قال رئيس دولة فلسطين محمود عبَّاس، اليوم الأربعاء، "إنني أؤمن بالسَّلام أكثر من أي وقت مضى ولا أريد الحرب"، معربًا عن أمله بأن تفرز الانتخابات الإسرائيلية المقبلة من يؤمن حقًا بالسَّلام، مؤكدًا سيادته أنه على استعداد تام للعمل معه من أجل احلال السَّلام في المنطقة.

جاء ذلك في كلمة سيادته خلال افتتاح أعمال منتدى الحرية والسَّلام الفلسطيني، في مقر الرئاسة بمدينة رام الله، بحضور رئيس لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي محمد المدني، والنائب السابق في الكنيست، عضو برلمان السَّلام العربي الإسرائيلي طلب الصانع، ورئيس البرلمان السَّلام الإسرائيلي ران كوهين، ورئيس منتدى مؤسسات السلام في إسرائيل يوفان رحاميم، وعدد من الشخصيات الدينية، وأعضاء من اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير، والمركزية لحركة "فتح"، وشخصيات اعتبارية، وقيادات فلسطينية ممثلة للمجتمع الفلسطيني بمختلف أطيافه.

وأضاف الرئيس: هذه القاعة تتسع لكافة أتباع الديانات السماوية الثلاث، فكيف لا تتسع فلسطين لها، لقد عشنا في هذه البلاد على أساس المحبة والسَّلام، فلماذا يحاول الآخرون جرنا إلى العنف والكره؟

وتابع سيادته: "هذا المؤتمر جاء متأخرًا ولكنَّه أفضل من ألا يأتي إطلاقًا، وهو نتاج للعمل مع الأطياف المحبة للسلام في فلسطين وإسرائيل، ولن نسمح للعقول المتطرفة التي تسعى للعنف العمل على إنهاء السَّلام".

وأضاف أنَّ "هذا المؤتمر هو بداية خير لتعايش الشعبين في سلام، خاصة في ظل الأوضاع المتردية في المنطقة"، مشيدًا بالجهود المضنية التي بذلها هذا المنتدى في إيجاد لغة حوار بين الشعبين، ألا وهي لغة السَّلام.

وبين سيادته أنَّ طريق السَّلام يبدأ من أرض السَّلام، وأنَّ "إعترافنا بإسرائيل بعد اتفاق أوسلو لإيماننا العميق بالسَّلام الذي ننتظره إلى الآن، ونحن نريد أن نعيش بسلام على أساس حل الدولتين للشعبين وفق القرارات الدولية".

وأردف: "كنَّا نأمل أن تستمر المفاوضات بيننا وبين الجانب الإسرائيلي، إلا أنَّ التطرف الإسرائيلي قتل رابين، وحكم على المنطقة بالعنف، ويريد المزيد من التطرف بسفك دماء أطفالنا وأبنائنا من خلال الاعتداءات المتكررة على أبناء شعبنا".

وأوضح الرئيس أنَّ السلطة الوطنية أبرمت أكثر من 83 اتفاقية مع الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، وكندا، وروسيا، واليابان، والصين، لهدف واحد هو محاربة الإرهاب والإرهابيين، و"لن نخجل يومًا من هذا بل العكس، سيوفر الأمن والأمان لأبنائنا وشعبنا، ونستطيع أن نعيش بسلام على أرضنا، وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود الرابع من حزيران 1967".

وقال سيادته: " آمل أن تفرز الانتخابات الإسرائيلية المقبلة حكومة تسعى للسَّلام، وستكون يدنا ممدودة للعمل معها من أجل إحلال السَّلام في المنطقة، ولكافة شعوب الأرض، لأنَّه دون حل للقضية الفلسطينية لن يكون هناك استقرار وأمن، لا في المنطقة ولا في العالم".

من جهته، قال المدني إن الهدف من إطلاق المنتدى يأتي من منطلق الإيمان العميق بحيوية قضية السَّلام العادل والشامل وأهمية تحقيقه على الأرض، ويستهدف رفع شأن خطاب السَّلام العادل ومستحقاته الوطنية والشعبية، والتأكيد للعالم بشكل عام وللمجتمع الإسرائيلي على وجه الخصوص، أنَّ الشَّعب الفلسطيني بقيادته السياسية وعلى رأسها الرئيس محمود عبَّاس، يقف موقفَا واحدَا وموحدًا من أجل التوصل إلى اتفاق سلام كامل وشامل يقوم على حل الدولتين، ويتضمن التوصل لحل عادل وشامل لمختلف قضايا الحل النهائي.

وأعلن المدني أن المنتدى يرتكز على برنامج منظمة التحرير السياسي الذي أقرته دورة المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر في تشرين ثاني 1988، وأنَّ أحد أبرز مهامه هي مواجهة التطرف اليميني الإسرائيلي الذي تعاظم منذ اغتيال اسحق رابين، وصولاً إلى حكومة إسرائيل الحالية بقيادة بنيامين نتنياهو الذي يرتكز على تكريس الاستيطان والاحتلال وتهويد القدس والسيطرة على مقدرات الشَّعب الفلسطيني.

وقال إنَّ "هذه المبادرة بتشكيل منتدى الحرية والسَّلام الفلسطيني من أجل إنقاذ عملية السَّلام وحل الدولتين، وعزل كل من يحاربها ويحاول تخريبها وتدميرها، ويسعدنا أن نجد في المجتمع الإسرائيلي من يؤمن بذلك مثلنا، وفرض استعادة زمام المبادرة على مستوى الجمهور الإسرائيلي، والتأكيد على حل الدولتين باعتباره مصلحة عليا ليس فقط للفلسطينيين، بل للإسرائيليين أيضًا".

من جهته، أكَّد الصانع أنَّ السَّلام بين الشعوب هو الهدف الأسمى للعيش، وأن من ضحوا بأرواحهم من أجل السَّلام كثر، ولهذا على العالم أن يدرك حقيقة أنَّ الشَّعب الفلسطيني يجب أن يعيش بسلام وفق القرارات الدولية.

وبين أنَّ السَّلام لن يخدم الفلسطينيين فقط، وإنَّما سيخدم كل المنطقة، لذلك يجب على حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل أن تعي أنَّ الحل الوحيد لإقامة السَّلام هو حل الدولتين، وليس التهويل والتخويف الذي تتبعه بأن الفلسطينيين لا يرغبون بالسَّلام، ولا يوجد شريك حقيقي للسَّلام.

من جانبه، قال كوهين "إنَّ وجودنا في المعارضة ليس فقط من أجل إسقاط حكومة اليمين المتطرف، وإنَّما أيضًا من أجل تحقيق السَّلام، ودعمنا للفلسطينيين في حلِّ الدولتين لإنهاء الاحتلال وإقامة دولتهم الفلسطينية على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية".

وبين أنَّ "المعركة الحقيقية الآن تبدأ في الانتخابات الإسرائيلية، وهذا يكون بانتخاب حكومة قادرة على انتهاج السَّلام، ليس فقط للإسرائيليين وإنَّما أيضًا للفلسطينيين، الذي هو هدف كل الشعوب".

بدوره، قال رحاميم: "يسعدني أن أكون هنا لنبارك إنشاء هذا المنتدى الفلسطيني، والمشاركة الفاعلة مع مؤسسات السلام في إسرائيل، لإحلال السلام بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، ونبذ الكراهية بين كافة شعوب الأرض".