عبد الاله الأتيرة

بينما تصر السلطة التنفيذية إلى تطبيق قانون الضمان الاجتماعي غير الناضج بما يكفي ويذهب الحراك الشعبي إلى إلغائه وتقر حركة فتح ممثلة بمجلسها الثوري ضرورة تأجيله والعمل الجاد والفوري على إجراء ما يلزم من تعديلات عليه لتحقيق العدالة والمصلحة العامة، يبدو أن الجميع يتفق على مسألة واحدة أو سؤال واحد يمكن ببساطة تلخيصه بكلمتين: لماذا الاستعجال؟!.

ومن منطلق هذا التساؤل، يبدو أن هناك ضرورة لتقدير موقف ينطلق من واقع أن هذا القانون مفاجئ. وبالإضافة إلى فجائية تطبيقه، نجد أن محاولة فرض تطبيقه يرافقها تقصير إعلامي وتوعوي واضح من مؤسسة الضمان لدى كافة الفئات المستهدفة من عاملين ومشغلين ورأي عام، وهذا التقصير يتجلى أيضًا لدى الطاقم الذي تم اختياره للعمل في مؤسسة الضمان والذي ما زال لديه قصور واضح في الإجابة عن التساؤلات المتعلقة بالقانون، وحيث أن التثقيف والتوعية والورش التدريبية ضرورة وبما ينص عليه القانون نفسه، فان فرض القانون يسبق ضروراته القانونية والمنطقية. وإضافة إلى مساسه بالكثير من الحقوق المالية للعمال والسيولة التشغيلية لدى أرباب العمل، فان جلسات النقاش مع الأجسام النقابية والقانونية والإدارية ومواءمة هذا القانون مع قوانين دول مجاورة أو حتى مع قانون التقاعد لموظفي القطاع العام، تعكس عددا من الثغرات والعيوب والنواقص التي تمس ولا تخدم. السؤال الأهم الذي تقف عليه كل التحركات الآن يتعلق بماهية الأسباب التي تدفع إلى تطبيق قانون ناقص وعدم اللجوء إلى توسيع قاعدة الحوار والنقاش، والإصرار على الذهاب إلى حلول مجتزأة وغير مرضية، وحيث أن سؤالا يطرح ذاته بقوة حول مدى توافر الضمان لأي شيء في ظل الاحتلال ومدى تأثير الانقسام على التنفيذ القسري والمفاجئ لهذا القانون الذي يبدو أنه سيطبق في شق واحد من الوطن وفي الوقت الذي تتعرض فيه القضية الفلسطينية للطحن.

إن مكونات العلاقة بين أركان هذه القضية: الشعب، السلطة التنفيذية والحركة ينبغي أن تذهب نحو الحلول لا التعنت. ومن هنا، يمكننا حتى الآن أن نصف الحراك بالحضاري، وموقف فتح بالمسؤول تجاه الشعب وتجاه الحفاظ على السلم الشعبي في وعدم السماح بمراكمة الغليان، والسلطة التنفيذية بعد أن وصلتها الرسالة متأخرة بالجيد حيث قام الأمن بحماية المسيرات. موقف السيد الرئيس في الاجتماع الأخير للمجلس المركزي واضح ومباشر ومسؤول، حيث دعا إلى إجراء تعديلات ولو بأثر رجعي.

وفي هذا المقام، يتوجب أن أؤكد على موقف فتح الداعي إلى تأجيل تطبيق القانون لمدة ستة أشهر يتم فيها توسيع قاعدة الحوار والنقاش مع كافة الأطراف ذات العلاقة للخروج بصيغ تجسد الشعار الذي رفعته السلطة التنفيذية "المواطن أولا" وبحيث يكون الانضمام للقانون طوعيا خلالها، فيما تؤكد فتح للشارع وقوفها إلى جانب مصالحه وإرادته على أن يلتزم بمرجعياته الحركية والتفاوضية وقراراتها وبشكل حضاري.

هذه الأسئلة وغيرها برسم المتابعة والتحقق من قبل السلطة التنفيذية والسيد الرئيس الذي يدرك من خلال إدارته الحالية للأزمة نبض الشارع ويفهم أسباب حراكه ويعي تماما أن القواعد الشعبية هي الأهم في عملنا كحركة وكدولة. ربما لهذا ترك السيد الرئيس المنصة أثناء اجتماعات المجلس المركزي وجلس على دكة في القاعة بين مناضلي فتح وقادتها الميدانيين وأصحاب أجندة المقاومة الشعبية والعودة إلى القواعد الشعبية ونظرية استعادة الالتفاف والثقة والدعم الجماهيري لفتح في الميدان ومن خلاله، فهل وصلت رسالته؟ سؤال ليس برسم الإجابة بل برسم التنفيذ لنزع فتيل الأزمة التي يتم جر البلد إليها في ظل محاولة تدمير المشروع الوطني وتحويل القضية كلها لقضية إنسانية وفِي ظل الانقسام الذي أصبح أمراً واقعًا وفِي ظل الأزمة الاقتصادية.