انطلقت في مدينة جدة السعودية، يوم الأحد، أعمال الاجتماع الطارئ لوزراء خارجية دول منظَّمة التعاون الإسلامي، لبحث خطوات جادة للرد على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول نيته ضم أراضٍ من الضفة الغربية.
وكانت المملكة العربية السعودية قد دعت الأربعاء الماضي إلى عقد اجتماع طارئ لمنظَّمة التعاون الإسلامي على مستوى وزراء الخارجية لبحث تصريحات نتنياهو، ووضع خطة تحرك عاجلة لمراجعة المواقف تجاه إسرائيل بهدف مواجهة هذا الإعلان، والتصدي له واتخاذ ما يلزم من إجراءات.
المالكي: محاولات إسرائيل لتغيير التركيبة السكانية للأرض الفلسطينية المحتلة مرفوضة ودون أي أثير قانوني
وقال وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي، خلال كلمته أمام الاجتماع، إن "محاولات إسرائيل لتغيير التركيبة السكانية والطبيعية والهوية والوضع القانوني للأرض الفلسطينية المحتلة منذ حزيران 1967، بما في ذلك القدس الشريف، مرفوضة ودون أي أثير قانوني. ولا تزال تلك الأرض محتلة، وهي حقيقة أكدها مجلس الأمن والجمعية العامة، ومحكمة العدل الدولية، والمجتمع الدولي بكامله وبشكل لا لبس فيه".
وشدد المالكي على أن "جميع الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل لتأكيد سيطرتها وسيادتها على أرضنا، بما في ذلك تهديدات وتدابير الاستعمار والضم، غير قانونية، لاغية وباطلة، وإن الحظر الدولي على الاستيلاء على الأراضي بالقوة مصان ولا يمكن أن يكون هناك أي استثناء لهذه القاعدة الآمرة في القانون، وهذا ما أكده مجلس الأمن بشكل واضح من خلال قرارات عدة عبر العقود الماضية، وهي لا تزال صالحة وواجبة الاحترام."
وقال المالكي "إن غياب المساءلة مكّن إسرائيل من الإفلات من العقاب وعزز تقاعس المجتمع الدولي وفشله في فرض حد أدنى إن العواقب، ناهيك عن العقوبات، عزز من صلف إسرائيل وتحديها الصارخ للإجماع الدولي وانتهاكات القانون الدولي، بما في ذلك ارتكاب جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية. لقد صعدت إسرائيل من انتهاكاتها لأنها باتت مقتنعة بأنها دولة فوق القانون."
وأضاف ان "الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني يجري ترسيخها على الأرض بدعم وقبول وحماية وتغطية من الإدارة الاميركية الحالية؛ وتجتمع معهم ثلة من الدول التي تشاركهم، فيما يبدو، أيديولوجيا وتتبنى فكر الاستبداد والإقصاء المنحرف، بما في ذلك العداوة الكامنة تجاه الشعب الفلسطيني وحقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير، منطلقين في كثير من الأحيان من ميولهم وسياساتهم المعادية للسلام."
واعتبر المالكي "أن القرارات والإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الإدارة الأميركية الحالية، والتي تضرب أسس القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة والإجماع الدولي طويل الأمد حول حل الدولتين على حدود عام 1967، قد ساهم وبشكل مباشر في زيادة جرأة إسرائيل وحصانتها من العقاب. والخطوات الأبرز وضوحا في هذا الصدد كانت الاعتراف بضم إسرائيل غير القانوني للقدس الشريف والجولان السوري المحتلين. في هذا السياق، علينا أن نعترف أيضا أن الإدانة الدولية الشديدة لهذه الخطوات لم تشكل رادعا لإسرائيل حتى الآن، بسبب غياب المساءلة والمحاسبة".
