ازدانت سماء مخيم الجليل بالعلم الفلسطيني والرايات الفتحاوية، بمناسبة الذكرى الـ "54" لانطلاقة الثورة الفلسطينية، ونظمت حركة "فتح" مسيرةً جماهيريةً حاشدةً تقدمها ممثلي القوى والأحزاب الوطنية والاسلامية اللبنانية والفلسطينية، وعضو قيادة حركة "فتح"-إقليم لبنان محمود سعيد، ومسؤول الأمن الوطني في البقاع الرائد محمود كريم، وأمين سر حركة "فتح" في البقاع فراس الحاج، وأعضاء المنطقة.

وجالت المسيرة شوارع المخيم على وقع أناشيد الثورة الفلسطينية، وكان التجمع أمام مقر قيادة حركة فتح في المنطقة، وتم استعراض الطوابير من دراجات نارية تحمل رايات الفتح، وسيارات الإسعاف، وحملة الرايات من الجوالة الكشفية، وحملة الصور من المكتب الطلابي، والفرقة الموسيقية الكشفية، وطابور العسكر من قوات الأمن الوطني والميليشيا، وطابور الأشبال والفتوة، وطابور الكشاف، وطابور المكتب الطلابي الحركي، وطابور مكتب المرأة الحركي، طابور نادي بيت جالا الرياضي الاذاعة.

وبعد أن تمَّ تأدية التحية العسكرية من قبل قوات الأمن الوطني للقيادات المشاركة، ألقى محمود سعيد كلمة "م.ت.ف" وحركة فتح جاء فيها: "الأخوة ممثلو الأحزاب والقوى الاسلامية والوطنية اللبنانية، الأخوة ممثلو الأحزاب والفصائل الوطنية والاسلامية الفلسطينية، السادة علماء الدين الأفاضل والفعاليات الاجتماعية والثقافية والتربوية المحترمين، الأخوة في اللجان الشعبية الفلسطينية الأكارم، الحضور الكريم كل باسمه وصفته مع حفظ الألقاب، أحييكم بتحية الفتح تحية العاصفة شعلة كفاحنا ونضالنا، بتحية فلسطين والقدس والأقصى، بتحية المرابطين في الخان الأحمر وفرسان مسيرات العودة وكل الثائرين والرافضين لصفقة القرن وصناعها وفي مقدمتهم الرئيس القائد محمود عباس، نلتقي اليوم في الذكرى الرابعة والخمسين لانطلاقة المارد الفتحاوي انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، ذكرى الرصاصة الأولى ذكرى عيلبون والبيان الأول والتي انتقلت بشعبنا من مرارة اللجوء والتشرد إلى عنفوان الشّعب الثائر على الواقع والرافض لإقامة الكيان الإسرائيلي على أرض فلسطين الحبيبة والمصمم على تحريرها كاملة".

في الأول من ينايرعام 1965 سجل في التاريخ صفحات من نور وضياء عناوين كبيرة بحجم الجبال وبحجم المارد الفتحاوي قائد ومؤسس مدرسة الفتح للأجيال الفلسطينية الشهيد الحي الرمز الخالد ياسر عرفات، إن انطلاقة الرصاصات الأولى لحركة فتح التي عبرت بمصداقية حقيقية عن كل الضمائر العاشقة للحرية والتحرر والحالمة بالاستقلال الوطني الفلسطيني حيث لم تكن هذه الانطلاقة الفتحاوية المجيدة المباركة حدثًا عاديًا عابرًا إنما كان حدثًا خاصًا من نوعه لولادة الفتح الذي مثل ميلاد جديد لاشرف وأعظم ظاهرة ثورية عرفها التاريخ المعاصر برمته ليكشف النقاب عن ماهية الشخصية الفلسطينية.

إنني أود أن أقول إلى الأخوة الأبطال أبناء أبو عمار وأبو جهاد وأبو إياد وأبو الوليد والكثير من القادة الشهداء وأبناء الشرعية الفلسطينية بقيادة أيوب فلسطين الرئيس القائد محمود عباس لا تنسوا يا أبناء الفتح قول الله تعالى (اذن للذين يقاتلون بانهم ظلمو, وإن الله على نصرهم لقدير الذين اخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله) صدق الله العظيم.

