول من قام بتشخيصه رجل عراقي، رحل إلى مصر في أعقاب الغزو المغولي، ويدعى ابن دانيال الموصلي، الذي غادر مصر شابا سنة 665 للهجرة وعمره 19 ربيعاً.

"أفكار صناعة الدمى والشخصيات مستوحاة من المجلات والبرامج التلفزيونية" تقول عفانة.

وتشير إلى أن صناعة الدمى عالم واسع وبحاجة إلى خيال نوعا ما، ويساعد في صقل شخصية الأطفال الذين يتقمصون الأدوار في بعض الأحيان، وتعمل على اعطائهم فرصة للتعبير عما يدور بداخلهم وكسر الحواجز.

والدمى تتقمص أدوارا في مسرحيات تعرف باسم عروض العرائس، ويعتبر الانتاج الأضخم على مستوى الدمى عربيا بإنتاج البرنامج التعليمي المنوع (افتح يا سمسم) الذي برز من خلاله خط جديد في نشاط عمل الدمى، المتمثل في تصوير الأغاني التراثية بالدمى القفازية والصولجانية ذات الأسلاك.

وترى عفانة أن اتباع الخطوات السليمة في الرسم والقياس المناسب لأجزاء الدمى، يعطي فرصة لإنجاز عمل رائع متقن وبوقت وجهد أقل.

"كل دمية لها طريقة في الصنع وبحاجة الى جهد مختلف عن الأخرى" تقول عفانة.

وتختار عفانة دائما الألوان الزاهية في صناعة الدمى، "فهي تبعث على الفرح والسرور في نفوس الأطفال خاصة، وكل من يشاهدها"، كما تقول.

بعد أن تنهي عفانة الدمية التي صنعتها بدقة وبزمن يستغرق نحو عشرة دقائق، تبدأ بتحريك الدمية، وتقول "من أبسط الأشياء صنعنا الفرح".

تحلم عفانة بإنتاج عرض مسرحي كامل من الدمى، إضافة الى أحلامها بتنظيم عرض أزياء من الملابس التراثية الفلسطينية تواكب التطورات العصرية قليلا.