تقرير: الحارث الحصني

بحذر يتابع علي محمد عوض، من سكان منطقة "عين الحلوة" في الأغوار الشمالية، ماشيته التي يرعاها في بقعة جغرافية مفتوحة، قريبة من خيامه، خوفا من أي تصرف "إرهابي" يقوم به المستوطنون في الأغوار الشمالية التي تنتشر فيها عدد من التجمعات الاستيطانية.

وعين الحلوة هي منطقة تختلف تضاريسها بين جبلية وسهلية، وبشكل يومي يقصد أصحاب الماشية هذه المناطق المفتوحة؛ بحثا عن الكلأ لمواشيهم، وعلى قمة أحد الجبال القريبة من المنطقة، مستوطنة "مسكيوت".

سكان المنطقة، وهم مربو ماشية بالمقام الأول، يظلون متخوفين من اعتداءات المستوطنين التي تنوعت أساليبها في الأغوار الشمالية.

ففي طريقة جديدة يستخدمها المستوطنون في مناطق الأغوار الشمالية؛ لأهداف تسجل في قائمة أفعالهم الإرهابية المعتادة في تلك المناطق، يسيرون منذ فترة طائرات استطلاع فوق تواجد رعاة الأغنام الفلسطينيين.

وهذا التصرف الصادر من المستوطنين في الأغوار الشمالية، كما قال مواطنون من المنطقة "مؤذٍ".

وخلال هذا الاسبوع، وثق الناشط الحقوقي عارف دراغمة، صورا ومقاطع فيديو في أكثر من مناسبة، لمستوطنين يسيرون طائرات صغيرة الحجم يتحكمون بها عن بعد من خلال أجهزة خاصة، فوق قطعان الأغنام المنتشرة في الأغوار الشمالية.

وكان تركيز تلك الأفعال في مناطق رعوية مفتوحة، من الأغوار الشمالية، مثل عين الحلوة، والمالح، ووادي الفاو، وسمرة، والسويدة، وهي مناطق يعتمد فيها المواطنون بحياتهم اليومية، على تربية الماشية بشكل أساسي.

وفي هذه المناطق ينصب مستوطنون خيامًا لهم، في تجمعات استيطانية جديدة لا تحمل أسماء واضحة، ويحضرون مواشيهم معهم، ما تظل مناطق يسودها جو الاعتداءات المتكررة.

ظهرًا، نشب خلاف بين عوض وأحد المستوطنين في المنطقة، لكنه تبين فيما بعد بأن مستوطن جديد قادم لرعي أبقاره في المنطقة، وقد طلب من عوض الخروج منها.

وفي هذه المناطق أيضًا يطارد المستوطنون رعاة الأغنام بشكل يومي، بحماية مباشرة من قوات الاحتلال المرافقة لهم بالوقت الغالب، التي تحتجز عددًا منهم لساعات طويلة، تاركين أغنامهم دون رعاتها.

وخلال الفترة الأخيرة أيضًا، طارد المستوطنون عوض في المراعي المفتوحة أكثر من مرة، الذي انتهى به المطاف محتجزًا عند قوات الاحتلال لساعات.

وأظهر مقطع فيديو بثه دراغمة عبر صفحته على موقع "الفيس بوك"، قطيع أغنام يولي هاربًا باتجاه واحد يوازي خط سير الطائرة التي تسير فوقه بشكل متموج؛ خوفًا من تلك الطائرة التي سيرها مستوطنون بالقرب من منطقة "الفاو".

ويظهر الفيديو أيضًا راعي القطيع وهو يركض مسرعًا، محاولاً لململة الأغنام المفزوعة وضبطها.

"إنه إرهاب في السماء". وصف دراغمة ذلك المشهد.

يقول عوض: "خلال الفترة الأخيرة سير مستوطنون من مستوطنة "مسكيوت" طائرتهم أكثر من عشر مرات".

ويضيف: "نرى مستوطنين يجلسان في مركبتهما، ويتحكمان في إحدى الطائرات عن بعد وهي فوق أغنامنا(..)، إنها منخفضة بشكل كبير".

وتصدر هذه الطائرات صوتًا يشبه صوت طنين النحل، ما يثير انتباه الماشية، التي تفزع منها فتولي هاربة عند اقترابها.

ويتابع: "أحيانًا تصل لـ15 مترًا، لهذا يكون صوتها مرتفعًا"، كما أن هذه الطائرات "غير قانونية الاستخدام".

وفي كل الحالات التي حاول فيها عوض معرفة سبب تسيير المستوطنون لهذه الطائرات، فإن الاحتلال يحضر بسرعة إلى المكان ويطرد الفلسطينيين، ويحتجزهم في أوقات أخرى.

ويبين دراغمة أن مؤسسات حقوق انسان إسرائيلية، تتابع أمور المواطنين في مناطق الأغوار المتوترة، رفعت قبل أيام قضية في المحاكم الإسرائيلية لمنع استخدام المستوطنين لهذه الطائرات، لكن دون رد من الأخيرة.

يقول عوض الذي يسكن في المنطقة منذ 13 عامًا: "يريدون بكل الطرق طردنا من أماكن سكننا، والاستيلاء على الأرض، تحت حماية واضحة تقوم بها قوات الاحتلال".