إن حقائق التاريخ تترجم جبروت الفتح في مسيرة التحرير فهي كما خاضت المعارك العسكرية بكفاءة وعزيمة واقتدار تخوض اليوم وتقود أخطر المعارك السياسية تعقيداً نحو زوال الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

مع انقضاء ثلاثة وخمسين عامًا على انطلاقة الفتح ثلاثة وخمسون عامًا من النضال والكفاح ومواجهة المؤامرات أثبتت فتح أنها الصخرة التي تتحطم عليها جميع المؤامرات، لقد حاول البعض كسر شوكة حركة فتح وحاول آخرون احتواءها ولكنها كانت وستبقى تخرج كطائر الفينيق من بين الرماد لأنها محمية من الله تعالى ومن أبناء شعبنا الفلسطيني الوفي والصادق ومن أبناءها الأبطال.

لقد خاضت حركة فتح على امتداد عمرها الطويل المعارك والمواجهات مع العدو على جميع الأصعدة العسكرية والسياسية والدبلوماسية فهي أثبتت بحق أنها حامية المشروع الوطني الفلسطيني وأنها الأحرص على مصالح شعبنا.

إن ما يجري اليوم هو الأخطر بتاريخ صراعنا مع العدو الصهيوني وحلفاءه وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأميركية برئاسة الصهيوني دونالد ترامب الذي ضرب بعرض الحائط كل المواثقين والأعراف والقرارات الأممية حيث أنه وقف ويقف بكل وقاحة ضد شعبنا وحقوقه متقدمًا على الصهاينة وناقضًا كل الاتفاقيات التي وقعتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة، حيث أعلن بكل صلف وانحياز للعدو الصهيوني اعترافه بالقدس عاصمة لدولة الكيان الصهيوني وقام بنقل سفارة بلاده إليها في الرابع عشر من أيار الماضي متحديًا مشاعر الفلسطينيين والعرب والمسلمين، كما قام بقطع كل المساعدات عن وكالة الأونروا مستهدفًا اللاجئين وعودتهم إلى ديارهم، كما قطع المساعدات عن مستشفيات القدس وأغلق مكتب "م.ت.ف" في واشنطن، وهي خطوات عدوانية اتجاه الشعب الفلسطيني، وإننا نسجل كل الفخر والاعتزاز والتقدير للقيادة الفلسطينيية وعلى رأسها الرئيس أبو مازن الذي ومنذ البداية قال لا لامريكا ولترامب الذي لا يتجرأ أعظم الزعماء القول لهم لا وقام بقطع جميع العلاقات واللقاءات مع هذه الإدارة وممثليها.

لقد بادرت القيادة الفلسطينية أكثر من مرة لرأب الصدع وإنهاء الانقسام الذي تعاني منه الساحة الفلسطينية، ودعت لعقد اجتماعات المجلسين الوطني والمركزي، وطالبت جميع ألوان الطيف الفلسطيني المشاركة فيها لتحمل المسؤوليات معًا ولكن للأسف لم يتجاوب البعض، كما أبدت مرونة وتجاوب ملموس مع المبادرات المصرية لإنهاء حالة الانقسام ولقد كان لها موقف وجهد وطني مشرف في الأمم المتحدة لمنع تمرير قرار وسم حركة حماس بالإرهاب حيث توقعنا بأن تتجاوب حركة حماس مع هذه المواقف الوطنية للقيادة لرأب الصدع وإنهاء هذا الانقسام المرير.

إن قرارات المجلسين الوطني والمركزي كانت جريئة ووطنية بامتياز حيث أن القيادة الفلسطينية أكدت أن هذه القرارات للتنفيذ وبشكل تدريجي إن كان في ما يتعلق باتفاق أوسلو أو اتفاق باريس الاقتصادي والانفكاك عن الاحتلال بكل معانيه، ولقد بدأت الخطوات الأولية في هذا الاتجاه تنفذ والتحول من سلطة أوسلو إلى مؤسسات الدولة، ولقد كان قرار المحكمة الدستورية في الاتجاه الصحيح لاعادة الحياة البرلمانية والتشريعية إلى وضعها الطبيعي وخاصة بعد تعطيل المجلس التشريعي من أداء مهامه لمدة 12 عامًا، والدعوة لانتخابات شاملة في فلسطين، وهنا نحن في فتح نستغرب بعض المواقف الرافضة لهذه الخطوة في الوقت الذي تطالب نفس الأطراف بالغاء اتفاق أوسلو والانفكاك الاقتصادي والأمني مع الاحتلال.

إننا في حركة فتح نؤكد في ذكرى انطلاقتنا على ما يلي:

أولاً: وقوفنا خلف قيادتنا الشرعية ممثلة بالرئيس محمود عباس الثابت على الثوابت والوفي لأرواح الشهداء المؤسسين الرمز ياسر عرفات وأبو جهاد وصلاح خلف وجميع الشهداء.

