كتب جيسون غرينبلات مساعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب والممثّل الخاص للمفاوضات الدولية؛ مقال رأي بعنوان "حان وقت العمل من أجل السلام والازدهار في الشرق الأوسط"، بالمختصر المفيد المقال أشبه ما يكون بإعلان ترويجي للتطبيع مع إسرائيل وكأنّ شيئًا لم يكن!!

غرينبلات-بقصد- لم يذكر كلمة احتلال في المقال، وكأنّ السلام والازدهار ممكن في ظل الاحتلال!! ليس هذا فقط بل يدعونا للاستفادة من الاحتلال بسبب تطوره في مختلف المجالات الاقتصادية، الأمنية، الزراعية، التكنولوجيا. وكأنه يقول لنا أن الحياة في ظل الاحتلال لها فوائد وامتيازات لهذا علينا كفلسطينيين أن نشكر الله على نعمة الاحتلال!!

بكل وضوح ومن خلال قراءة ما وراء كلمات مقال غرينبلات أقول إنّ ترامب يخطو خطوات الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة لكن بشكل غير دبلوماسي بل وعنجهية عالمية؛ هذه السياسة الأمريكية المبنية على نظرية "الدومينو" التي طرحها الرئيس الأميركي الأسبق آيزنهاور في خطاب شهير ألقاه في عام1954. ودليلي على ذلك افتتاحية المقال الموجّهة ضد إيران وبشكل مباشر بقوله "ليس مفهومًا حتى الآن عدم الاستفادة من تقارب المصالح المعاصرة بين بلدان الشرق الأوسط. فالمصالح من قبيل مواجهة الأنشطة الخبيثة لإيران، ومكافحة التطرف والإرهاب".

لذلك يُروّج غرينبلات ما تسعى له الإدارة الأمريكية الحالية وبشكل واضح دعم الاختراق الناعم للاحتلال الإسرائيلي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهذا ما يتغنّى به بالمقال من خلال ذكر أمثلة لبعض دول الخليج والتطور الملحوظ في العلاقات العلنية.

ليس هذا فقط، بل يصف غرينبلات في مقاله الذئب كأنه حمل وديع بقوله: "والوزيرة الإسرائيلية للثقافة والرياضة، خلال وجودها في أبوظبي لدعم الوفد الإسرائيلي الذي يتنافس للمرة الأولى في الخليج تحت العلم الإسرائيلي، تحرّكت مشاعرها واغرورقت عيناها بالدموع وهي تغني مع النشيد الوطني الإسرائيلي في أبوظبي خلال حفل توزيع الميداليات".

وهنا أريد أن أطرح سؤالاً على السيد غرينبلات.. لماذا لم تقبل دولة الاحتلال مبادرة السلام العربية التي أطلقها المغفور له عبدالله بن عبد العزيز ملك السعودية للسلام في الشرق الأوسط بين إسرائيل والفلسطينيين عام 2002، والهادفة إلى إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دوليًّا على حدود العام 1967 وعودة اللاجئين وانسحاب الاحتلال من هضبة الجولان المحتلة، مقابل اعتراف وتطبيع العلاقات بين الدول العربية والإسلامية مع إسرائيل؟!!

بالتالي، نعم نجح الاحتلال مع بعض الدول لتطبيع العلاقات بنسب معيّنة لكنه لم يؤسّس لاتفاقيات سلام مثل اتفاقيات السلام التي تمّ توقيعها مع مصر والأردن، حتى ولو وكما ذكر غرينبلات في مقاله بأن العرب يدركون ويحددون بشكل واضح أولويات مصالحهم الوطنية، فنحن أيضاً كفلسطينيين نعلم جيداً مصالحنا الوطنية المنبثقة من حقنا التاريخي بالتالي إنهاء الاحتلال هو أول خطوات السلام والازدهار.