تقرير: الحارث الحصني

بعد أن هدم الاحتلال عددا من خيام سكنية، وبركسات أغنام، للمواطن عمر عارف بشارات، من سكان منطقة الحديدية في الأغوار الشمالية، قبل حوالي شهر، ظلت عائلته على مدار أسبوع آخر، تستخدم أحد بركسات جيرانه، الذي يبعد عن مكان خيامه القديمة تقريبا 150 مترا، للمبيت فيها.

يقول بشارات: "يستخدم هذا البركس الذي مكثنا فيه، بالأساس للأغنام(..)، ولقد استحدثنا جزءا منه لنا وبتنا بداخله".

وبعد الهدم الأول، قدمت مؤسسات مانحة عددا من الخيام السكنية، وبركسات الأغنام، للمواطن بشارات، بدلا من تلك التي هدمتها جرافات الاحتلال الشهر الماضي، وعندما أقام بشارات تلك الخيام، بدأت ما تسمى بـ"الإدارة المدنية"، ترافقها مركبات عسكرية، بشكل يومي بالتجول في المنطقة.

ويقول بشارات: "كنت أتوقع أن يحدث هذا الشيء، هذه المرة السادسة التي يهدم فيها الاحتلال مساكني".

وخلال الفترة الماضية، بدأ ناشطون حقوقيون بالتحذير من عمليات هدم لخيام بشارات مجددا.

ويقول الناشط الحقوقي عارف دراغمة:" بشكل شبه يومي، وقوات الاحتلال و"الإدارة المدنية" تتواجد في المنطقة، وهددوا بشارات أكثر من مرة بهدم كل ما يبينه". وفعليا حدث اليوم ما توقع به دراغمة قبل يومين.

فصباحا، عندما كان الرجل يُطعم خرافه، تلقى اتصالا من أحد أقربائه الذين شاهدوا خروج الشاحنات من مستوطنة "روعي"، ومباشرة بعد أن وصلت تلك القوة الاحتلالية الى المكان، أغلقت كافة المداخل التي تؤدي إليها، وبعد محاولات من الاقتراب إلى المكان تخللها مشادات كلامية، منع الاحتلال كافة الطواقم الإعلامية، والحقوقيين من الاقتراب.

وعند وصول تلك الشاحنات الثقيلة، يرافقها عدد من المركبات العسكرية للخيام، بدأ العمال المرافقون لهم، بإفراغ تلك البركسات والخيام السكنية من محتواها، وتفكيكها، ومن ثم استولوا عليها.

ويقول بشارات: طلبت من إحدى زوجاتي، وأطفالي، أن يظلوا في الخيمة مهما حصل، لكنهم أخرجوهم بالقوة".

واستغرقت العملية كلها ثلاث ساعات، استولى فيها الاحتلال على 5 خيام سكنية، وبركسين سكنيين، وبرسكا للماشية، إلا أن البركس الذي استخدمته عائلة بشارات للمبيت لأسبوع كامل، ظل مكانه.

واقفا بين الأغراض المنزلية التي ظلت على أرضها دون غطاء، يوضح بشارات لمراسل "وفا" :" لم أكمل إطعام ماشيتي صباحا، لا يريدون أن أبقى في هذه المنطقة".

في الوقت ذاته، عندما كانت إحدى زوجات بشارات في داخل البركس اليتيم، الذي توسط خيامه وبركساته المهدَمة، ترفع يديها وهي تصلي، في حركة تشي بالدعاء، تقول بعد انقضاء صلاتها، وقد فضلت عدم الكشف عن اسمها: " كنت أدعو الله أن يخلصنا من هذا الاحتلال(..)، لم يهمهم الأطفال".

وكان عدد من جيران الرجل، وأقرباؤه وصلوا فور مغادرة الاحتلال للمنطقة، يتحلقون بشكل دائري، يتحدثون بنبرات عن رفض الاحتلال منحهم تراخيص بناء لهم، وهدمه في المقابل لتلك المنشآت؛ بحجة عدم الترخيص.

وفي حركة دائرية ودؤوبة حول أغراضه الملقاة على الأرض، ظل الرجل خلال ساعتين، يشرح للوافدين في أوقات متتالية، كيف حدث الأمر.

ويستخدم المواطنون البركسات المصنعة من الحديد، والخيام، بشكل أساسي لمأوى لهم، ولأغنامهم، في مناطق الأغوار الشمالية بشكل عام.

ويسعى المواطنين في مناطق الأغوار للحصول على تراخيص بناء لتلك الخيام؛ ليتفادوا بذلك الهدم، لكن الاحتلال يمتنع عن منحهم التراخيص، ويكتفي بشكل عام بمنحهم قرارات احترازية.

وبحسب ما نشره مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان "بيتسلم"، على موقعه الالكتروني، فإن الإدارة المدنية ترفض على نحوٍ شامل تقريبًا إصدار تراخيص بناء للفلسطينيين مهما كان نوع البناء - منازل أو مبانٍ زراعية أو مبانٍ عامّة أو مرافق ومنشآت بُنى تحتيّة.

وتضيف "بيتسلم": "عندما يبني الفلسطينيون دون ترخيص -لأنّه لا خيار آخر لديهم- تصدر الإدارة المدنية أوامر هدم للمباني بعضها تنفّذه فعليًّا، وحيث لا ينفَّذ أمر الهدم يُجبر السكّان على العيش في انعدام يقين دائم".

وتقول "بتسيلم" كما ورد على موقعها الإلكتروني، إنه في الفترة ما بين 2006 وأيلول 2017، هدمت "الإدارة المدنية" 698 وحدة سكنيّة على الأقلّ في بلدات فلسطينية في منطقة الأغوار، كان يسكنها .2948 مواطنا.