بسام أبو الرب

كان استاذ الجغرافيا في مدرسة عوريف الثانوية للبنين جنوب نابلس، قد بدأ للتو الشرح عن طبوغرافيا فلسطين (الرسم والتمثيل البياني للتضاريس)، ومناخها، فيما انشغل بعض طلبة الصف الثاني الثانوي، بمشهد مقابل لهم من النافذة، عندما لاحظوا مركبات تنقل عددا من المستوطنين، وتعود ادرجها لتقل اخرين.

بعد دقائق من رصد المشهد هبط المستوطنون من الجبل المطل على المدرسة، وبدأوا بالهجوم وإلقاء الحجارة على الصفوف، من مختلف الجهات.

الطالب أحمد يوسف شحادة (17 عاما)، كان يجلس بقرب النافذة، ولاحظ تجمع عدد من المستوطنين من مستوطنة "يتسهار"، وانضم لهم عدد اخر، بعد مشاهدة المركبات تنقلهم، وبدأ الهجوم بعدها.

"خرجنا مذعورين من الصف كانت الساعة تقارب العاشرة والنصف، واصبت بحجر في الرأس خلال الهجوم". قال الطالب شحادة.

هجوم المستوطنين تصدى له اهالي عوريف، لحماية ابنائهم الطلبة خوفا من وقوع كارثة، لحظات حتى تدخل جيش الاحتلال، واخذ يطلق قنابل الغاز المسيل للدموع، والرصاص الحي والمعدني المغلف بالمطاط، الامر الذي ادى لإصابة طالبين بالرصاص الحي، واخر بالمطاط نقلوا الى مستشفى رفيديا، فيما اصيب اثنان بجروح بالرأس نتيجة اصابتهم بالحجارة.

تجمع عدد من الاطباء والممرضين حول المصاب لؤي عادل صباح (16 عاما)، وهو طالب في الصف السابع، واخذوا يضمدون جروحه، عقب اصابته برصاص في اليد اليسرى.

كانت والدة الطالب صباح تقف فوق رأسه تشد من أزره، وتدعوه لتحمل الالم، فتقول: "مهجة قلبي انت ما تخاف، وين نروح نترك الهم البلد، مستحيل رح نضل وبالنسبة لأولادنا رح نخليهم بالمدرسة لحتى يكملوا تعليمهم".

في كل زاوية وسرير من مركز طوارئ مستشفى رفيديا الحكومي، تجد تجمعا حول أحد المصابين من اهالي القرية الذين هبوا للاطمئنان على صحة ابناء قريتهم.

اخلت ادارة مدرسة عوريف الطلبة من الصفوف والساحات، بعد هجوم المستوطنين.

"هذه المرة السادسة التي نخلي فيها المدرسة خلال شهر واحد"، قال رئيس مجلس قروي عوريف مازن شحادة الذي اصيب بحجر في الرأس.

"في كل مرة يهبط المستوطنون من المنطقة الشرقية للبلدة، وبالقرب من منطقة الحاووز، ويبدأون الهجوم على المدرسة، التي اصبحت اعداد الطلبة تقل فيها؛ نتيجة الخوف على مستقبل الطلبة"، اضاف شحادة.

مستوطنة "يتسهار" المقامة على اراضي 6 قرى جنوب نابلس، توصف على انها من اكثر التجمعات الاستيطانية ارهابا، بسبب الاعتداءات المتكررة التي ينفذها مستوطنون يسكنون بها.

المواجهات التي اندلعت في المنطقة خلفت الاصابات بالرصاص والاختناق، بينما ما زالت روائح الغاز المسيل للدموع تنتشر بين الصفوف، التي ربما ستظل لأيام مقبلة، تذكر الطلبة والاهالي بالمشهد، ومن غابوا عن مقاعد الدراسة بسبب الاصابة.