ثانيًا: استمرارنا بالدفاع عن القرار الفلسطيني المستقل ورفض الانجرار أو التبعية لأي كان وهذا الذي مارسناه قولاً وفعلاً ودفعنا ثمنه أغلى الشهداء.

ثالثًا: الوحدة الوطنية هي صمام أمان لانجاز مشروعنا الوطني الفلسطيني وتحقيق أهدافنا باقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف والسلاح الأمضى لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي كما قال الشهيد الرمز ياسر عرفات الوحدة الوطنية أغلى منا جميعًا، ونطالب جميع فصائل العمل الوطني الفلسطيني وخاصة حركة حماس للعودة إلى حضن الشرعية الفلسطينية والوقوف صفًا واحدًا في مواجهة مخططات ومؤامرات العدو وحلفاءه.

رابعًا: نؤكد على إدانتنا واستنكارنا للقرارات التي اتخذتها إدارة ترامب ونطالبها بالتراجع عن هذه القرارات كما ندين ونستنكر ونرفض القرارات التي أقرها الكنيست الاسرائيلي وخاصة قانون القومية اليهودية ونحن سنواجه هذه القرارات بكل إصرار وحزم.

خامسًا: العمل الجاد من أجل ضمان موقف عربي داعم ومساند للقضية الفلسطينية في مواجهة صفقة القرن وضد مخططات الاحتلال الاسرائيلي التصفوية الرامية لتوسيع الاستيطان ومصادرة الأراضي وإجراءات التغيير الديموغرافي لفرض واقع جديد يخدم الهيمنة الاسرائيلية الكاملة على الأراضي الفلسطينية، ونثمن عاليًا مواقف دولة الكويت الشقيقة، ولبنان وكل الأشقاء الذين ما تخلوا عنا يومًا.

سادسًا: تفعيل جبهة العمل السياسي والدبلوماسي على الصعيد الدولي من أجل تدويل القضية الفلسطينية وتأمين حماية دولية للشعب الفلسطيني كما نبارك الجهود الحكومية والشعبية في العديد من البلدان التي ساندت وتساند حقوق شعبنا ونعتبر حركة المقاطعة B.D.S من أنبل وأهم الظواهر والأنشطة الدولية الداعمة للقضية الفلسطينية.

سابعًا: نؤكد من هنا من لبنان الشقيق والتوأم والذي تحمل معنا أعباء كبيرة وكان ولا يزال رئاسةً وحكومةً وشعبًا وأحزابًا إلى جانب كفاحنا الوطني لمواجهة المخاطر ونؤكد سعينا للحفاظ على أمنه واستقراره لأن السلم الأهلي في لبنان ضرورة وطنية وقومية وأمن مخيماتنا من أمن لبنان المحكوم دائمًا بالحوار الداخلي المسؤول، ونتمنى أن يتم تشكيل حكومته قريبا لما فيه مصلحة لبنانية شاملة.

ونحن في فتح نقول لأهلنا في لبنان أننا سنكون أوفياء للبنان كما كان لبنان وفيًا لفلسطين وسنكون جنودًا أوفياء للدفاع عن تراب لبنان في مواجهة أي اعتداء صهيوني على لبنان، وهذا واجب علينا لمن احتضن الشعب الفلسطيني والثورة الفلسطينية على أرضه.

التحية كل التحية إلى أسرانا البواسل نسور الحرية القابعين خلف قضبان المعتقلات والزنازين الصهيونية والصامدين بوجه الاجرام الصهيوني ونعاهدهم كما أكد سيادة الرئيس مرات عديدة أن قضيتهم أولوية لنا ولن يهدأ لنا بال إلا بتحريرهم جميعًا من الأسر معززين مكرمين، تحية اجلال وإكبار لجرحانا البواسل والمعوقين الأبطال الذين دفعوا ثمن انتمائهم لفلسطين وأرضها وشعبها.

عاشت فلسطين حرة عربية عاشت القدس عاصمة دولتنا الفلسطينية المستقلة إلى أبد الآبدين، عاشت فتح ورجالها الأوفياء في الذكرى الرابعة والخمسين لانطلاقتها، عاشت "م.ت.ف" الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، العهد هو العهد والقسم هو القسم أن نستمر بالثورة والنضال والكفاح على طريق الشهداء وعلى رأسهم الشهيد الرمز ياسر عرفات حتى تحقيق أهدافنا باقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وعودة اللاجئين إلى ديارهم التي شردوا منها.

المجد والخلود إلى قوافل الشهداء الأبرار والأكرم منا جميعًا الذين قدموا دماءهم الزكية على طريق الثورة والتحرير والنصر.