قالت منظمة العفو الدولية "إن فلسطينيي الـ"1948" المنتَخبين في الكنيست الإسرائيلية مستهدفون بأنظمة وقوانين تمييزية تقوِّض قدرتهم على تمثيل الأقلية الفلسطينية في إسرائيل والدفاع عن حقوقها".
وتطرّقت في تقرير أعدته قبل موعد الانتخابات الإسرائيلية التي ستُعقد في 17 سبتمبر/أيلول، بعنوان "منتَخبون لكن مقيَّدون: تضييق المجال أمام البرلمانيين الفلسطينيين في الكنيست الإسرائيلية" إلى تعرض أعضاء الكنيست الفلسطينيين للتهديد، بسبب التغييرات التشريعية ومشاريع القوانين المقترحة، وأنظمة الكنيست التي تنطوي على التمييز.
كما يسلِّط الضوء على الخطاب التحريضي الذي يستخدمه الوزراء الإسرائيليون للتشهير بأعضاء الكنيست الفلسطينيين، ويفضح كيف أن مشاريع القوانين التي يقدمونها قد شُطبت على نحو مجحف بناءً على أسس تنطوي على التمييز.
وقال نائب مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة صالح حجازي: إن أعضاء الكنيست الفلسطينيين في إسرائيل يتعرضون لهجمات تقوم على التمييز على نحو متزايد، وعلى الرغم من كونهم منتخبين بشكل ديمقراطي، شأنهم شأن الآخرين، فإنهم يشكلون هدفا للتمييز المتجذر والقيود غير المبررة التي تَشُلّ قدرتهم على رفع صوتهم دفاعا عن حقوق الفلسطينيين".
وأوضح أن القيود المتزايدة التي يواجهها أعضاء الكنيست الفلسطينيون هي جزء من نمط تمييز صارخ لدى السلطات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين داخل إسرائيل، مشيرا إلى أن الفلسطينيين يشكلون 20% من مجموع سكان إسرائيل، وعلى الرغم من اعتراف القانون الإسرائيلي والقانون الدولي بحقهم في المشاركة السياسية والتمثيل السياسي، فإنهم في الممارسة العملية يواجهون تمييزاً على نطاق واسع، بما في ذلك ما يتعلق بالحق في المواطنة، والسكن، والتعليم، والرعاية الصحية.
وحسب تقرير المنظمة، "قانون الدولة القومية" الإسرائيلي (المعروف رسمياً باسم "قانون أساس: إسرائيل-الدولة القومية للشعب اليهودي") الذي دخل حيز التنفيذ عام 2018، يعرِّف إسرائيل بأنها دولة قومية للشعب اليهودي، ويرسِّخ عدم المساواة والتمييز ضد غير اليهود دستورياً. إذ أن القانون يمنح حق تقرير المصير لليهود حصراً.
وينص على أن الهجرة التي تؤدي إلى اكتساب المواطنة تلقائياً تقتصر على اليهود، ويشجع بناء المستوطنات اليهودية، ويخفض مكانة اللغة العربية من كونها لغة رسمية.
وأضاف التقرير: في السنوات الأخيرة عمدت السلطات الإسرائيلية إلى تصعيد خطابها التمييزي ضد الأقليات وتهميش المجتمعات المحلية؛ ما أدى إلى تضييق المجال أمام الذين يدافعون عن حقوق الفلسطينيين. كما أنها هددت وقامت بالتشهير بحق منظمات المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان، بالإضافة إلى المنظمات الدولية، ومنها منظمة العفو الدولية.
التمييز الصارخ في الكنيست
وجاء في التقرير: حدَّدت المنظمة مجموعة من التعديلات القانونية والأنظمة والممارسات في الكنيست التي تسهِّل ممارسة التمييز ضد أعضاء الكنيست الفلسطينيين. فالتعديل التشريعي لعام 2016 الذي يسمح لأعضاء الكنيست بطرد أعضاء منتخبين في الكنيست بأغلبية الأصوات، على سبيل المثال، يعني أن الأعضاء الذين يعبِّرون عن وجهات نظرهم أو آرائهم السياسية السلمية التي تُعتبر غير مقبولة من قبل أغلبية أعضاء الكنيست يمكن أن يتعرضوا للطرد. وقد وصف أحد أعضاء الكنيست العرب هذا التعديل بأنه "سيف مصلت على رقابنا من قبل أعضاء الكنيست الذين يعارضوننا سياسياً"، وبيَّن أن التعديل يهدف إلى ترهيبهم وإسكاتهم.
كما يسلِّط التقرير الموجز الضوء على المواقف التمييزية الصارخة، والخطاب التقسيمي الذي يستخدمه السياسيون الإسرائيليون. فقد صرح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إن "إسرائيل ليست دولة لجميع المواطنين... بل هي الدولة القومية للشعب اليهودي وحده".
ويستخدم مسؤولون حكوميون إسرائيليون كبار وأعضاء اسرائيليون في الكنيست لغة التحريض والتشهير لوصف أعضاء الكنيست الفلسطينيين، في محاولة واضحة لنزع الشرعية عنهم وعن عملهم. فقد وُصفوا بأنهم "خونة"، وواجهوا دعوات لاعتبارهم "خارجين على القانون" أو محاكمتهم بتهمة "الخيانة".
لقد أُسيء استخدام أنظمة الكنيست، التي وُضعت في الأصل بهدف فرض الممارسات الأخلاقية، من أجل تقييد حق أعضاء الكنيست الفلسطينيين في حرية التعبير دون مبرر. إذ مُنع اثنان منهم من السفر إلى الخارج بتمويل من منظمات غير حكومية مُدرجة على "القائمة السوداء" التي وضعتها الحكومة الإسرائيلية بسبب تعديل أُجري في عام 2018. ونصَّ على منع عضو الكنيست من السفر إذا كانت رحلته مموَّلة من قبل هيئة "تدعو إلى مقاطعة دولة إسرائيل".
 وفي الوقت الذي لا تدعو منظمة العفو الدولية إلى تبني أية أشكال مقاطعة محددة، فإنها تعتبر الحق في الدعوة إلى أو المشاركة في المقاطعة شكلاً من أشكال التعبير الحر الذي يتعيَّن على السلطات احترامه وحمايته.

كما يبيِّن التقرير الموجز أنه منذ 2011 تم شطب ما لا يقل عن أربعة مشاريع قوانين تتعلق بحقوقهم، بما فيها الحق في المشاركة في الحياة العامة حتى قبل وصولها إلى مرحلة طرحها للمناقشة في الكنيست.
وقال صالح حجازي إنه "يتعين على الكنيست الإسرائيلية إلغاء أو تعديل كل قانون يسهِّل التمييز ضد أعضاء الكنيست الفلسطينيين وغيرهم من المواطنين الفلسطينيين داخل إسرائيل، بدءاً بـ"قانون الدولة القومية."
واختتم قائلا: إن السلطات الإسرائيلية يجب أن تضع حدا للقيود التمييزية ضد أعضاء الكنيست الفلسطينيين، وأن تكفل احترام حقهم في حرية التعبير. كما ينبغي وقف استخدام الخطاب التحريضي الذي يعزل الممثلين المنتخبين الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والمساواة.