منذ أكثر من أسبوع وفلسطين الدولة تتحرَّك في أروقة الأمم المتحدة عبر مندوبها رياض منصور لإسقاط مشروع القرار الذي تنوي الإدارة الأميركية التقدُّم به للمنظمة الأممية، اعتبار حركة "حماس" حركة إرهابية، وطوال هذه الفترة الماضية، لم نسمع كلمة واحدة من "حماس" في بيان رسمي لها بهذا الشأن، تشير إلى هذا الحراك الوطني لا من قريب ولا من بعيد، ولا عجب في ذلك لأنَّ "حماس" لا تريد للوطنية الفلسطينية بشرعيتها الدستورية أن تمثّلها، حتى وهي تدافع عنها في المحافل الدولية!!!

وبمثل هذا الموقف لحماس يتجلَّى دليل آخر على مناهضتها، لا للمصالحة فحسب، وإنَّما كذلك للوحدة الوطنية، لأنَّ حراك الشرعية الفلسطينية في الأمم المتحدة الهادف إلى التصدي لمشروع القرار الأميركي، هو في المحصلة حراك القيم الوحدوية للوطنية الفلسطينية الجامعة، بسياستها المسؤولة وأخلاقياتها النبيلة .

ولأنَّ "حماس" لا تملك قرارها، فإنَّها دائمًا ما تتأخَّر بأكثر من خطوة خلف حراك الشرعية الفلسطينية، لأكثر من أسبوع ظلَّت "حماس" بلا تعليق في كلِّ هذا السياق، حتى جاءتها على ما يبدو تعليمات "المرشد العام" لتُعلِن موقفًا أساسه لا ضد مشروع القرار الأميركي، وإنّما مناكفة حراك الشرعية، بل ونكرانه تمامًا لتعلن أنَّها تقوم بتحرّكات دبلوماسية واسعة (!!) لتمنع تمرير مشروع القرار اللأميركي!! ولا أحد يعرف بأي سفراء ستقوم "حماس" بمثل هذا التحرّك، اللهم إلّا سفراء جماعة الإخوان المسلمين لدى الإدارة الأميركية!!

هكذا وبمثل هذا الموقف العبثي، تفوّت "حماس" على نفسها فرصة أخرى للالتحاق بركب الوطنية الفلسطينية، لتواصل خطابها الانقسامي البغيض!!

عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" محمد اشتية اختصر بأقلِّ عددٍ من الكلمات البليغة مفهوم الوحدة الوطنية لدى القيادة الشرعية "إنَّنا لن نقبل أن يُوصَف أيُّ فلسطيني بالإرهاب"، لكنَّ "حماس" لا تسمع ولا تفهم ولا تقرأ ولا تريد أن تقرأ وتفهم شيئًا من كتاب الوطنية الفلسطينية فتُنكِر وتتجاهل وتناكف وتكذب وتتحامق لأنَّها وكما يثبت الواقع يومًا بعد يوم لا تسير إلّا عكس التاريخ، السير الذي قلنا ما قاله ويقوله التاريخ ذاته، انه يصيب البصيرة بالعمى، فيما يمنح البصر مشهدًا من الأوهام فحسب ومن أوهام حماس بكل هذا الشأن "تحرّكاتها الدبلوماسية" التي لا غاية لها سوى المناكفة والتشويش على حراك الوحدة الوطنية في أروقة الأمم المتحدة، فيا لبؤسها من مناكفة خاسرة.