وقال إنه "بعد هذه التهديدات المتكررة والاستفزازية بضم المستعمرات الإسرائيلية غير القانونية في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك تلك التي تنهش قلب وروح القدس الشريف، والتي حذرنا من خطورتها مراراً وتكرراً، وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي تهديداً آخر جديد وخطير، حين أعلن في 10 أيلول/سبتمبر اعتزامه في حال أعيد انتخابه، تطبيق السيادة الإسرائيلية على وادي الأردن في الضفة الغربية المحتلة وضمه لها، وأطلق على المنطقة "حدود إسرائيل الشرقية" ووعد بأن تكون هذه العملية مقدمة لضم كل المستوطنات غير الشرعية في الضمة الغربية، مؤكداً في الوقت ذاته أن هذه الخطوات ستتم بالتنسيق مع والدعم الكامل من الإدارة الأمريكية الحالية والتي بدورها قالت أنها لا ترى تعارضاً بين ضم غور الأردن وخطتها المزعومة.
واعتبر المالكي أنه "لا يمكن المبالغة في مخاطر هذا الإعلان الخطير، الذي يستهدف بالأساس نسف الأسس لأي تسوية سياسية مقبولة فلسطينياً وعربياً وإسلامياً ودولياً في المستقبل في سياق حل الدولتين، الأمر الذي يتطلب منا جميعاً العمل على كافة المستويات لمنع جريمة ضم أي جزء من أرض دولة فلسطين. يجب ألا نسمح لدولة مارقة أن تهدد الأمن والاستقرار الدوليين أو أن تفرض مخططاتها العدوانية والتوسعية تحت أي ذريعة، وأنه حان الوقت لإنهاء إفلات إسرائيل التاريخي من العقاب ووقف هذا الجنون، الذي إذا ما استمر لا يمكن إلا أن يزيد هذا الوضع الكارثي صعوبة ويعمق معاناة الشعب الفلسطيني ويديم الصراع، بل يمكن أن يحوله إلى صراع ديني إذا ما استمر معسكر المتطرفون في إسرائيل وواشنطن في تأجيج واستفزاز المشاعر القومية والدينية للعرب والفلسطينيين والمسلمين حول العالم، ويجب العمل بشكل جماعي وموحد على كافة المستويات الدولية ومع المجتمع الدولي لدفعهم لتحمل مسؤولياتهم وتنفيذ الإرادة الدولية المتمثلة في معايير الحل العادل والدائم وفقا للقانون الدولي، والقرارات ذات الصلة، ومبادرة السلام العربية، وأن أي تقاعس في هذا أمر غير مبرر وغير مقبول وغير معقول.
ولفت المالكي الى أن "التراجع في الدعم السياسي والمالي والمعنوي المقدم للشعب الفلسطيني والاهتمام بالقضية الفلسطينية في الآونة الأخيرة ساهم في تشجيع إسرائيل، على اتباع نمط من الإجرام المعلن والذي لا يقيم وزناً لأي اعتبارات قانونية أو سياسية أو دينية، ودفع الأحزاب السياسية الإسرائيلية الرئيسية إلى تبني برامج انتخابية تتضمن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية علناً، بما فيها الضم والتهجير. وأبرز من مثل هذا التوجه الخطير هو رئيس الحكومة الإسرائيلية الحالية، الذي وعد ناخبيه تكراراً بضم المستعمرات الإسرائيلية غير القانونية والاستيلاء على مساحات من أرض دولة فلسطين".
وطالب المالكي وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي، باتخاذ خطوات حازمة تؤكد بشكل لا لبس فيه على عدم شرعية وجود إسرائيل في أرض دولة فلسطين وعدم قانونية السيطرة على أي شبر من الأرض العربية المحتلة. وقال: "بعد أكثر من نصف قرن من السيطرة العسكرية غير القانونية على أرض دولة فلسطين، والتي تخللها تهجير قسري للسكان الفلسطينيين ومصادرة أراضيهم وإحلال المستعمرين الإسرائيليين مكانهم، والضم، وغيرها من الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي، أصبح لزاما علينا ابراز الطبيعة والمكانة الحقيقية لوجود إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشريف. ويجب التحرك على مستوى الأمم المتحدة والمحافل الدولية ذات الصلة لترسيخ ذلك والتأكيد على أن إنهاء هذا الوضع الشاذ وغير القانوني يشكل حماية للمنظومة الدولية برمتها وأساسا للحل الذي تنشده الأسرة الدولية والسبيل الوحيد لوضع حد للممارسات الاستعمارية لإسرائيل وكافة الانتهاكات والممارسات غير القانونية والعنصرية المرتبطة بها."
