"إنَّ مقاومة الاحتلال في كل الميادين قائمة ولن يهدأ لهيبها، فنحن حراس الأقصى"

يا أبناء شعبنا الصامد في الأراضي الفلسطينية، يا حماةَ الأقصى والمقدسات... يا من تكتبون تاريخ المجد الفلسطيني بدماء شهدائكم وجرحاكم، ودموع نسائكم، وأمهاتكم. أيها الصامدون الصابرون على ظلم وجبروت وتنكيل الاحتلال في المعتقلات، وفي المخيمات، وفي الأحياء، وفي كل مراكز التحدي والعنفوان، إليكم جميعاً تحية اعتزاز وإكبار من أهلكم في لبنان، ومن كل المخيمات. فأنتم اليوم صناعُ المجد والحرية، وأنتم الذين تكتبون التاريخ الفلسطيني بمدادٍ من دمائكم النازفة، ومن دموع أمهاتكم، وأراملكم، والمعذَّبون في معتقلات الاحتلال الصهيوني.

بالأمسِ ليلاً فتح الاحتلال جبهة عدوان عسكري استهدفت الوجود الوطني الفلسطيني على أرض فلسطين التاريخية، وحملت تصعيداً خطيراً أمنياً، وعسكرياً، وسياسياً، وإعلامياً. ولا شك أنَّ هذا التصعيد الذي شهده يوم الاثنين خاصة في رام الله والبيرة، ليس حدثاً عابراً، وإنما هو خطوة سياسية ميدانية، تعني وبشكل واضح ضربَ ما تبقى من أسس اتفاق أوسلو، لفتح باب الفلتان الأمني والعسكري في مختلف أنحاء الضفة الغربية، وتعميم الفوضى، وتوسيع نطاق مصادرة الأراضي واستعمارها، ودفع المستوطنين لممارسة ما يحلو لهم من السيطرة على الأراضي، وإغلاق الطرقات، والاعتداء على القرى والبلدات المجاورة، وارتكاب الجرائم بحق المدنيين وممتلكاتهم.

ثانياً: إن إقدام جيش الاحتلال على الانتشار في أحياء رام الله والبيرة، واقتحام مكتب وكالة وفا الفلسطينية للأنباء بشكل مفاجئ، ورمي القنابل الغازية والصوتية داخل هذا الصرح الإعلامي المركزي، والذي يشكل نافذة مضيئة فكرية، وإعلامية وسياسية للتعبير عن المواقف الرسمية للقيادة الفلسطينية، ومتابعة مختلف الأنشطة والمواقف الرسمية والوطنية. هذا الهجوم الغادر والإجرامي الذي استهدف أيضاً حياة الكادرات والقيادات الإعلامية العاملة في هذه الوكالة، يحمل في طياته مخاطر جمَّة ذات أبعاد سياسية، وتوجيه إنذارات لإسكات الصوت الإعلامي الفلسطيني الذي استطاع أن يفضح العنصرية الإسرائيلية، التي تمارس كلَّ أشكال الجريمة والعدوان على الوجود الفلسطيني في هذه الأرض المباركة. إنَّ قيام جنود الاحتلال بممارسة العنف، والتفتيش في كل محتويات مقر وكالة وفا، هو إعلان حرب على الإعلام الفلسطيني، وليس فقط على الإنسان الفلسطيني الذي يتم إعدامه ميدانياً على مرأى ومسمع من الجميع.

لكنَّ الإيمان الذي يملأُ عقول، وقلوب، وصدور إعلاميينا، ومفكرينا، ومراسلينا، لن يخفتَ ضوؤه، ولن تبرد حرارُته لأنه يستقي إستمراريته من القناعة الراسخة بأن مقاومة الاحتلال في كل الميادين قائمة، ومستمرة، ولن يهدأ لهيبُها، فنحن حراس الأقصى، حراس المقدسات الإسلامية والمسيحية، نحن حراسُ الأرض المباركة.

ثالثاً: إن سيادة الرئيس أبو مازن الذي يقود شعبَ الجبارين، والذي تسلَّم الرايةَ من الرمز ياسر عرفات، وهو ثابتٌ على ثوابته، ويمثِّل اليوم أطولَ ثورة في العالم، ويقود "م.ت.ف" الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وهو الضمانة لمسيرتنا النضالية، ولكرامتنا الوطنية، وهو عنوانُ صراعنا ضد الاحتلال الصهيوني، وضد صفقة العصر التي هي صفقة الشر المطلق التي تستهدف الوجود الوطني الفلسطيني على أرضه، وكل مكوِّنات وجوده السياسية. الرئيس محمود عباس قائد حركة فتح أيضاً، وحركة فتح العملاقة والرائدة لن تصمت على أية محاولة للمسِّ به، وبموقعه الوطني والسياسي، وبمكانته الدولية، وحركة فتح التي فجَّرت الثورة الفلسطينية تنتظر التعليمات من قيادتها، وعندما يتجاهل الجانب الصهيوني اتفاقات أوسلو ويقذفها برجله، فنحن نعرف كيف ندفن أوسلو في الوقت المناسب، ولن ننتظر قراراً من أحد، فالقرار قرارنا، ونحن أصحاب الأرض، ونحن أطلقنا الثورة، والأيام القادمة حبلى بالمفاجآت، ولكن نحن لها، وفلسطين أمانة في أعناقنا، وأخيراً نقول: إنَّ الصهاينة بسياستهم العنصرية إنما يحفرون قبورهم بأيديهم.

وسيبقى الإعلام الفلسطيني يصدحُ في سماء فلسطين، وفي كل مدينة، وقرية، ومخيم فلسطيني، وفي كل فلسطين التاريخية.

وإنها لثورة حتى النصر

المجد لشهدائنا الأبرار، والحرية لأسرانا البواسل، والشفاء لجرحانا.

إعلام حركة "فتح" لبنان

2018/12/11