يُصعِّد الاحتلال الإسرائيلي من حربه العدوانية ضد المشروع الوطني الفلسطيني، وعلى نحو بالغ العنف، بالهجوم الاستيطاني وجرائمه الوحشية، وملاحقاته القمعية لكوادر حركة "فتح"، في العاصمة المحتلة، وبالاقتحامات العسكرية الواسعة للأراضي والمدن الفلسطينية، واستهدافه للمقرّات الرسمية، وبفبركات وأقاويل منصات التحريض الفيسبوكية، ما يجعل هذه الحرب العدوانية، حربا استراتيجية شاملة، تستهدف حتى الرواية الإخبارية الفلسطينية، المشهود لها بالمهنية والموضوعية، باقتحام قوات الاحتلال لمقر وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" في مدينة رام الله.

حرب شاملة دون أي التباس، وقد باتت تستهدف حياة الرئيس أبو مازن قائد المشروع الوطني وهي تحرِّض على قتله علانية، وعلى الكل الوطني أن ينبته لذلك الآن، بروح المسؤولية الوطنية، والموقف العملي، خاصة أنَّ الرئاسة قد أعلنت في بيان لها، أنّه في حال استمرار هذه الاقتحامات العسكرية العنيفة لقوات الاحتلال، ستتَّخذ قرارات مهمة ومصيرية، بعد تقييم الوضع بشكل نهائي، وذلك من أجل حماية وخدمة مصالح شعبنا، وبما يعني أنَّنا مقبلون على خوض غمار التحديات المصيرية، والمواجهات التاريخية، فلا تنازل عن المشروع الوطني التحرّري، ولا مساومة عليه، وانتباه الكل الوطني لكل ذلك يعني وقف البيانات الحزبية ضيّقة الأفق، والأهم أن تتخلّى "حماس" عن أوهام الإمارة ودويلة الرواتب والتسهيلات الإسرائيلية (!!) وتأتي إلى المصالحة الوطنية، بإنهاء الانقسام البغيض على نحو شامل.

لن يستثني الاحتلال الإسرائيلي أحدًا من الكل الوطني، وهو يستهدف مشروع هذا الكل التحرّري بالنسف والتدمير، وبلا أي شك فإنَّ ما سيُلحِق الهزيمة بحرب الاحتلال العدوانية، هي الوحدة الوطنية بكامل عافيتها، وسلامة قيمها ومفاهيمها بعيدًا عن تجاذبات الاستقطابات الحزبية التي تفرّق أكثر ممّا توحَّد، وبعيدًا عن الانشغال بقضايا التناقضات الثانوية، التي من شأنها أن تحرف بوصلة النضال الوطني المشروع في برامج المقاومة الشعبية السلمية، نحو اتجاهات عبثية لا طائل من ورائها سوى تشتيت جهد هذا النضال، وإضعافه، وهذا ما يخدم قطعًا حرب الاحتلال العدوانية الشاملة.

وفي مواجهة منصّات التحريض الفيسبوكية، التي تُديرها دون أدنى شك، دوائر المخابرات المعادية، لا بد من منصّات مقاومة على الشبكة الإلكترونية، بروح المسؤولية الوطنية وقيمها الأخلاقية، تتصدى لفبركات "زلم" الفيسبوك وشائعاتهم التي تستهدف إشاعة الفوضى في الرأي العام الفلسطيني، وجرّه إلى مهاوي اليأس والعدمية، وإذا كنّا نخصّص فقرة هنا لمنصّات التحريض هذه، فلأنّها واحدة من أسلحة الاحتلال الإسرائيلي، في حربه العدوانية الشاملة ضد مشروعنا الوطني التحرري، وهي تحاول بسقط القول تشويش وعي الرأي العام وصرف أنظاره عن أهداف الاقتحامات العسكرية الإسرائيلية العدوانية، ودفعه نحو حراك الفوضى العَبَثِي!!!

هذا أوان الشد بمنتهى الوضح والحسم وخيارنا الاستراتيجي الصمود والثبات والمواجهة، ويخطئ مَن لا يدرك هذا الخيار، ولا يمضي في دروبه، وهو خيار الصعود نحو الحُريّة والاستقلال ولا شيء غير الصعود.. "فإمَّا الصعود وإمَّا الصعود".