شهدت الولايات المتحدة الأميركية، يوم الثلاثاء، "الانتخابات النصفية"، حيث توجه الناخب الأميركي إلى صناديق الاقتراع منذ الساعة السادسة صباحًا بتوقيت واشنطن (الواحدة ظهرًا بتوقيت القدس) ليقرر من سيسيطر على مجلس النواب "الكونغرس" خلال العامين المقبلين.

وتُعقد "الانتخابات النصفية" في منتصف فترة ولاية رئيس الولايات المتحدة التي تدوم أربع سنوات، ويتم من خلالها تجديد جميع المقاعد في مجلس النواب البالغ عددها 435 مقعدًا، بالإضافة إلى 35 مقعدًا من مقاعد مجلس الشيوخ البالغ عددها 100، وحكام 36 ولاية. كما تتزامن هذه الانتخابات أيضًا في بعض المناطق مع الانتخابات البلدية أو المحلية.

وتسمح العديد من الولايات بالتصويت لبضعة أيام أو أسابيع قبل يوم الانتخابات، عن طريق المراسلة أو في مراكز الاقتراع المفتوحة بالفعل.

وتأتي الانتخابات بعد عامين من تولي دونالد ترمب سدة الحكم. ويرى المراقبون أنه تشكّل ما يشبه الاستفتاء على شخص الرئيس ترامب، وسياساته الداخلية والخارجية. وبالتالي، إذا لم يحصل ترمب على الأغلبية في الانتخابات النصفية سيكون ذلك عائقًا أمامه في تطبيق برنامجه الذي انتخب من أجله، كما أن ذلك سينعكس على فرصته بالترشح لولاية ثانية في العام 2020.

وحول تأثير هذه الانتخابات على القضية الفلسطينية، قال الصحفي المتابع للشأن الأميركي نادر الغول أن "هذه الانتخابات لن يكون لها تأثير مباشر أو غير مباشر على الشأن الفلسطيني، كوّن الموضوع الأساس المطروح أميركيا، وكما هو معروف في أول انتخابات نصفية بعد تولي أي رئيس هي عملية استفتاء ولو بشكل غير مباشر على عمل الرئيس الأميركي".

وأوضح: "عادةً ما يخسر الرئيس أغلبيته في الكونغرس، وبالتالي يصبح من الصعب عليه تمرير سياسات بعينها لأنه بحاجة لهم، وهذه السياسات تتعلق أساسًا بالشأن الداخلي الأميركي كالضمان الاجتماعي أو التأمين الصحي والضرائب".

وأضاف: "حتى أكون أكثر وضوحًا، الحزبين في الكونغرس لا يختلفان على الموضوع الاسرائيلي وحماية اسرائيل، الفارق هذه المرة انه لدينا ثلاثة مرشحين عرب للكونغرس وإثنان منهما هما من أصول فلسطينية يعني صوتهم سيكون مؤثرًا بتصوري على الأقل على زملائهم الديمقراطيين".

ويعتقد الغول أن هذه تعد من أهم الانتخابات النصفية في التاريخ الأميركي المعاصر، حيث أظهر آخر تقرير انه تم صرف أكثر من خمسة مليارات دولار في الحملات الانتخابية والرئيس ترامب وسلفه اوباما كانا يتجولان في الولايات من أجل تحفيز الناخب سواء الجمهوري أو الديمقراطي.

أما بالنسبة لتوجهات الناخب الأميركي، قال الغول إن "الرئيس ترامب استغل موضوع (الكرفان) او مسيرة المهاجرين من الهندوراس بشكل يناسب توجهات ناخبيه، وحتى الناخب المستقل الذي يرفض السياسات المرحبة بالمهاجرين، وعلى سبيل المثال شعبية ترامب في ولاية تينسي الأميركية ارتفعت الشهر الماضي بحدود 11% بسبب تصريحاته حول حق منح الجنسية للأطفال الذين يولدون في أميركا وموضوع مجابهة قافلة الهندوراس وبناء الجدار".

وأضاف: "لكن على الجانب الآخر، الديمقراطيون لديهم كل الرغبة في التخلص من ترامب ومن يمثّل ترامب وأجندته وخاصة بعد كل الإشكاليات التي رافقت السنتين الماضيتين من عهد ترامب في الرئاسة الأميركية، العرب والمسلمون على الأقل في منطقتي والدائرة الانتخابية زادت مشاركتهم بنسب خيالية بحدود 300% وهناك أناس يشاركون لأول مرة في الانتخابات وهذه الأصوات غالبًا تذهب للحزب الديمقراطي وهذا مؤشر إيجابي".

وأظهرت استطلاعات الرأي الأمريكية أن الحزب الديمقراطي يمكنه استعادة السيطرة على مجلس النواب، في حين سيحتفظ الحزب الجمهوري بمجلس الشيوخ.

وفي حال صدقت نتائج الاستطلاعات وفاز الديمقراطيون في أغلبية مجلس النواب، من المنتظر أن تثار مسألة فصل الرئيس ترامب أم لا، مع استئناف التحقيقات في القضايا المرتبطة بترامب كالتدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية عام 2016 وغيرها. أما إذا فشل الديمقراطيون في السيطرة على مجلس النواب، سيكون من الصعب عليهم التأثير على أي قرار سياسي في المستقبل.

واحتدم الصراع في الأسابيع الأخيرة بين الديمقراطيين والجمهوريين خلال الحملات الدعائية التي سبقت الانتخابات، وركّز الديمقراطيون بزعامة الرئيس السابق باراك أوباما على فوائد التأمين الصحي في إطار نظام "أوباما كير" والذي يهدد الجمهوريون بإلغائه، في حين ركّز الجمهوريون بقيادة ترامب على الازدهار الاقتصادي في البلاد، ومواجهة الهجرة.