تقرير: الحارث الحصني

في صباح يوم خريفي من الشهر الفائت، أقدمت قوات الاحتلال على عملية هدم واسعة لمنشآت سكنية، للمواطن عمر عارف بشارات من سكان "الحديدية"، في الأغوار الشمالية، وهي منطقة يلتقي امتدادها الجغرافي مع عدة أماكن من غور الأردن من بينها منطقة حمصة التحتا.

ويبدو أن إحدى الصور لعمليات الهدم قد رسخ في ذهن خديجة بشارات، من سكان حمصة التحتا، فرسمتها على لوحة مخصصة لعمليات رسم تقوم بها الشابة في خيامها.

تقول الشابة: "عندما أرسم، فهذا نوع من الصمود في مناطق مهددة، هم يهدموا ونحن إما نبني أو نرسم، لقد هدموا منشآت زوجي قبل ثلاث سنوات أيضا".

وتبين خديجة التي درست الفنون الجميلة، إن الرسم بالنسبة اليها شكل من اشكال صمود المرأة الفلسطينية في مناطق الأغوار.

وبحسب الأرقام الواردة في نتائج التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت في فلسطين عام 2017 لجهاز الإحصاء المركزي، فقد بلغ عدد النساء اللواتي أنهين محصل علمي بدرجة دبلوم وأعلى في طوباس والأغوار الشمالية 4609 امرأة.

وتعيش خديجة التي تهوى أيضا تصميم مجسمات للزينة، مع اسرتها على قمة تلة صغيرة، في منطقة مفتوحة ممتدة، ضيقها الاحتلال على سكانها بعديد الانتهاكات اليومية.

وعلى امتداد الأغوار الشمالية، تقوم نساء فلسطينيات بأعمال يدوية، في ظل ظروف حياتية صعبة، يفرضها الاحتلال منذ سنوات.

تقول: " هنا نخلق الحياة بأيدينا، حتى لو كنا في مناطق مهددة".

ويجمع المختصون بالشأن الاحتلالي، على أن كل السياسات الإسرائيلية، في الأغوار الفلسطينية بشكل عام، تصب لإفراغها من سكانها.

غير أن المرأة الفلسطينية، رغم حجم انتهاكات الاحتلال، تظل شريكا أساسيا للرجل، وهو ما يشكل علامة فارقة في البقاء بالأغوار الشمالية.

وقد أُطلقت في منتصف الثلث الأخير من الشهر الماضي، الحملة الفلسطينية لمناهضة العنف ضد المرأة، ضمن الحملة العالمية التي أطلقتها منظمة الأمم المتحدة، التي تستمر لمدة 16 يوماً.

وفي ابزيق، أيضا أطلقت وزيرة شؤون المرأة، هيفاء الآغا الحملة من الخربة بحضور رسمي وشعبي، لكن في هذه المنطقة الواقعة شمال شرق طوباس، تأخذ هبة أحمد حروب مع زوجها، الصمود بمعنى آخر في هذه المنطقة.

إنه معنى أكثر بساطة من الرسم، فتصف هبة عملها كربة بيت هو أيضا صمود في هذه المنطقة.

ومثلها، قالت نسوة من خربة ابزيق كلاما مشابها، فهن يعتبرن ان العمل مع أزواجهن في العناية بالمواشي، شكلا من اشكال الصمود.

تقول حروب:" أنا اليد الثانية لزوجي، فقد كنت معه خطوة بخطوة في إعادة بناء خيامنا، التي هدمها الاحتلال مرتين قبل أربع سنوات".

وبشكل معتاد في كل عمليات الهدم، التي طالت مناطق الأغوار المتفرقة، كانت المرأة الشريك الأساسي والحاضر، في عملية الترميم، وإعادة البناء.

تقول حروب: " لقد عشت مع زوجي هنا في كل الحالات، إنه يستمد القوة مني، كنت أعيد بناء وترميم ما هدمه الاحتلال لنا".

ولا يقف دور المرأة الفلسطينية في مناطق الأغوار، على أوقات تمر بها العائلات الفلسطينية بحالات انتهاكات، تنفذها سلطات الاحتلال بحقها.

فمعظم النساء الفلسطينيات في الأغوار الشمالية، يقمن بأعمال منزلية، وعناية بالماشية.

وتؤكد الحروب: "لا يمكن لزوجي أن يقوم بكل شيء، أعينه واساعده في معظم المهام، حتى نظل في هذه الأرض، فلا يمكن لما أن نترك هذه الأرض، ولهذا فإن وقوفي جانب زوجي هو صمود فيها".