وقال: "يتوجب على الأمة الإسلامية، من خلال منظمة التعاون الإسلامي، أن تأخذ الصدارة في تغيير المعادلة والبدء بتدفيع إسرائيل وحلفائها أثماناً سياسية واقتصادية باهظة في سياق المحاسبة والمسائلة، ويجب اعتماد خطوات فورية تحمِّل إسرائيل، سلطة الاحتلال غير الشرعي، مسؤولية انتهاكاتها وتكبدها ثمناً مقابل استمرار ارتكابها، بما في ذلك فرض العقوبات عليها. علاوة على ذلك، يجب مطالبة الدول مراجعة علاقاتها مع سلطة الاحتلال غير الشرعي ومطالبتها بضمان ألا تساهم هذه العلاقات بشكل مباشر أو غير مباشر في ترسيخ هذا الوضع غير القانوني. وفي حال إصرار إسرائيل وحلفائها على المضي في نهجها المارق، يجب تبني إجراءات عملية جماعية تجاهها، بما في ذلك تلك الدول التي نقلت سفاراتها الى القدس او فتحت مكاتب تجارية تحمل الصفة الدبلوماسية أو اعترفت بالقدس عاصمة لإسرائيل، مثل غواتيمالا، وهندوراس، والمجر وغيرها من الدول التي تجرأت على مخالفة القانون وارتكبت هذه الأفعال غير القانونية. إذ لا يعقل أن يكون هناك أي نوع من العلاقة مع هذه الدول في الوقت الذي تتحدى فيه كافة الأعراف والقوانين الدولية التي تؤسس للعلاقة معها وأن تستفز مشاعر الأمة دون ثمن".
وأضاف "نحن على قناعة بأن أمتنا تمتلك الأدوات اللازمة للدفاع عن فلسطين وفي القلب منها القدس الشريف والتأكيد لشعوبنا؛ إلى أكثر من مليار مسلم، إننا حماة هذه الأرض المقدسة، ارض فلسطين، ومكانتها العالمية كمركز للوئام بين الأديان والمؤمنين. على مر العقود، اعتمدت منظمة التعاون الإسلامي قرارات واضحة لا لبس فيها، تحدد الخطوات العملية، على المسارات السياسية والاقتصادية والقانونية، التي يجب على جميع الدول الأعضاء اتخاذها رداً على الأعمال العدائية وغير القانونية التي تقوم بها إسرائيل ومن يساندها، بما فيها بخصوص ضم إسرائيل غير الشرعي للقدس الشريف. اليوم، يتم اختبار هذه المواقف. فعقب هذه التهديدات التي أطلقها رئيس وزراء إسرائيل، المحتل غير الشرعي، نحن ملزمون بإرسال رسالة لا لبس فيها تعبر عن الوحدة والعزم والجدية من الأمة من خلال وضع قراراتنا موضع التنفيذ في إطار خطة تحرك واسعة لا تتوقف الا بإنهاء آخر تجليات هذا النظام الاستعماري وزواله."
واختتم المالكي كلمته أمام اجتماع وزراء خارجية التعاون الإسلامي، بأنه لا يمكن التقليل من خطورة الموقف الذي نجتمع من أجله اليوم، وقال: "السؤال اليوم ليس ما هي خطط ومشاعر الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي. السؤال الصعب اليوم، هو، ما هي الإجراءات، وليس الكلمات، التي ستتخذها الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي للدفاع عن حقوق شعب فلسطين وعن القدس وفلسطين؟ سيحكم التاريخ على كل من تخلى عن مسؤوليته في الدفاع عن القدس الشريف ولن يكون رحمياً. الله سبحانه وتعالى يراقبنا. وسيحكم علينا جميعاً. شعوبنا تتوقع منا العمل الفعال ولا يمكننا أن نخذلهم. "
وأعرب المالكي عن امتنانه للدول الأعضاء في التعاون الإسلامي على ردهم الحاسم على تصريحات نتنياهو، وعلى جهودهم ومشاركتهم في هذا الاجتماع، وكذلك للأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي لجهوده المستمرة لتعزيز مبادئ منظمة التعاون الإسلامي والنهوض بها ودعمها المستمر لقضية فلسطين العادلة.
