أن نكتب دائمًا بلغة التفاؤل والأمل، هذا لا يعني أبدًا أن نتجاهل حقيقة الأوضاع الصعبة التي نعيش على أكثر من مستوى، كما لا يعني قطعًا ألّا نعترض على واقع الانقسام البغيض، الذي ما زالت "حماس" تغذّيه بسياسات وخطابات الفتنة والإقصاء والانفصال، والتي لا نرى فيها غير أنَّها سياسات وخطابات لا تصب في المحصّلة إلا في طاحونة الاحتلال الإسرائيلي، وسعيه المحموم لتدمير المشروع الوطني الفلسطيني التحرُّري! وحين لا نتجاهل أوضاعنا الصعبة التي ما زال الاحتلال منتِجَها الأول، وحين نعترض على واقع الانقسام البغيض، فلأنَّ لغة التفاؤل والأمل هي من يحرّضنا على ذلك، ومن حيث إنّها لغة التحدي، ولغة التطلُّع، والأهم أنّها اللغة التي تعبّر عن "تفاؤل الإرادة" التي تجاور "تشاؤم العقل" في معادلة المفكر الإيطالي "غرامشي" كي لا تسود جائحة اليأس والإحباط، الجائحة التي لا تقود إلى غير الهزيمة والعدمية في محصلتها!!
وألا نتجاهل أوضاعنا الصعبة، يعني أن نشير إلى دروب الخلاص منها، وكل ما يتعلّق بالتصدي للاحتلال وحضوره العنيف والمكلف، فإنَّ الواقعية النضالية هي ما يفرض تفاؤل الإرادة، من أجل مقاومة فاعلة، بعيدًا عن الشعارات الشعبوية الاستهلاكية، ومعادلات الخديعة البلاغية!! وكلما يتعلّق الأمر بأوضاعنا الداخلية، فإنَّ النقد المسؤول، النقد البنّاء الخالي من التشكيك والاتهام وجلد الذات، نقد النصوص الرصينة، في مواقعها الملزمة إن صح التعبير، هو الكفيل بإقرار مخرجات التصويب الممكنة.
وبالطبع ليس الأمر أمر لغةً، بقدر ما هو أمر الرؤية، والإرادة الحرة، والثقة بمستقبل الحرية والاستقلال، وبحكم هذا الأمر وبواقعيته النضالية، لطالما شدَّد ويشدِّد الرئيس أبو مازن على أنَّ المستقبل لنا، وكما أكَّد يوم افتتاح مستشفى "اتش كلينيك" في رام الله الأسبوع الماضي "ثقوا أنه سيكون لنا وطنٌ عظيم، ودولة عظيمة ومستقلة، وعاصمتها القدس الشريف"، وبالقطع ليست هذه مجرّد كلمات، بقدر ما هي قرار الإرادة الحرة، وتفاؤلها، الذي كلّما كان قويا كان منتجًا، وللحكمة أمثولتها التي قالت وتقول: (تفاءلوا بالخير تجدوه).
بلغة التفاؤل والأمل والإرادة الحرة، سنواصل نص المستقبل الذي لا يقبل بفذلكات التثاقُف والأستذَة، والذي يحترم عقل المتلقي وأخلاقيات الكتابة، والذي قبل ذلك وبعد كل ذلك، لا يخشى في الحق لومة لائم.