كان لي الشرف بأن أُدعى لإلقاء كلمة باسم "م.ت.ف" ذكرى تأبين الشهيد المناضل الحاج أبو علي كركبا بمناسبة مرور ثلاثة أيام على رحيله، وهو من مواليد 1931، ومن بلدة أيعات في بعلبك.

قد تم إحياء الذكرى بحضور نجله فضيلة الشيخ جهاد صبحي كركبا الذي استقبلنا بكل ترحاب، وشعرنا بالعلاقة الحميمة التي تربطنا بهذه العائلة الكريمة، فحركة "فتح" التي عشقها والده، وفلسطين التي انتمى إليها قضية قومية أولى هي مازالت من أولوياته.

وقد حضر حفل التأبين ممثلٌ عن المجلس الشيعي الأعلى، وثلة من أصحاب الفضيلة، إضافة إلى شخصيات سياسية لبنانية وحشد من الأهالي غصِّت بهم قاعة الحسينية.

لقد تحدثتُ عن المرحوم باعتزاز وبمصداقية لأنه نموذج للكفاح الوطني الفلسطيني اللبناني العربي، وأنا أتحدث تذكرتُ العديدَ من هذه النماذج الثورية اللبنانية الرائعة التي واكبت القضية الفلسطينية في مختلف مناطق لبنان منذ الطلقة الأولى، أي منذ البدايات، وظلوا على وفائهم لفلسطين ولفتح حتى تاريخ استشهادهم، وهؤلاء مفخرة لثورتنا، ولشعبنا، ولأمتنا.

ومما قلته في هذه الذكرى باقتضاب:

"إنَّ الراحل القائد الحاج أبو علي صبحي كركبا تميَّز بانتمائه الوطني والقومي، وشغفه بالمقاومة، وتنفيذ العمليات العسكرية ضد الاحتلال الاسرائيلي، خاصة مع بدايات الانطلاقة، وأثناء الاجتياح الاسرائيلي، ومن منزله في بعلبك كانت تنطلق المجموعات العسكرية لتنفيذ مهماتها.

إنتماؤه اللبناني الأصيل للقضية الفلسطينية أكسبَهُ الثقة الكبيرة من القيادات الفلسطينية واللبنانية التي كانت تزوره في بيته، الذي اصبح بيتاً لمقاومة الاحتلال، والتآخي اللبناني الفلسطيني. فالرمز ياسر عرفات كان يتردد إلى بيته بشكل دائم ومعه قيادات فلسطينية أخرى. كما أنه كان يستقبل في بيته قيادات لبنانية بارزة وتاريخية كان همُّها محاربة العدو الصهيوني، ومن هؤلاء سماحة العلامة الامام المُغيَّب موسى الصدر فرَّج اللهُ كربه، وفكَّ أسره، مؤسس حركة أمل الذي كان أيضاً رفيق درب القائد أبو عمار. كما أنَّ علاقته كانت مميزة مع التنظيم الناصري، وخاصة مع القائد الوطني والشعبي معروف سعد منذ العام 1985، ثم مع نجله مصطفى سعد، حيث كان يقوم بدور عسكري مهم في مواجهة الاجتياح الاسرائيلي لجنوب لبنان، وهو الذي تولى عملية تدريب الشباب الذين تم تكليفهم بالعمل العسكري كونه تأسس عسكرياً في الجيش اللبناني.

لقد اعتقل من قبل الاحتلال الاسرائيلي مع قيادات أخرى. كما أنه قدَّم نجله الاكبر شهيداً من أجل فلسطين وأقصاها.

الجميعُ يشهد لهُ بالرجولة، والشهامة، والامانة، والوفاء.

وقد ظلَّ على العهد حتى اللحظات الأخيرة من حياته، وترك بعد رحيله ذريةً صالحةً حملت سيرته التاريخية، وصانت توصياته، ومازالت، وما زلنا نفتخر به شهيداً في مسيرتنا الكفاحية اللبنانية والفلسطينية.

وما زلنا نذكر كفتح وكثورة فلسطينية الشهداء والأسرى الاوائل اللبنانيين، وخاصة خليل عز الدين الجمل من منطقة بيروت، ومحمد عثمان الصيادي من طرابلس، والشهيد موسى فواز من جنوب لبنان، الذي أُسر في عملية عسكرية في منطقة جنين التي بدأ منها ياسر عرفات عمله العسكري".

وتقدمنا بالتعازي إلى أبنائه فضلية الشيخ جهاد، وطارق، وطلال وإلى جميع أفراد عائلته، وأهل بلده.

رحمه الله، وأسكنه الفسيح من جناته، وجعل قبره روضة من رياض الجنة

عضو المجلس الثوري لحركة فتح الحاج رفعت شناعة