وكان وزير الخارجية رياض المالكي، قد أعرب في مستهل كلمته أمام اجتماع وزراء خارجية التعاون الإسلامي، "عن وافر تقدير الشعب والقيادة الفلسطينية، وعلى رأسها الرئيس محمود عباس، للمملكة العربية السعودية الشقيقة (رئيس القمة الإسلامية)، على سرعة التحرك للرد على التصعيد بالغ الخطورة من قبل رئيس وزراء إسرائيل، والمتمثل بالإعلان عن نيته ضم أجزاء من الأرض الفلسطينية بالقوة، وثمن دور المملكة القيادي والبارز  في الدعوة الفورية لعقد هذا الاجتماع لوضع خطة تحرك عاجلة ومراجعة المواقف تجاه إسرائيل، سلطة الاحتلال غير الشرعي، لمواجهة هذا الإعلان والتصدي له واتخاذ ما يلزم من إجراءات بهذا الصدد.
وزير الخارجية السعودي: الإجراءات الإسرائيلية باطلة وفلسطين ستبقى القضية المركزية
وقال وزير الخارجية السعودي إبراهيم العساف، خلال افتتاح الاجتماع، إن الإجراءات الإسرائيلية باطلة وكل ما ينتج عنها باطل ومرفوض، وندين التصعيد الخطير من جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي أعرب الأسبوع الماضي عن نيته – إذا فاز بالانتخابات الإسرائيلية المقبلة- ضم أراضٍ من الضفة الغربية المحتلة عام 1967م، وغور الأردن"، بحسب ما أفادت به قناة العربية.
كما شدد على أن القضية الفلسطينية ستبقى المركزية للعرب رغم التحديات، داعيا المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته أمام الانتهاكات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني.
وكانت السعودية قد دعت الأربعاء الماضي إلى عقد اجتماع طارئ لمنظمة التعاون الإسلامي على مستوى وزراء الخارجية لبحث تصريحات نتنياهو، ووضع خطة تحرك عاجلة وما تقتضيه من مراجعة المواقف تجاه إسرائيل بهدف مواجهة هذا الإعلان، والتصدي له واتخاذ ما يلزم من إجراءات.
وأكدت السعودية أن هذا الإعلان يعتبر تصعيدا بالغ الخطورة بحق الشعب الفلسطيني، ويمثل انتهاكا صارخا لميثاق الأمم المتحدة، ومبادئ القانون الدولي، والأعراف الدولية، معتبرة أن من شأن تلك التصريحات تقويض جهود تسعى لإحلال سلام عادل ودائم، إذ لا سلام من دون عودة الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتمتع الشعب الفلسطيني بحقوقه غير منقوصة.
العثيمين: نطالب بوضع حد لسياسات إسرائيل العدوانية ضد الفلسطينيين
ودعا الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، يوسف العثيمين، المجتمع الدولي إلى وضع حد لسياسات إسرائيل العدوانية ضد الشعب الفلسطيني.
وقال إن "الاجتماع الطارئ للتعاون الإسلامي يعكس محورية ومركزية القضية الفلسطينية".
وأدان التصعيد الأخير لرئيس الوزراء الإسرائيلي، مؤكدًا أنه ضمن محاولات إسرائيل المستمرة لتغيير الهوية التاريخية لفلسطين.
وأضاف: "إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي الأخير غير مسؤول ويعبر عن سياسة استيطان ممنهجة".
وأكد العثيمين على أن العمل العدواني للحكومة الإسرائيلية يشكل انتهاكا لقرارات مجلس الأمن وقال: "نؤكد رفضنا المطلق لعدوان الحكومة الإسرائيلية على سيادة الأراضي العربية".
وشدد على أنَّه "لا سلام في الشرق الأوسط دون إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية".