بالرغم من كافّة المؤامرات الصهيونية التي حيكت، ولم تزل تُحاك، بدعم إدارات أمريكية لحرف بوصلة الصراع العربي الصهيوني من احتلال فلسطين وما رافقها من إبعاد أو إخراج دول من دائرة الصراع عبر المفاوضات تارة وعبر التدمير تارة أخرى، فإنَّه يمكن القول إنَّها قد باءت بالفشل ممَّا دفع بالرئيس الأمريكي ترامب للتدخُّل المباشر والعَلني عبر ممارسة ضغوط سياسية واقتصادية وعسكرية لإدماج الكيان الصهيوني في الوطن العربي عبر طرح مشروعه المعروف بصفقة القرن.

وفي مؤشِّر واضح له دلالات على فشل المشروع الصهيوني ما لمسَهُ أعضاء لجنة الأخوة البرلمانية الفلسطينية العراقية في المجلس الوطني الفلسطيني أثناء زيارتهم للعراق خلال الأسبوع الماضي، وما خلصوا إليه من نتائج واستنتاجات منها:

أولاً: حفاوة الاستقبال للوفد ومستوى اللقاءات مع القيادات البرلمانية والحزبية والسياسية والمراجع الدينية والإعلامية والبحثية وما تحمله من دلالات الحرص على تنسيق وتطوير العلاقات الثنائية ومواجهة التحديات عبر رؤية مشتركة متوافق عليها.

ثانيًا: اتَّسمت جميع الاجتماعات بالإجماع على مركزية القضية الفلسطينية، فلم يسمع أعضاء الوفد من القيادات العراقية سوى أنَّ فلسطين كانت وبقيت وستبقى في العقل والقلب والوجدان، بل إنَّها تُشكِّل جزءًا من جينات الإنسان العراقي، ولا يمكن لأيِّ قوة النيل من قدسية ووطنية القضية الفلسطينية لدى العراق شعبًا وقيادات بالرغم من كلِّ ما أصاب العراق من مؤامرات، وما لحق به من تدمير وويلات ونهب للثروات من قوى خارجية.

ثالثًا: رفض جميع القوى السياسية العراقية على مختلف برامجها وأفكارها وخلفياتها إقامة أي شكل من أشكال العلاقات مع الكيان الصهيوني العنصري، ورفض أشكال التطبيع كافّةً، ونبذ المطبِّعين إن وجدوا.

رابعًا: دعم نضال الشعب الفلسطيني بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثِّل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بكافّة الإمكانيات المتاحة، وفي المحافل الدولية كالأمم المتحدة والمؤسسات المنبثقة عنها، وفي جميع المؤتمرات البرلمانية الإقليمية والعربية والإسلامية والصديقة والدولية.

خامسًا: رفض توظيف القضية الفلسطينية خدمة لمشاريع إقليمية ودولية، وما يعنيه ذلك من رفض للانقسام الذي لم يخدم سوى الكيان الصهيوني العدواني أو ما يؤدي إلى ترسيخه تحت عناوين مختلفة.

سادسًا: رفض سياسة ترامب المنحازة للكيان الصهيوني بفرض أمر واقع في أرض فلسطين المحتلة يرمي لتقويض المشروع الوطني الفلسطيني بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

سابعًا: أعربت اللجنة عن تقديرها واحترامها للشعب الفلسطيني المناضل ولقيادته الشرعية ممثَّلة بمنظمة التحرير الفلسطينية (اللجنة التنفيذية والمجلس الوطني) من أجل إنجاز حق تقرير المصير، وإنهاء الاحتلال وفقًا للقرارات الدولية، وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقُراهم التي طُرِدوا منها عنوةً عام 1948.

هذا على مستوى إيمانهم بالقضية الفلسطينية، أمَّا على مستوى العراق فقد لمس الوفد أمورًا مهمّة منها:

أولاً: أنَّ مستقبل العراق وقوته وازدهاره يتحقَّق بالوحدة الوطنية للجبهة الداخلية وبترسيخ قِيَم الديمقراطية القائمة على قاعدة المواطنة

ثانيًا: تعزيز علاقاته السياسية والاقتصادية مع محيطه العربي الذي يُشكِّل له العمق الاستراتيجي

ثالثًا: إقامة علاقة حسن جوار مع جميع الدول الإقليمية مبنية على التعاون والثقة المتبادَلة

رابعًا: الحرص على ترسيخ الأمن والاستقرار والازدهار للشعب العراقي بمختلف مكوناته

خامسًا: ولوج مرحلة إعادة البناء بثقة واقتدار بعد دحر الإرهاب

بناءً على ما تقدَّم، وللبناء والنهوض بمستوى العلاقات الفلسطينية العراقية، فإنَّني أدعو القيادة الفلسطينية بتكثيف اتصالاتها المباشرة من خلال تبادل الزيارات مع القادة العراقيين والإعداد الجيّد لإنجاح هذه الزيارات لتحقيق أهدافها خاصّةً إذا ما تمَّ الأخذ بعين الاعتبار أنَّ السفير الفلسطيني في العراق السيد أحمد عقل وأركان السفارة يتمتَّعون بكفاءة عالية واحترام لمسها أعضاء الوفد خلال جميع اللقاءات التي حضرها سفير فلسطين وأركان سفارته إلى جانب أعضاء وفد المجلس الوطني الفلسطيني مع القادة العراقيين، ممَّا يعني أنَّ الأرضية والمناخ السياسي العام والظروف من جميع النواحي مؤهّلة للنهوض وتوثيق العلاقات بما يخدم القضية الفلسطينية في مواجهة التحدّيات والمؤامرات التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية وخاصة صفقة القرن.

فلسطين هي القضية المركزية ليس للشعب العربي وحسب، بل لجميع أحرار العالم.

د.فوزي علي السمهوري